أمل عبدالله (طرابلس)
أجمع عدد كبير من اللجان الوطنية والخبراء والمحللين في ليبيا على وجود أدلة كافية على تورط قطر وأميرها السابق حمد بن خليفة في عملية قتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مطالبين بمحاكمة أمير قطر السابق أمام المحكمة الجنائية الدولية. وكان آخر من أصدر بياناً بهذا الشأن اللجنة الوطنية الليبية لحقوق الإنسان التي أعربت عن استيائها واستنكارها الشديدين لاستمرار الصمت المريب وغض الطرف من قبل المحكمة الجنائية الدولية، حيال جريمة قتل العقيد الراحل معمر القذافي، ونجله المعتصم بالله، بعد أسرهما في 20 أكتوبر 2011 من قبل قوات المعارضة التابعة للمجلس الانتقالي السابق، متهمة قطر وأميرها السابق حمد بن خليفة بالضلوع في قتل الرئيس الليبي الراحل. وأكدت اللجنة أن جريمة مقتل القذافي ونجله بعد أسرهما على قيد الحياة، والتنكيل بهما وقتلهما والتمثيل بجثتيهما بصورة وحشية، ودفنهما في مكان مجهول، جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاك للقانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف لأسرى الحروب والنزاعات المسلحة، وخارج أي منطق أو اعتبار لآدمية الإنسان.
يذكر أنه قد تم تداول العديد من الدلائل التي تؤكد جميعها تورط أمير قطر السابق في عملية اغتيال القذافي ونجله، لعل في مقدمتها فيديو بثته قناة روسيا اليوم عن معلومات تؤكد وقوف حمد بن خليفة وراء مقتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بعدما أمر شخصياً قائد قواته الخاصة بالإجهاز عليه، وذكرت القناة أن إحدى سفن بلادها التي كانت مرابطة في مياه البحر المتوسّط قبالة الشواطئ الليبية، تمكنت بفضل أجهزة تنصّت من اعتراض مكالمة أجراها قائد القوات القطرية الذي لم يعر اهتماماً للحيطة في خضمّ الفرحة بالنصر الذي شاركت فيه قواته في ليبيا مع أمير قطر شخصياً، أخبره فيها أنه قد أجهز على العقيد الجريح، فأثنى الأمير القطري على الضابط ووعده بمكافأة مجزية.
وعرضت قناة روسيا تصريحات ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في شهر أكتوبر من عام 2011، بخصوص انخراط مئات القطريين منذ بداية الحرب في ليبيا في صفوف الثوار، مؤكداً أنهم ليسوا مدنيين، بل من نخبة القوّات القطرية الخاصّة، كما عرضت القناة مقطع فيديو لسفينة التجسس «روسية» سجلت مكالمة بين وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، والقائد العسكري القطري الموجود على أرض ليبيا لكي يقتل معمر القذافي ولا يسلمه حياً.
كما قام تميم بن حمد، بتكريم الضباط الذين شاركوا في الأحداث الليبية عام 2011، وإسقاط معمر القذافي وقتله، نيابة عن والده حمد بن خليفة بالدوحة.
ولقد اعتبر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي العقيد أحمد المسماري عملية اغتيال القذافي جريمة حرب، وأنها ستكون من ضمن الجرائم التي سيتضمنها الملف الذي يتم إعداده لمحاكمة قطر أمام القضاء الدولي.
وفي هذا الإطار، قال أحمد عبد الحكيم حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إن المعلومات والأدلة تؤكد تورط دولة قطر من خلال الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني في مقتل معمر القذافي، موضحاً أن حمد بن خليفة شخصياً أمر قائد قواته الخاصة بالإجهاز عليه نتيجة وجود معلومات خطيرة كانت بحوزة القذافي عن دور حكام دولة قطر التخريبي، ودعمهم تنظيمات إرهابية ومتطرفة في النيجر وتشاد وأفغانستان والصومال، ومحاولاتهم في إثارة الفوضى ودعم قوى المعارضة المسلحة بالمملكة العربية السعودية والبحرين وسوريا واليمن.
وأضاف أن ذلك ظهر جلياً بعد تكشف النقاب بعد الأزمة القطرية مع الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب بهدف وقف نشاطاتها وتحركاتها الداعمة للحركات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة في البلدان العربية، ما يعد تهديداً وخطراً كبيرين علي الأمن العربي والأمن والسلم الدوليين.
وقال حمزة: «هناك أدلة وحقائق عن الدور القطري في التحريض والإعداد والمشاركة مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في قتل معمر القذافي، وهذه المعلومات والحقائق محفوظة لدينا ضمن ملف الدعوة القضائية التي ستقدم لمكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ولمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ضمن ملف متكامل قانونياً مع تحرك عائلة العقيد الراحل القذافي لقبول الشكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية».
وأوضح أن من بين الدلائل على التورط القطري وجود قائد القوات الخاصة القطرية يوم أسر القذافي بمسقط رأسه بسرت في 2 أكتوبر 2011 ضمن قوات المعارضة الليبية المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي السابق بالمكان نفسه الذي أسر فيه القذافي، وهو ما يؤكد المعلومات التي تحدثت عن تلقيه الأوامر من حمد بن خليفة لتصفية القذافي من أجل طي الأسرار التي يحملها القذافي عن الدور القطري في العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى أن أول قناة عربية ودولية تبث المشاهد الأولى لأسر القذافي وتعذيبه والتنكيل به كانت قناة الجزيرة القطرية، وهذا ليس من باب المصادفة، خاصة أنها عملت على إخفاء وجود أمر القوات الخاصة القطرية في سرت وطرابلس من خلال تغطيتها الخاصة للأحداث الجارية في ليبيا.
وأكد أنه تم تقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية بطلب فتح قضية تتعلق بالدور القطري من خلال حمد بن خليفة في الإعداد والتخطيط وإعطاء الأمور لتصفية القذافي ونجله المعتصم بالله والتخلص منهما بتنسيق مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، والاتهامات المرفقة لملف القضية كانت الإعداد والتخطيط وإعطاء الأوامر لارتكاب جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ومعاهدة جنيف بشأن أسرى الحروب والنزاعات المسلحة، سواء كان في حالة نزاع مسلح داخلي أو نزاع مسلح دولي.
وأشار إلى أنه بموجب المسؤولية القانونية والإنسانية والدولية للمحكمة واختصاصاتها وولايتها القضائية الدولية فيما يتعلق بالملف الليبي، يستوجب عليها قبول الشكوى والدعوة إلى فتح تحقيق دولي شامل حيال مقتل العقيد الراحل معمر القذافي ونجله المعتصم بالله، لكون الجريمة تعد جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وتحديد المتورطين في جريمة مقتله، ومن بينهم أمير قطر السابق والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وملاحقتهم قضائياً من خلال سلطات المحكمة الجنائية الدولية، ونتوقع التجاوب مع هذه الشكوى باعتبار القضية حساسة، ولا يمكن غض الطرف عنها من قبل المحكمة الجنائية الدولية، كما عمدت في غض الطرف عن العديد من الجرائم والانتهاكات والممارسات المشينة والبشعة التي طالت المدنيين الأبرياء من قبل الجماعات والتشكيلات المسلحة، وكذلك من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا.
وقال حمزة إنه في حال عدم تجاوب المحكمة الجنائية الدولية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة تجاه ملف الدعوة القضائية التي ستقدم إليهم فيما يتعلق بتدخل المسؤولين بدولة قطر ودعمهم للجماعات والتشكيلات المسلحة، وكذلك التنظيمات والكيانات والجماعات المتطرفة والمتشددة والإرهابية بهدف توطين خطر وتهديد الإرهاب وإثارة الحرب الأهلية والاقتتال والعنف في ليبيا وملف الدعوة القضائية التي ستقدم إليها فيما يتعلق بالدور القطري والفرنسي في التخطيط والإعداد لتصفية العقيد الراحل معمر القذافي، فسوف نلجأ للمحاكم الدولية والتي من بينها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وللجنة العقوبات الدولية ولجنة الخبراء الدولية بمجلس الأمن الدولي.
وأكد أن قطر في مقدمة الدول التي تتدخل في الشؤون الداخلية لليبيا وتزكي الصراع المسلح وتدعم تنظيمات إرهابية ومتطرفة في ليبيا من خلال العمل علي دعم فصائل إسلامية متطرفة ومتشددة مسلحة وأطراف سياسية إسلامية تنتهج سياسية العنف السياسي وتحاول الاستفراد بإدارة شؤون البلاد من خلال سياسات الإقصاء والعزل والتهميش، موضحاً أن التدخل القطري السلبي في الشؤون الداخلية الليبية والدعم السياسي والإعلامي والمالي والعسكري من جانبها لمجلس شورى مجاهدي درنة التابع لتنظيم القاعدة الإرهابي ومجلس شورى ثوار بنغازي المتحالف مع تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي وسرايا الدفاع عن بنغازي التابعة لتنظيم القاعدة والمرتبط بتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي، وراء عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية وقانونية وحقوقية وإعلامية ضباط وجنود في الجيش والشرطة بشرق البلاد، وفي مقدمتهم النائب العام السابق عبد العزيز الحصادي والجنرال عبد الفتاح يونس والناشطة الحقوقية ونائب رئيس هيئة الحوار الوطني سلوي بوقعيقيص والناشط الحقوقي والمحامي محمد المسماري.
لدينا أدلة وحقائق عن دور أمير قطر السابق في عملية القتل وتم تقديمها ضمن ملف الدعوى القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية
اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا مؤسسة حقوقية ليبية غير حكومية تأسست عام 2012، وتعمل على متابعة ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة، وتسعى لضمان سيادة القانون والعدالة، وتعزيز احترام حقوق الإنسان وحقوق المواطنة في ليبيا. كما تعمل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا على دعم ومساندة جهود الحوار المجتمعي والوطني والسياسي، وتحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة والوفاق الوطني والاجتماعي، ودعم مسيرة تحقيق الاستقرار واستعادة الأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف وإحلال السلام في ليبيا ومتابعة الأوضاع الإنسانية والصحية والطبية وتقييمها وتحسينها.
اللجنة لها خمس مكاتب وعدد أعضائها يبلغ 113، ومنتشرة مكاتبها بالجنوب الليبي وغريان بالجبل الغربي والزاوية وطرابلس وبني وليد وبنغازي والبيضاء وطبرق، والمقر الرئيس للجنة انتقل مؤقتاً إلى مدينة البيضاء شرق البلاد منذ أحداث العنف والاقتتال الذي شهدته العاصمة طرابلس في عام 2015.