السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مخاوف أفغانية... بعد انسحاب القوات الدولية

مخاوف أفغانية... بعد انسحاب القوات الدولية
18 مايو 2013 22:19
هوارد لافرانشي أفغانستان تعاني أفغانستان من أزمة ثقة خطيرة، وبالنظر إلى ما يواجه البلاد من تحديات في مستقبلها القريب فإنه ليس من الصعب معرفة السبب، فالسنة المقبلة التي ستشهد موعد الانتقال الأمني والسياسي والاقتصادي من مرحلة إلى أخرى تعِد برياح عاتية ستهب على البلاد وقد تهز استقرارها وتضرب في العمق ما تحقق من مكتسبات، ولذا ينتاب العديد من الأفغان، سواء كانوا من أصحاب البقالات البسيطة، أو أعضاء في البرلمان، شعوراً طاغياً بعدم اليقين من قدرة البلاد، في وضعها الهش الحالي، على تحمل عواصف المرحلة الانتقالية. فبعد أكثر من عقد على الوجود الأميركي المكثف، ومعه المساعدات الاقتصادية التي أغدقت مليارات الدولارات على أحد أفقر بلدان العالم، تستعد الولايات المتحدة وباقي القوى الغربية، إن لم يكن للانسحاب الكلي، فعلى الأقل لإجراء خفض كبير وجوهري لعديد قواتها. وفي هذا السياق ربما يلزم التذكير أنه بحلول العام القادم ستنتهي المهام القتالية لبعثة حلف شمال الأطلسي العسكرية في أفغانستان، وستغادر الجيوش الأجنبية المنتشرة في البلاد التي يصل قوامها إلى حوالي 99 ألف جندي في أفغانستان في موعد أقصاه ديسمبر 2014، على أن تحل مكانها قوات الأمن والجيش الأفغانيان اللذان سيتوليان المسؤولية الأمنية والتصدي لحركة تمرد ما زالت نشطة. وزيادة على استحقاق الانتقال الأمني الصعب ستشهد البلاد أيضاً استحقاقاً سياسياً لا يقل أهمية يتمثل في عقد انتخابات رئاسية في شهر أبريل المقبل، لتختبر قدرة السكان المنقسمين على أسس عرقية وقبلية، على تشكيل صيغة مقبولة من التوافق السياسي والتوحد وراء رئيس يقودهم في المرحلة المقبلة لما بعد التواجد الأميركي. ولكن بالإضافة إلى أجواء عدم اليقين التي تحف بالعمليتين الأمنية والسياسية، هناك أيضاً الوضع الاقتصادي الذي كان منتعشاً بفضل التواجد الكبير للقوات الأجنبية، حيث يتخوف المراقبون من تراجع النمو الاقتصادي من 10 في المئة خلال السنوات الماضية إلـى ما دون نصف هذه النسبة. ومع أن الميادين الثلاثة التي ستعيش على وقع تحولات العملية الانتقالية من وضع لآخر كفيلة بإثارة قلق أي شعب في العالم مهتم بحالة بلاده الأمنية والاقتصادية والسياسية، إلا أن الحال أشد وقعاً بالنسبة للطبقة الحضرية في أفغانستان التي استفادت خلال السنوات الماضية من مكتسبات القرن الحادي والعشرين تبقى احتمالات النكوص والعودة إلى الوراء مؤلمة للغاية، وهو ما توضحه، فاطمة عزيز، الجراحة وعضو البرلمان الأفغاني من محافظة «كوندوز»، قائلة: «نحن خائفون بشأن المستقبل، فالشرطة الأفغانية ليست بالقوة المطلوبة ولسنا متأكدين من الوضع الأمني بعد مغادرة القوات الدولية». كما أن العديد من سكان العاصمة كابول ونواحيها يكشفون عن توجسهم من احتمال خفض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لقواتهما، بل إن البعض يعبر عن المخاوف من خطر السقوط في الفوضى. ولتأكيد مشاعر القلق أظهر استطلاع للرأي أنجزته «جمعية آسيا» أن ثلث الأفغان يودون مغادرة البلد لو استطاعوا. ومع أن المراقبين يؤكدون تطور أفغانستان في السنوات الأخيرة بما يجعلها بمنأى عن ماضيها، يظل التخوف مسيطراً مع ذلك على قطاعات واسعة من الناس قلقاً من تهديد عودة حركة «طالبان» إلى الحكم. وحتى بعض أبرز قادة البلاد يعترفون بحالة الارتباك التي تتملك الأفغان خوفاً من شبح عام 2014 وإن كانوا في الوقت نفسه يؤكدون قدرة البلاد على تجاوز المرحلة الانتقالية وإنجاحها، حيث يرى «أشرف غاني»، وزير المالية السابق والمرشح الرئاسي في انتخابات عام 2009 الذي حل رابعاً، أن «هناك مشكلة ثقة ترتبط بعامل نفسي مما هو آتٍ في عام 2014». ويضيف غاني الذي يرأس حالياً لجنة وطنية حول الانتقال أن ما تحتاجه البلاد في هذه المرحلة هو «حوار وطني» لإعداد البلاد للسنة المقبلة، وعلى هذا الحوار الوطني، يقول «غاني»، ألا يركز فقط على المصالحة مع «طالبان» التي ما زالت تراوح مكانها، بل على بلوغ توافق وطني حول انتخابات 5 أبريل المقبلة. ويرفض «غاني» المخاوف الأمنية التي تنتاب البعض، ولاسيما بعد الانسحاب الأميركي، مستشهداً بأدلة ميدانية يقول إنها تثبت جدارة القوات الأفغانية وعلو كعبها، فضلاً عن الثقة المتنامية للرأي العام في قدراتها، وعن ذلك يقول: «إن الجزء الأمني لا غبار عليه، ولكن المسألة الأهم هي الانتقال السياسي». ومع ذلك يعتقد بعض الخبراء الأفغان ورجال الأعمال أنه لا شيء يستطيع تهدئة المخاوف وتبديد القلق من إعلان أوباما عن إبقاء عدد من القوات بعد عام 2014. وفي هذا السياق راجت تكهنات لشهور أن عدد القوات المتبقية حتى بعد الانسحاب سيظل في حدود ثمانية آلاف جندي أميركي، ومع باقي القوات سيصل الإجمالي إلى 12 ألفاً. وقد أكد أوباما أن القوات التي ستمكث في البلاد ستقتصر مهمتها على التدريب ومكافحة الإرهاب. ولكن بالنسبة لغاني يظل التحدي الأساسي الذي تواجهه أفغانستان هو الانتخابات الرئاسية للعام المقبل، مشيراً إلى أنه ليس هناك أفضل من ضمان انتخابات نزيهة وشفافة لإرجاع الثقة إلى نفوس الأفغان وطمأنتهم حول مستقبل البلاد. ولكن مهما كانت حسنات الحوار الوطني الذي يدعو إليه البعض لتحديد ملامح المستقبل السياسي للبلاد فلن تكون مخرجاته إيجابية إذا اقتصرت على النخب التقليدية في البلاد، فأي جهد لبناء الثقة في أفغانستان لن يكتب له النجاح إذا لم يستجب لتطلعات الأفغان ممن تقل أعمارهم عن 25 سنة والذين يشكلون 70 في المئة من السكان. وحسب «برويز كاوا»، رئيس تحرير صحيفة «هاشت الصبح» بكابول يطرح الاقتصاد الأفغاني تحديات كبيرة لشريحة الشباب، إلا أنه يقر في الوقت نفسه بأولية إنجاح الانتقال السياسي، قائلاً: «علينا أن ننظم انتخابات حرة ونزيهة تعيد الثقة إلى الأفغان». ويضيف «كاوا» أنه على رغم توجس الأفغان من الاستحقاقات القادمة وتساؤلهم المشروع عن مستقبل البلاد بعد انسحاب القوات الدولية، إلا أنه يؤكد أن مغادرة الجيوش الأجنبية تمثل فرصة سانحة لاعتماد الأفغان على أنفسهم وتولي مسؤولياتهم، والرهان، يتابع رئيس التحرير، أن نقنع الأفغان بأن بلدهم قادر على تحمل عملية الانتقال الصعبة، وأنه بتكاتفهم سيكونون قادرين على إنجاح العملية وتجاوز الصعوبات. وكما يقول «غاني»، المرشح الرئاسي السابق: «تواجه القيادة الأفغانية اختباراً صعباً يتمثل في خلق الثقة في المستقبل لدى الشعب الأفغاني»، وهذه المسؤولية التي تتحملها القيادة السياسية في البلاد باعتبارها الأقدر على تهيئة الشعب نفسياً لما ينتظره يعبر عنها مصطفى صديقي، مدير إحدى الشركات الخاصة بأفغانستان، قائلاً «على رغم القلق الذي يسيطر على الناس وتخوفهم المشروع من المستقبل، إلا أنني أحمل المسؤولية بالدرجة الأولى للقيادة السياسية التي لم توضح الأمور للناس ولم تهيئهم بالطريقة المطلوبة»، ويضيف صديقي أن المرحلة المقبلة مفتوحة على جميع الاحتمالات والسيناريوهات، ولعل أسوأها هو «الفراغ الذي سينشأ عندما يغادر حوالي مئة ألف من القوات الأجنبية البلاد»، ولذا كان الأحرى بالحكومة الأفغانية توعية الناس بهذا المعطى ودفعهم للتلاحم وملء الفراغ الناشئ عن الانسحاب بأقل قدر ممكن من الفوضى والخسائر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©