السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوة المطلقة والحقيقة المطلقة

21 مايو 2011 20:09
نجح الإنترنت في التحول إلى أحد أهم أدوات تحقيق العولمة، بما فيها عولمة انتشار وتواصل التيارات والمجموعات المنافسة والمعادية للقوى المهيمنة على هذه التكنولوجيا وهذه العولمة. وبفضل الانترنت نهضت ونشطت قوى «ودول» ومنظمات وشبكات عالمية مناوئة لمحرك النظام العالمي وقطبيته الذي أسس ورعى الشبكة العنكبوتية والقرية الصغيرة الكونية. ويتوقع منظرون أميركيون كثر عصراً لا مكان فيه لقطبية أحادية أميركية، ولا حتى لثنائية قطبية، ويذهب بعضهم إلى أن مثل هذا العصر قد لا يكون متعدد القطبية ليتحدثوا عن عصر عديم القطبية. التاريخ كان دائماً حافلاً بالمتغيرات، وكثيراً منها لم يكن من تدبير فاعل متآمر. قد تكفي نظريات عالم عربي مسلم مثل ابن خلدون لعدم الوقوع المتكرر في فخ الحسابات السياسية التآمرية، ولكن يجب أيضاً عدم تعطيل عقولنا ونسيان أثر التراكمات التي لا تملك أي قوة بشرية عظمى حصرها بمعادلات مبسطة وسطحية لا تذهب أبعد مما تريده الادارة الأميركية وحلفاؤها. بعضنا لا يريد ان يُصدق بأن العالم كله يتغير، بما في ذلك الولايات المتحدة. من هؤلاء كثيرون افرطوا بالمس القريب في التنظير لكيفية تراجع سطوتها، وكيف أصيبت بالكثير من الفشل وكيف لا تزال تتلقى العديد من الضربات في أكثر من مجال واكثر من مكان. وإذ بهذا البعض نفسه يعود ويستنفر فجأة ليضع كل تحول أو حدث في العالم , كبيراً كان ام صغيراً في خانة «القوة المطلقة» التي لا تقهر رغم الفائض الكبير في موروثنا الثقافي والديني بـ»حقائق مطلقة» مخالفة لكل ما هو بشري مطلق وجامد. وسط هذا التناقض الذي تسرب للأسف إلى الكثيرين من المحللين والأكاديميين، يظهر الافتراء الأكبر في رمي التضحيات باللحم الحي والارادات الإنسانية الصارخة للإصلاح والتغيير بأبشع التوصيفات المهينة للذات الانسانية. حتى سياسياً، يغفل الكثيرون عن أننا بدأنا فعلياً نعيش ما يسمى عصر «عديم القطبية» الذي يعيده ريتشارد ن. هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إلى أسباب تتجاوز ضعف وتراجع الولايات المتحدة وتتعلق بأسباب بنيوية أخرى، مثل فقدان الدول القومية احتكارها للقوة، وتحديات المنظمات الإقليمية وتحديات المناوئين للولايات المتحدة وتحديات الأطراف أو المنظمات غير الحكومية والشركات العالمية الكبرى، وتعدد مراكز القوة في عالم الثقافة وعالم الإعلام والمعلومات ومواقع الإنترنت والمدونات التي نافست وكسرت الهيمنة الغربية السابقة على الأخبار والمنتجات الإعلامية العالمية. يساوي هيس بين اهمية انتشار المعلومات وبين اخطر الأسلحة معتبراً أن « انتشار المعلومات هو سبب لعدم القطبية بنفس الدرجة التي يسببها انتشار التسلح « النووي وغيره. ويرى آخرون أن « عدم القطبية هو نتيجة حتمية للعولمة «جراء ازدياد حجم وسرعة وأهمية التدفقات عبر الحدود في كل شيء تقريباً، الضروري والمرغوب والممنوع، الحقيقي من السلع والبشر، والإلكتروني والافتراضي، وهي تدفقات خارجة عن سيطرة الحكومات وبدون معرفتها وتعود لأطراف يصعب حصرها بما فيها المتهمون بالإرهاب.. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©