الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلطة الخرافة والروح الطائفية

17 مايو 2013 22:57
د. خالص جلبي وقع تحت يدي «يو تيوب» لشباب من الشيعة يغنون بما معناه أن المهدي سيخرج من حرستا في دمشق. كما قام شباب، ربما سلفيون أو مخابرات مندسة، بنسف قبر الصحابي حجر بن عدي ونقل رفاته إلى مكان مجهول، مما دعا السيستاني لإعلان العزاء في القبر والرفات وإيقاف الدروس الدينية في الحوزات العراقية. وبتحليل الأخبار نعرف أننا متوقفون في الزمن قبل ألف عام، وأن الأموات أهم من الأحياء، وأن العظام النخرة أهم من حياة من يدب على الأرض فيقتلون. هناك حالياً من الملل والنحل والفرق أكثر مما كتب «القرافي» عن الفَرْق بين الفِرَق، والشيء العجيب أن كلاً منها يدعي وصلا بالله، وبأنه الممثل الشرعي الوحيد له على ظهر الأرض، وأن الآخر يوقد به مرجل الجحيم، ناراً وقودها الناس والحجارة! وحسب «أوشتدورف»،Ochtdorf Dieter) الألماني الذي هو يحتل المرتبة 12 من الدزينة الأميركية في جماعة المورمون، تحت راية «جوردون هينكلي» (المسيح الجديد)، فإن 120 ألف ياباني اعتنقوا مذهبهم وهو بهم فرح فخور، وبأن عددهم قفز خلال 30 سنة من 3.1 مليون إلى 12،9 مليون من الأتباع في أرجاء المعمورة. والمورمونية مذهب من بقايا القرن التاسع عشر، لرجل أدعى النبوة اسمه «جوزيف سميث». وفي سوريا يذكر عبدالحق شحادة، الحلبي رئيس الاستخبارات العسكرية في مذكراته، كيف اعتلى بسيارته جبال العلويين بين الصخور، أيام حكم «أديب الشيشكلي» العسكري، ليرى عجباً من اجتماع الناس على تأليه «مجيب المرشد»، وهو ابن «سلمان المرشد» الذي قتله الفرنسيون من قبل، فأهانه بين عبّاده الذين كانوا له يسجدون ويركعون. والنتيجة معروفة، وهي أن الاجتماع انتهى بحمام دم، بقتل المرشد وثلاثة من مقربيه، وهي سيرة عربية معروفة منذ أيام عنترة وتأبط شرا! وقد عنونت مجلة «ديرشبيجل» الألمانية خبرها حول اجتماع حاشد للدلاي لاما في ألمانيا بعبارة «قوة الغيبوبة». و«حزب التحرير» الذي اندثر في الشرق الأوسط، بعث من الرماد مثل طائر الفينيق في أقصى الشرق، فأقام في أندونيسيا مهرجاناً ضم مائة ألف من الناس أو يزيدون، فشاهدت ذلك الحشد وأنا أفرك عيني ولا أكاد أصدق! وما زالت كتب «تقي الدين النبهاني» تحفظ عن ظهر القلب من الأتباع المخدرين بخرافة «الدولة الإسلامية». ومازالت في حلقات الحزب السرية تدرس ثنائية الصراع الأميركي البريطاني، مثل عقيدة زرادشت في الظلمة والنور، ولو كانت مسير نملة وطيران نحلة فخلفها بالتأكيد صراع أميركي بريطاني! ونحن نرى حالياً بريطانيا طفلا صغيراً في حضن أميركا... لكنها العقائد، وكلما توغل المرء في الضباب ازداد ضياعاً! وأتذكر قول امرأة داعية سلام في الجولان، ومفاده أن أي فكرة مهما بلغت من السخف والضلال واللامعقولية، فهناك عدد من الناس، يزيد وينقص، لديه ذلك الاستعداد الغريب كي يقلب دماغه ويمشي على رأسه دون أن يحس بالدوار. ومن يمشي على رأسه يفقد رأسه ورجليه معاً. ومن يبق لفترة طويلة في الفضاء الخارجي يفقد الإحساس بالجاذبية؛ فتتآكل العظام وتذوب السيقان، ويتحول إلى كائن مكور يدور بدون اتزان. وقد تركت البوذية موطنها الأصلي في جبال الهملايا، وزحفت إلى الصين عبر طريق الحرير، شاهداً على أثر الجغرافيا في حياة الناس. وفي مصر تمت دوماً فبركة عقائد كثيرة؛ من الحاكم بأمر الله الأول، إلى الحاكم بأمر الله الناصري، وودعت النيل الذي لا يسمح إلا بامتزاج الناس عند ضفتيه، لتصدرها مثل الطماطم والمانجو إلى سوريا والعراق حيث الجبال المعزولة؛ فازدادت أعداد العلويين، وتكاثر الدروز في جبل العرب ولبنان، «وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون». وحين يصحو العقل الطائفي من السبات، ويرجع الوعي المغيب من المنفى، ويختلط الناس بلا شقاء، فسوف يذهب الغثاء. و«أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال». وقصة الإلحاد قديمة، ومن المهم أن نأخذ حياة أولئك الذين كانوا دهريين بعين الاعتبار، كما جاء في تعبير القرآن: «وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر». وفي ذلك الموضوع كتب جمال الدين الأفغاني ذات يوم في الرد على الدهريين، ومن قبله كتب ابن تيمية كذلك في رسالة خاصة... فالمسألة قديمة قدم الدهر كما ترون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©