الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فريق أوباما الاقتصادي··· هل يعيد الأمل؟

فريق أوباما الاقتصادي··· هل يعيد الأمل؟
25 نوفمبر 2008 01:24
شيئاً فشيئاً بدأت تتضح معالم الفريق الاقتصادي للرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما· فبعد أسبوع قاس على مؤشرات ''وول ستريت''، أثارت التسريبات الإخبارية التي تفيد بتعيين ''تيم جيثنر'' وزيراً للخزانة انتعاشاً كبيراً يوم الجمعة الماضي· وفي عطلة نهاية الأسبوع تحدثت بعض التقارير الإخبارية عن تعيين لاري سامرز في أسمى وظيفة اقتصادية في البيت الأبيض بينما تعهد أوباما في خطابه الإذاعي ليوم السبت بحزمة حوافز اقتصادية ومالية كبيرة· ولكن على الفريق الجديد أن يواصل التقدم وشق طريقه إلى الأمام لأن الإعصار الاقتصادي فعل ما لم يكن يخطر على بال أحد، وما انفك الأمر يزداد سوءاً، وبالتالي، فإنه لا يمكن لـ''جيثنر'' و''سامرز'' الانتظار حتى يناير المقبل لتقديم مزيد من العلاجات والحلول لأن أوباما بات يواجه خطر رؤية تعرض رئاسته للكوارث حتى قبل تنصيبه ودخوله البيت الأبيض· لقد تحولت الأزمة المالية إلى سلسلة من الأزمات المتزامنة التي تتغذى على بعضها بعضاً· ذلك أن الضربة التي تلقاها قطاع العقارات شلت البنوك؛ والبنوك المشلولة حرمت الشركات من الائتمان الذي تحتاجه؛ والشركات المفتقرة إلى الائتمان سرحت العمال؛ والعمال المسرحون تخلفوا عن تسديد أقساط قروض الرهن العقاري، مما عمق أزمة قطاع العقارات· وعلى نحو مماثل، توقفت المؤسسات المالية المشلولة عن تقديم قروض شراء السيارات، وهو ما جعل الناس يعزفون عن شرائها، الأمر الذي دفع شركات صناعة السيارات هي الأخرى إلى شفير الهاوية· وعليه، فإذا انزلق قطاع صناعة السيارات أيضاً إلى الهاوية، فإن جولة جديدة كاملة من فقدان الوظائف والتخلف عن تسديد قروض الرهن العقاري ستعصف بالنظام المالي برمته· واليوم عادت المشاكل التي كان يُفترض أن تكون قد حُلت وبقوة· فقبل نحو عام من اليوم شكل اعتراف شركة ''سيتي جروب'' العملاقة بخسارة كبيرة بسبب قروض الرهن العقاري عالية المخاطر صدمة كبيرة· ولكن شركة ''سيتي'' سرعان ما تمكنت من جمع رأسمال جديد يقدر بمليارات الدولارات؛ ومؤخراً في سبتمبر شعرت بأنها قوية بما يكفي لمحاولة شراء ''واتشفيا''، وهو بنك يمتلك 700 مليار دولار من الودائع· غير أنه نظراً لاستمرار سقوط أسعار المنازل وارتفاع معدلات الديون المتعثرة والمعدومة، تبين أن مليارات الدولارات التي تمكنت ''سيتي'' من جمعها لا تكفي· واليوم وبعد إعلانها عن اعتزامها التخلص من 75000 وظيفة، فالأرجح على ما يبدو أن ''سيتي'' ستكون هي البنك التالي الذي يحصل على إنقاذ مالي حكومي· ويمكن القول إن مصير عشرات البنوك ومئات الشركات وملايين العائلات قد يكون مشابهاً لمصير ''سيتي''؛ ذلك أنها جميعها خططت لمستقبلها على أساس فكرة أن الودائع هي في النهاية ودائع، وليست نوعاً من الفانتازيا أو الخيال الذي لا وجود له على أرض الواقع· غير أن ما يقدر بـ11 تريليون دولار من ثروات العائلات تبخر أثناء هذه الأزمة: قيمة المنازل، برنامج معاشات التقاعد، حسابات الاستثمار في البورصة، كلها تبخرت وراحت إلى غير رجعة· وعليه، فإنه ليس أمراً مفاجئاً البتة أن يقاطع المستهلكون المتأثرون المكلومون أرفف المتاجر، ما يهدد بإعلان مزيد من عمليات الإفلاس والخسائر بالنسبة للبنوك· ومن جهة أخرى، كان بمقدور الرئيس البرازيلي مؤخراً فقط -في سبتمبر- أن يقول: ''يسألني الناس عن الأزمة، فأجيبهم: اسألوا بوش، إنها مشكلته وليست مشكلتي''· والحال أن كل الأسواق الصاعدة اليوم باتت في مأزق، سواء كانت مصدرة للنفط أو مستهلكة له، تصنع الإلكترونيات أو تزخر بمناجم النحاس، وذلك لأن مشاكل وأزمات كل بلد تضر بآفاق التصدير في البلد الآخر· وبالتالي، فإن الحلقة المفرغة تدور وتسير نحو تراجع اقتصادي حقيقي· وفي فترات التراجع الاقتصادي العادية لا تجد البنوك المركزية صعوبة كبيرة في التقليل والتخفيف من حدة وآثار السقوط· ففي ،2001 على سبيل المثال، كان لخفض ''الاحتياطي الفيدرالي'' لمعدلات الفائدة تأثير إيجابي على أزمة قطاع التكنولوجيا من خلال تحفيزه بناء المنازل· والحال أن التراجع الذي نعيشه اليوم ليس عادياً، فـ''الاحتياطي الفيدرالي'' قام منذ مدة بخفض معدلات الفائدة واتخذ خطوات غير مسبوقة لدعم النظام المالي· والكونجرس صادق على حزمة حوافز ضريبية، ووافق على مخطط الإنقاذ المالي للبنوك الذي اقترحته ''الخزينة'' بقيمة 700 مليار دولار· كما تم تأميم عملاقي التمويل العقاري ''فاني مي'' و''فيدي ماك'' بنجاح· ولكن على رغم أن صناع السياسة الأميركيين قاموا بالكثير في وقت أقصر مقارنة مع أي فريق اقتصادي في التاريخ، فإنهم مع ذلك مازالوا متأخرين· والأدهى أنهم كلما ترددوا، كلما ازدادت أزمة الأسواق تفاقماً· لقد أبرزت أجواء الابتهاج والتفاؤل التي عمت ''وول ستريت'' عقب تعيين جيثنر وزيراً للخزانة مدى يأس وتوق المستثمرين إلى زعامة· والحق أن أوباما، من خلال تعهده بمخطط إنقاذ مالي ضخم، أظهر أنه يدرك الحاجة إلى تغيير النفسية الجماعية وتخفيف حدة التراجع· غير أنه لابد من الوقت حتى تفعل حزمة الحوافز المالية مفعولها في الاقتصاد؛ كما أنه يتعين على أوباما أن يقدم علاجاً مؤقتاً سريع المفعول· ولعل أفضل خيار في هذا الباب هو العمل في هدوء مع ''الاحتياطي الفيدرالي'' -وهو أمر يمكن القول إن جيثنر، رئيس فرع الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، يوجد في موقع جيد لتحقيقه· والواقع أن لدى ''الاحتياطي الفيدرالي'' اليوم القوة ليس على خفض معدلات الفائدة قصيرة الأمد فحسب، وإنما أيضاً على حمل معدلات الفائدة طويلة المدى على الانخفاض· فتخيل مجموعة من الأوراق المالية الخاصة بقروض الرهن العقاري بقيمة 100 دولار تدفع 6 دولارات كفائدة سنوياً، ما يعني أن معدل الفائدة هو 6 في المئة· ويمكن لـ''الاحتياطي'' مثلاً أن يعبر عن استعداده لشراء كل هذه الأوراق المالية مقابل 150 دولاراً، مما سيخفض معدل الفائدة إلى 4 في المئة· وحين يحدث ذلك، ستقفز قيمة الاستثمارات البنكية في القروض العقارية لأن ''الاحتياطي'' يعرض شراءها بسعر أعلى من المعتاد؛ ومن جهة أخرى، سيمكن ذلك العائلات من إصلاح أحوالها المالية لأن معدلات الفائدة الخاصة بقروض الرهن العقاري ستكون أكثر انخفاضاً· غير أن المشكلة تكمن في أنه من أجل شراء كل الديون العقارية، سيتعين على ''الاحتياطي الفيدرالي'' أن يطبع مزيداً من الدولارات، وهو ما من شأنه أن يفضي في نهاية المطاف إلى التضخم· كما أنه بالنظر إلى احتمال تعثر بعض الديون العقارية، فإن خطوة ''الاحتياطي'' هذه قد تشكل عبئاً إضافياً على الميزانية، وهو أمر سيمتنع عن القيام به، بدون شك، بدون موافقة الفريق الجديد في ''الخزينة''· إن دعوة ''الاحتياطي الفيدرالي'' إلى طبع مزيد من المال هو إجراء راديكالي· ولكن الأوقات العصيبة تقتضي علاجات تنم عن الابتكار والإبداع· ولحسن الحظ أن أوباما اختار أن يحيط نفسه بتقنوقراطيين محنكين -وبراجماتيين يبرعون في تقديم الحلول المبتكَرة عادة· سباستيان مالابي محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©