الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق··· خلفيات سجال الاتفاقية الأمنية

العراق··· خلفيات سجال الاتفاقية الأمنية
24 نوفمبر 2008 02:23
من خلال المناقشات والسجالات الساخنة في البرلمان، والصياح والصخب والمقاطعات ونقاط النظام، تتضح تدريجياً خطوط المعركة في النقاش السياسي العراقي حول الاتفاقية الأمنية التي ستحكم السنوات الثلاث الأخيرة من الوجود العسكري الأميركي في بلاد الرافدين· ولكن الاتفاقية التي تعد ظاهرياً موضوع الجدل ليست هي المشكلة الرئيسية على ما يبدو، بل إن الصراع والمشادات هما في الواقع حول الكيفية التي سيكون عليها حال البلاد حين تغادر القوات الاميركية في نهاية المطاف، وحول ما إن كانت الاتفاقية الأمنية ستمنح الكثير من السلطة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي· وحين يحاصَرون من قبل الصحافيين في ممرات وأروقة بناية البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء، يعترف العديد ممن يهددون بالتصويت ضد الاتفاقية بأنهم لا يعترضون على مقتضياتها وأحكامها· وفي هذا السياق يقول علاء مكي، العضو الكبير في ''الحزب الإسلامي العراقي''، وهو حزب سُني ألمح إلى أنه قد لا يصوت لتبني الاتفاقية: ''حتى أكون واضحاً، ليست الاتفاقية هي المشكلة، بل ما سيبنى عليها''· وباستثناء أتباع رجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر، الذين يرفضون الاتفاقية (ويضربون الطاولات في البرلمان بأكفهم احتجاجاً أثناء مناقشتها)، فإن معظم المشرعين يعتبرون الاتفاق مرْضياً على الأقل، إن لم يكن جيداً· غير أن السنة وآخرين يخشون أن تمنح الكثير من السلطة لحكومة المالكي وخصوصاً أن عناصر من قوات الشرطة العراقية التي تديرها الحكومة كانت قبل عامين فقط أشبه بفرق الموت الشيعية· وبعد أيام من الإشارات المختلطة، اجتمعت الأحزاب السنية الكبرى وطالبت بسلسلة من الضمانات من الحكومة والأميركيين مقابل دعمها للاتفاقية· وتتضمن قائمة مطالبها التي قدمتها للمالكي مؤخراً العفو عن معظم المعتقلين السنة الموجودين في المعتقلات الأميركية، وتوظيف مزيد من السنة في الوكالات الحكومية، وإصلاحات كبيرة لقوات الأمن العراقية· غير أن القلق ينتاب أيضاً حتى بعض الأكراد، الذين تعهدوا بدعم الاتفاقية، بسبب المخاوف مما قد يحدث في عراق ما بعد الوجود الأميركي· وفي هذا الإطار يقول محمود عثمان، وهو مشرع كردي مستقل، إن أعضاء الائتلاف الكردي كانوا يدرسون ما إن كان ينبغي تقديم قائمة مطالب خاصة بهم، مضيفاً أن ''الجميع خائف من المالكي، ولا أحد خائف من الحكومة''·وفي هذه الأثناء، ترى الحكومة، التي تقول إنها انتزعت من الأميركيين أفضل اتفاقية ممكنة، أن هذه المطالب تسبب الإحباط وتعرقل الاتفاقية· فعلى رغم تعبيرهم عن استعدادهم للإصغاء للمطالب السنية، يتهم أنصار المالكي أصحاب هذه المطالب بـ''استغلال'' قضية وطنية بالغة الأهمية للدفع بمطالبهم الطائفية، ويجادلون بأن العديد من القضايا التي يذكرها السنة هي داخلية ولا علاقة لها بالاتفاقية الأمنية· وفي هذا السياق قال المالكي في مؤتمر صحافي بث على التلفزيون: ''إن المطالــــب الداخليـــة بإمكاننا معالجتها فيما بيننننا، وليست لها علاقة بالاتفاقية''· ومن المعروف أن مؤيدي الاتفاق يتوفرون على ما يكفي من الأصوات لتأمين الأغلبية الضرورية في البرلمان البالغ عدد مقاعده 275 في عملية التصويت المقررة اليوم -وهذا العدد هو 138 صوتاً، على افتراض اكتمال النصاب يوم التصويت- حيث يقول الأشخاص الذين يدفعون في اتجاه تبني الاتفاقية إنهم يتوفرون على ما بين 130 و140 صوتاً مع الكتلتين الشيعية والكردية، وإنهم يتوفرون كذلك على دعم نحو عشرة من المشرعين السنة· غير أن أغلبية بسيطة قد لا تكون كافية· ذلك أن السيستاني، رجل الدين الشيعي الأكثر نفوذاً في البلاد، رفع سقف المطالب عالياً مثلما فعلت الحكومة نفسها عبر موافقتها على مطالبة رجل الدين بـ''توافق وطني'' دعماً للاتفاقية· وهذا يعني أكثر من مجرد دعم سني رمزي للاتفاقية التي تنطوي على تداعيات بالنسبة لمستقبل هذا البلد الديمقراطي الفتي· وغني عن البيان أن الحكومة ستقدم على مجازفة كبرى إن هي لم تعمل بشروط السيستاني نظراً للدعم الشعبي الواسع الذي يتمتع به· والسنة ''يعلمون ذلك جيداً''، كما قال حيدر العبادي، العضو الكبير في حزب المالكي -حزب الدعوة- في وقت سابق من هذا الأسبوع· غير أنه باستثناء الرفض، فإن المعارضين للاتفاقية ليست لديهم خيارات كثيرة ليقدموها· فالبعض يجادل بأهمية تمديد قرار مجلس الأمن الدولي الذي يحكم وجود القوات الأميركية، والذي ينقضي في الحادي والثلاثين من ديسمبر· كما يطالبون بمزيد من الوقت، قائلين إنهم يكرهون الضغط والمصادقة في غضون أسبوع على اتفاقية أمنية استغرق التفاوض حولها تسعة أشهر· غير أن المالكي تعهد علناً بألا يمدد قرار الأمم المتحدة إذا ظل على حاله، وهو القرار الذي يمنح القوات الأميركية هامش حرية أكبر مقارنة مع الاتفاقية التي تم التفاوض حولها· وقال عبادي، وهو حليف مقرب من المالكي، إن رئيس الوزراء يفضل التنحي على أن يقوم بذلك· قليلة هي الأحزاب التي تستحسن فكرة الإبقاء على القوات الأميركية في قواعدها في الأول من يناير لأنها ستجد أنفسها بدون سلطة قانونية للتحرك؛ ويعارض هذه الفكرة بشكل خاص أنصارُ المالكي لأن الحكومة التي يقودونها ستكون على الأرجح هدفاً لازدياد أعمال العنف التي يقوم بها المتمردون· كما يعترفون بأن الارتفاع المحتمل للعنف سيضر بالمدنيين ويزعزع السلام الهش· وفي هذا الإطار تساءل علي أديب، الذي يعد حليفاً قويا للمالكي، في البرلمان قائلاً: ''هل من الممكن أن يستتب الأمن والاستقرار في حال غادرت هذه القوات العراق، مثلما يتمنى كل العراقيين؟ أم أن ذلك سيعيد العصابات والخلايا النائمة، التي انتهكت القانون وزعزعت أمن العراق، لتزرع الفوضى والدمار؟ هذا سؤال لست في حاجة إلى جواب عليه لأن الجواب تعرفه كل كتلة ويعرفه كل عراقي''· كامبل روبرتسون وستيفان فارل- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©