برزت الصوفية كلحظة روحية وفلسفية وفكرية بامتياز في التراث العربي الإسلامي. وكان لتلك اللحظة فعلها المتفاوت في الشعر – ولعله بلغ أقصاه في شعر محيي الدين بن عربي – وبدرجة أدنى في السرد. وظل الأمر كذلك حتى أهلت اللحظة الحداثية مع انتصاف القرن العشرين، حيث بدأ فعل الصوفية في الحداثة الشعرية. وامتد الانتظار حتى ثمانينات القرن العشرين قبل أن يبدأ ذلك الفعل في الحداثة الروائية، كما سنرى.
نبيل سليمان
منذ أهلّ القرن العشرون، تلامحتْ الصوفية بنُدْرة فيما عُرف بالشعر الكلاسيكي أو العمودي، وربما كانت غرّة ذلك هي ما اتقد في شعر بدوي الجبل (1898 أو 1905 – 1981) منذ شبابه، كما في قصيدة (الروح الثائرة عام 1922) وقصيدة (شعاع العيون - 1924) التي تجلى فيها الحضور الأنثوي الصوفي، وهو ما سيتواتر في شعر الشاعر، كما في قصيدته الشهيرة (خالقه) والتي غنت فيروز منها في واحدة من روائعها.
![]() |
|
![]() |
من بعد، وتحت وطأة ما تواصلت زلزلته للبنى الفكرية والسياسية والاجتماعية والروحية، أخذ الفعل الصوفي في الحداثة الشعرية يتقد، معلياً من شأن الذات، ومنادياً من التراث الصوفي إبداعات النفري والجنيد والحلاج وابن عربي والعطار والسهرودي والبسطامي ورابعة العدوية وابن سبعين والغزالي... فكان مراحُ جديد وشائكٌ للمخيلة واللغة ورؤية العالم والإيمان والجسد و...
![]() |
|
![]() |