الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحيل «أيقونة» التصوف

20 أغسطس 2017 21:43
فقد السودان صبيحة يوم الاثنين 14-07-2017، عالماً جليلاً، وشيخاً ورعاً، وعلماً من أعلامه، ورمزاً من رموز الاعتدال والوسطية السمحاء، ومصلحاً اجتماعياً من طراز رفيع، لطالما أزاح عن الناس كل الناس عثراتهم، وداوى آلامهم، كان معهم في حزنهم قبل فرحهم، فقد السودان «أيقونة» من الخير والبهاء والجمال، فقد واحداً من الأجلاء، فقد صالحاً متصوفاً، نشر الحب والمحبة والخلق الرفيع بين الناس، إنه الشيخ الدكتور الجيلي بن الشيخ عبد المحمود، مرشد الطريقة السمانية في السودان. الشيخ الدكتور الجيلي بن الشيخ عبد المحمود «الحفيان»، أيقونة السماح، وعنوان الصلاح، لقي ربه راضياً مرضياً عنه، بعد عمر مديد قضاه في خدمة دينه، مترسمـاً خُطى آبائه وأجداده الأوائل من عظماء تاريخ الإسلام في السودان الذين سطروا أروع الأسفار في الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، ورسموا أبهى الملاحم في عوالم ومدارات التجرد والنزاهة، ولعل عظمة الشيخ العلامة الجيلي، يتبدى جلالها وسط ركام السقوط الذي ولغ فيه الكثير من مدعي العلم والفقه في آخر زماننا هذا، السقوط في الغلو والتطرف والإرهاب، البعيد عن سماحة ديننا الإسلامي. لقد سطر شيخنا الجليل بسماحته غير المعهودة في أقرانه من العلماء الأجلاء، سِفراً مجيداً وشهيداً له أمام حاضر الإسلام الذي بتنا نخشى عليه من غلواء التطرف ورمضاء الغلو، دون زيف أو ملق، تسنده جسارة العلم الركين المستمد من روح حنيف الدين. برحيلك شيخنا الجليل الدكتور الجيلي، افتقد السودان قطباً من أقطابه، ورمزاً من رموز كبريائه وعزته وكرامته وكرمه، وتسامحه وحسن تعايشه. ولد الشيخ الجيلي بن الشيخ عبد المحمود بمدينة طابت الشيخ عبد المحمود في وسط السودان يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول من عام 1367 هـ الموافق 27 يناير من عام 1948م. ونشأ في كنف والده الأستاذ الشيخ عبد المحمود الحفيان، فكملت أخلاقه، وتمت فضائله منذ نعومة أظفاره، فبدا نقياً تقياً أبياً سمحاً، طاهر القلب، صافي الودّ، صادق القول، عَفَّ اللسان، مستقيماً رضيّاً زكيّاً، فاجتمع الناس جميعاً على محبته لحسن سيرته، ولما وجدوا فيه من كمال المعرفة وتمامها بالبراهين القاطعة والأدلة الساطعة، جددوا عليه العهد، وأخذوا عليه الطريق، شيوخاً وشباباً، رجالاً ونساء، من عامة الناس وخاصتهم، وكثيرون منهم من روَّاد العلم والمعرفة وطلاب الجامعات وأساتذتها، فزهت به الطريقة، ووجد فيه الأحباب والمريدون ضالتهم المنشودة، فوعظ وعلَّم، وذكَّر ودوَّن، وهو بحق يمثل في كل ميادين استباق الخيرات، الفارس الذي لا يبارى، والعالم الذي لا يجارى، والكريم الذي يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة، والصالح المشهود له بالفضل والبركة، وهو كذلك نموذجاً للتواصل وصلة الأرحام، والعلاقات الخاصة والعامة، يتفقد الجار، ويزور المسكين، ويعود المريض، ويواسي المكلوم، ويشد الرحال لأبعد المناطق في أوعر المسالك، للمواصلة والزيارة والعزاء، وهو بجانب ذلك كله داعية موفق. ألا رحم الله الشيخ الدكتور الجيلي بن الشيخ عبد المحمود، رحمة واسعة، وأسكنه جنات الفردوس، ولأهله ومحبيه ومريديه الصبر وحسن العزاء. الجيلي جمعة - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©