الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراصنة المعلومات ··قصص العباقرة المنحرفين

قراصنة المعلومات ··قصص العباقرة المنحرفين
24 نوفمبر 2008 01:12
في لصوصية المعلومات، لا يحتاج اللص للمفاتيح أو آلات تكسير الأبواب، بل إلى دراية واسعة بفنون حلّ كلمات السرّ وقطع الطريق أمام الرسائل الإلكترونية التي تحمل أسراراً نوعية أو شخصية مهمة· ويخطئ من يستهين بخطورة هؤلاء اللصوص الافتراضيين على الأمن الاجتماعي والوطني للأمم والشعوب؛ لأن في وسعهم تقويض أسس التعامل التي تقوم عليها البنوك والمؤسسات العسكرية· وكادوا في حالات كثيرة أن يصيبوا الاقتصاد العالمي كله بالشلل التام عندما حقنوا أهم مدخلات الشبكة الاتصالية العالمية بالفيروسات والديدان· وتتنوّع مشارب واختصاصات قراصنة المعلومات وتتعدد أهدافهم ومراميهم من ممارسة هذا العمل المعقد والخطير· ونجد منهم المهندسين والجواسيس والمتفوقين في التلاعب بكلمات السرّ للدوائر المهمة وحلّ شفراتها· وبعضهم صغار في السن أو شبّان في مقتبل أعمارهم، ومنهم الكبار والعجائز· ولعل اللافت للانتباه عدم ظهور اسم امرأة واحدة تتعاطى هذا العمل الإجرامي· وبعد أن كانت الدوائر القضائية في الدول المتطورة تنظر إلى قراصنة المعلومات باعتبارهم عباقرة في استخدام الكمبيوتر وحلّ أسرار الشبكات الرقمية، فقد أدت سلسلة من عمليات القرصنة الخطيرة إلى دفع تلك الدول نحو إصدار القوانين الصارمة بحق القراصنة ومعاملتهم على أنهم مجرمون بغض النظر عن دوافعهم وأهدافهم· وأثبتت الدراسات التي أُجريت حول موضوع القرصنة الرقمية أن القراصنة تسببوا بأضرار مادية تقدر بمليارات الدولارات عدا عن الأضرار المعنوية للمؤسسات والشركات والأفراد· القبعات البيضاء والسوداء دأب المحللون والخبراء الذين درسوا أسباب ونتائج نشاطات قراصنة المعلومات إلى تصنيفهم في فئتين: ذوو القبعات البيضاء white hats hackers، وهم الذين يقترفون جريمة اختراق الشبكات لا لهدف الكسب المادي الشخصي، بل لمجرّد إثبات البراعة الشخصية والقدرة على اختراق الجدران النارية· وذوو القبعات السوداء black hats hackers الذين يهدفون من عملهم إلى تحقيق المكاسب المادية أو التجسس لصالح الأعداء أو سرقة أسرار الصناعة والتجارة وما إلى ذلك· ومن أشهر معتمري القبعات السوداء، جوناثان جيمس، وهو أول مخترق لكلمات السر في شبكة الإنترنت يتم القبض عليه متلبساً بالجرم، وحكمت عليه محكمة أميركية متخصصة بالسجن بالرغم من أنه كان عند اقتراف جريمته قاصراً لم يتجاوز عامه السادس عشر· وتعود بداية نشاطات جيمس في اختراق الجدران النارية إلى بداية العقد الجاري؛ وكان يركز على استهداف المنظمات والمؤسسات ذات الأهمية الكبرى والحساسية البالغة· وتمكن بعبقريته في تفكيك الشفرات وكلمات السر من بناء (باب خلفي) في سيرفر (الوكالة الدفاعية للتخفيف من المخاطر) DTRA ، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع تتكفل بمهمة تخفيف الأضرار التي يمكن أن تنتج عن حرب نووية أو بيولوجية أو كيميائية مفاجئة على الولايات المتحدة وحلفائها· وعن طريق هذا الباب الخلفي، تمكن من الاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني التي يتم تبادلها بين كبار الخبراء والعسكريين العاملين في الوكالة، وتمكن أيضاً من الدخول إلى الملفات الشخصية لكل موظفي الوكالة وسرق أسماء الدخول وكلمات السر التي يستخدمونها لفتح ملفات بريدهم الإلكتروني· لامو ·· القرصان المتشرّد يعدّ أدريان لامو، من مشاهير القراصنة الذين تخصصوا في اختراق الشبكات المحلية لمنظومات ووكالات تجارية شهيرة مثل صحيفة (نيويورك تايمز) وشركة (مايكروسوفت)· واشتهر فيما بعد باسم (القرصان المتشرّد) homeless hacker؛ لأنه كان يحرص على اختراق الشبكات باستخدام أجهزة الكمبيوتر العمومية المنتشرة في مقاهي الإنترنت، بالإضافة إلى نجاحه بالتسلل إلى كلمات السر ورموز الشفرة الرقمية من خلال وصلات كينكو مع الإنترنت· ووصف نفسه في مقال نشره في موقعه على الإنترنت: (أمارس القرصنة نهاراً وأربض ليلاً· وأنا أمتلك جهاز لاب توب في بيتسبورج، وملابس لتبديل الزي والشخصية في واشنطن العاصمة، وأحرص دوماً على انتحال شخصيات مختلفة)· وكان لامو يهوى اختراق الشبكات الحصينة متحدياً بذلك تقنيات الأمان التي جهزت بها· ولم يكن نشاطه هذا بريئاً، بل كان يستخدم فيض المعلومات السرية التي يسرقها في بحوثه الخاصة قبل أن يخبر الشركات التي سرقها منها بالأمر حتى تتخذ احتياطاتها؛ وهذا السلوك معروف عند من يطلق عليهم (اللصوص الشرفاء)· ومن بين أبرز ضحايا لامو من الشركات التي اخترقها، شركة محرك البحث ياهو وبنك أوف أميركا ومجموعة سيتي جروب وشركة سينجولار· ولعل من الغريب أن الشركات الكبرى تسعى عادة إلى توظيف القراصنة من ذوي القبعات البيضاء من أجل إجراء اختبارات الاختراق من دون التعرض للمساءلات القانونية، فلماذا تلاحق القوانين أمثال لامو لقيامهم بنشاط مماثل؟· ومن طرائف ما فعله لامو عندما اخترق الشبكة الرقمية الداخلية (الإنترانت) لصحيفة نيويورك تايمز، أنه عمد إلى دسّ اسمه بين أسماء الخبراء، واطلع على المعلومات الشخصية المتعلقة بالكتّاب والصحفيين والمراسلين بما في ذلك أرقام بطاقات الضمان الاجتماعي، كما اقتحم ملفات صحيفة (ذي تايمز) لسرقة بعض الأسرار الخاصة بها· وحكمت محكمة نيويورك على لامو بدفع مبلغ 65 ألف دولار كعقوبة عن جريمة اختراق شبكة (نيويورك تايمز)، بالإضافة للإقامة الجبرية في بيته لمدة 6 أشهر انتهت بتاريخ 16 يناير من عام ·2007 ويعمل الآن صحفياً بعد أن حصل على العديد من الجوائز في هذا الميدان· موريس ·· مفرّخ الديدان لا تقتصر الأخطار التي تتعرض لها الشبكات الرقمية على قراصنة المعلومات وحدهم، بل تمتد إلى نشاط أكثر خطورة بكثير يتعلق بحقن شبكة الإنترنت بالديدان الحاسوبية المدمرة· وهذه قصة واحد من أخطر مؤلفي البرامج الرقمية الخاصة بالديدان الحاسوبية computer warms. يدعى روبرت تابان موريس، وهو ابن العالم الشهير روبرت موريس الذي يعمل لصالح وكالة الأمن الوطني في الولايات المتحدة· وروبرت هو مبتدع ما يعرف باسم (دودة موريس) Morris Worm التي تشبه في خطورتها على الشبكات الرقمية، خطورة أنفلونزا الطيور على الدواجن والعديد من الكائنات الحية الأخرى· وهي أيضاً أول دودة يتم حقنها في شبكة الإنترنت· والدودة أخطر بكثير من الفيروس؛ لأنها تستطيع أن تستنسخ نفسها لتعمل على إتلاف كل أنواع الملفات وينتشر داؤها بسرعة عجيبة عبر البريد الإلكتروني· وبعد أن افتضح أمر موريس، حكم عليه بالسجن لمدة عام كامل وفقاً لقانون إفساد وتخريب الكمبيوتر الصادر عام ·1986 وعمد موريس إلى كتابة شفرة الدودة عندما كان طالباً في جامعة كورنيل· وبرّر في مرافعته الدفاعية أمام القاضي قيامه بحقن الدودة في الملفات العامة، بأنه كان يختبر بذلك الحجم الحقيقي لشبكة الإنترنت· إلا أن دودته راحت تستنسخ نفسها عدداً لا يحصى من المرات ضمن ملفات الإنترنت مما أدى إلى إبطاء كبير في أداء أجهزة الكمبيوتر عبر العالم أجمع· ولا توجد حتى الآن طريقة تسمح بتحديد عدد أجهزة الكمبيوتر التي أصابها هذا الداء إلا أن الخبراء يقدرونه بعشرات الآلاف· وبعد أن انكشف أمر موريس وتم القبض عليه، حكمت عليه المحكمة بالإقامة الجبرية في بيته لمدة ثلاث سنوات وبالخدمة الاجتماعية لمدة 400 ساعة وبغرامة مالية بلغت 10500 دولار· ولعل من مفارقات الأقدار أن قراصنة الكمبيوتر يعاملون بعد انتهاء مدة العقوبة باعتبارهم خبراء من الطراز الأول في مجال البرمجة وأمن الشبكات· ويعمل موريس الآن أستاذاً محاضراً في مختبر الذكاء الاصطناعي التابع لمعهد ماساشوسيتس التكنولوجي في بوسطن· جيمس يخترق ناسا تمكن جيمس كذلك من اختراق كمبيوترات وكالة الطيران والفضاء الأميركية ناسا فسرق البرنامج التطبيقي الأساسي الذي تعمل به وتبلغ قيمته 1,7 مليون دولار· وقالت وزارة الدفاع الأميركية في وصفها لما حدث من خلال بيان صحفي: إن هذا البرنامج التطبيقي ''السوفتوير''، الذي سرق أسراره جيمس، مكلف بمراقبة وضبط الظروف الفيزيائية للبيئة الداخلية للمحطة الفضائية الدولية بما في ذلك ضبط درجة الحرارة والضغط والرطوبة ونسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن تنفس الروّاد · وبعد اكتشاف الجريمة، وجد خبراء (ناسا) أنفسهم مجبرين على إغلاق كافة أنظمة الكمبيوتر· وأعلن جيمس في معرض الدفاع نفسه أنه عمد إلى اختراق كلمة السر وحل شفرة الدخول إلى البرنامج من أجل استكمال دراساته حول (لغة سي) في البرمجة، وأضاف قوله إنه لاحظ بعد ذلك أن هذا البرنامج كان تعيساً لا يستحق ثمنه الذي قيل إنه يبلغ 1,7 مليون دولار· وعندما اكتشف أمره حكمت المحكمة بمنعه تماماً من استخدام الكمبيوتر لإجراء البحوث، والاحتجاز رهن الإقامة الجبرية لمدة ستة أشهر؛ لأنه لا يزال قاصراً لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره· وكان أحدث ما صرّح به جيمس بعد انتهاء مدة العقوبة أنه تعلّم الدرس جيداً واستفاد منه، وهو عازم على تأسيس شركة تعمل في مجال أمن الكمبيوتر وابتداع الجدران النارية الحصينة· ووزنياك مبتدع العلب الزرقاء ينتمي ستيفن ووزنياك إلى فئة أصحاب القبعات البيضاء· وقبل أن يشتهر كقرصان كمبيوتر، ذاع صيته كمؤسس لشركة آبل ، إلى جانب مديرها التنفيذي الحالي ستيف جوبس· ويحمل ووزنياك الميدالية الوطنية للتكنولوجيا ودرجة الدكتوراه الفخرية من جامعتي كاترينج ونوفا ساوث إيستيرن الأميركيتين· وبدأ نشاطاته التخريبية في الشبكة بابتداع ما يعرف باسم العلب الزرقاء blue boxes، وهي عبارة عن وصلات هاتفية جانبية خاصة تسمح له بإجراء المكالمات الدولية مجاناً· وتوصل إلى هذا الابتكار المهم عندما راح يبحث مع زميل له في خصائص الترددات اللاسلكية حتى تمكن من بناء العلب الزرقاء وبيعها إلى أصدقائه في الجامعة التي كان يدرس فيها· وسرعان ما وجدت هذه التكنولوجيا طريقها للتحول إلى وظيفة إضافية للشبكات الحاسوبية تقوم باستثمارها الآن بعض الشركات المهتمة بمواقع الإنترنت التي تقدم وظيفة التحادث الهاتفي عن طريق الكمبيوتر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©