لا تهتم الكلبة “دينا” بمبلغ صغير بحجم 500 يورو، ولكنها تبحث عن مبالغ كبيرة للغاية للكشف عن مهربي الأموال مع التزام الهدوء في الوقت نفسه. بدأ هذا المشروع الرائد بنجاح في مطار فرانكفورت. تتشمم الكلبة دينا الركاب المغادرين في مطار فرانكفورت عند البوابة بي 12. فتارة تتشمم الأقدام وتارة تتشمم الخصر. وفجأة ظلت الكلبة جالسة وحملقت في الحقيبة الصغيرة المثبتة إلى حزام أحد المسافرين. وهذه هي الإشارة المتفق عليها مع سيدها الذي عثر في الحقيبة الصغيرة على العديد من أوراق نقدية فئة 200 و500 يورو.
لم يكن هذا النجاح مصدر سعادة لهذه الكلبة البالغة من العمر عامين ونصف العام فحسب والتي كوفئت بلعبة جراء هذا الاكتشاف، بل إن سلطة الجمارك في المطار منبهرة بهذا التقدم؛ لأن الكلبة دينا تمثل مشروعاً رائداً على مستوى ألمانيا للكشف عن الأموال المهربة. وحيث إن هذه الكلبة تجلس بهدوء إلى جانب المشتبه في تهريبهم الأموال دون أن تنبح أو تستخدم مخالبها ضد المهربين، فإنها تعتبر بمثابة كشاف صامت عن الأموال النقدية هو الأول من نوعه في ألمانيا.
وتستخدم السلطات الألمانية منذ وقت طويل الكلاب ككاشف “ناطق” عن النقود والتي يمكن، خلافاً للكلبة دينا، أن تنبح عند اكتشاف النقود أو تضرب الشخص المهرب ويتم استخدامها في منطقة تسليم الحقائب في المطار. وأوضح الشرطي هايكو، سائس الكلبة الذي رفض الإفصاح عن اسمه بالكامل أنه يعتقد أنها تشم رائحة ورق النقود ولونها. وقال إن كلبته تعثر على كميات كبيرة من عملة اليورو والدولار. وقال أندرياس أوربانياك من مكتب الجمارك الرئيس في فرانكفورت أن سلطات الجمارك في ألمانيا نقلت فكرة تدريب الكلاب على العثور على النقود المهربة من هولندا. ورجح أوربانياك أن تكون القدرة على الشم لدى الكلاب أعلى منها لدى الإنسان بمليون مرة.
وكان على الكلبة أن تثبت خلال التدريب أنها تستطيع المشي فوق الأرضية الناعمة للمطار وأنها لا تعبأ بضوضاء المطار وبكثرة الركاب. ثم كانت الخطوة التالية عبارة عن التدريب في مدرسة كلاب خاصة بمدينة نورنبرج جنوب ألمانيا. وبدأ استخدام الكلبة في مطار فرانكفورت منذ شهر يناير الماضي. وأصبح الكشف عن غاسلي النقود هو مهمة “دينا” في المطار. وعن ذلك قال أندرياس أوربانيك من مركز الجمارك الرئيس في فرانكفورت “لا بد من تحديد أماكن تدفق الأموال التي تستخدم في تمويل الإرهاب”. كما أن القانون يجرم من يحمل معه كميات كبيرة من الأموال أثناء سفره دون الإبلاغ مسبقاًعنها ويعاقب على ذلك. ويعتبر مبلغ عشرة آلاف يورو هو الحد الأقصى المسموح بحمله.
ويركز المحققون بشكل خاص على الرحلات المتجهة للمنطقة الآسيوية والعربية، لذا فإن هايكو وكلبته دينا كثيراً ما يتوجهان لمناطق الانتظار الخاصة بالرحلات المتجهة لبلدان هذه المناطق. وبناء على خبرته في هذا العمل يقول هايكو البالغ من العمر 34 عاماً “الصينيون يحملون معهم فقط ما هو ضروري والبقية في أمتعتهم، أما العرب فغالباً ما يحملون كل شيء معهم”. ويعمل مع الكلبة دينا 31 كلباً آخر في مكافحة المخدرات بمطار فرانكفورت، أكبر مطار في ألمانيا. وأكد هايكو، سائس الكلبة، والذي انتظر طويلاً على قائمة انتظار داخلية للجمارك حتى حصل على هذه الوظيفة، أن تشمم الكلبة للنقود أصعب بكثير من تشمم المخدرات.
وأوضح أوربانياك أن متوسط عمل الكلاب في هذه الخدمة ست سنوات وأن إعدادها لهذه المهمة يتكلف نحو 30 ألف يورو “ولكن هذا التدريب يجدي وإن كان مكلفاً”. ولأنه قد تبين نجاح تجربة الكلبة “دينا” فمن المؤكد أنها ستحصل قريباً على الكثير من زملاء العمل الذين يمشون على أربع.
عدد اليوم
