الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تصلب الأنسجة المتعدد» مرض غامض يصعب تشخيصه

«تصلب الأنسجة المتعدد» مرض غامض يصعب تشخيصه
17 مايو 2013 20:58
يعد مرض تصلب الأنسجة المتعدد من أكثر أمراض الجهاز العصبي المركزي انتشارا، وقد يصيب المخ أو النخاع الشوكي أو المخيخ أو العصب البصري، وهو عادة ما ينتج عن التهاب بطبقة المايلين المغلفة للألياف العصبية ويؤدي إلى تلفها، ويعاني من هذا المرض حوالي مليونين ونصف المليون حول العالم، بينما يعاني منه أكثر من ألف شخص في الإمارات. لكبيرة التونسي (أبوظبي) – أصبح مرض التصلب العصبي المُتعدد أكثر انتشارا بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، وأكثر ما يثير إزعاج المصاب هو عدم فهمه للمرض، وكذلك جهل الكثيرين به، خاصة من أولئك القريبين من أهل وأصدقاء أو زملاء عمل، كما تعد تكلفة هذا المرض عالية جدا، حيث تصل إلى 11 ألف درهم شهريا للشخص الواحد، ناهيك عن تأثيراته على الحياة الشخصية للمريض سواء في محيطه الأسري أو في عمله أو بين زملائه، ويعد يوم 24 مايو من كل عام يوما عالميا للتوعية بمرض التصلب اللويحي الذي لا تعرف أسبابه لغاية الآن. التهاب طبقة المايلين الدكتورة سوزان نوري استشارية الأمراض العصبية، وعضو الكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة، وعضو أكاديمي في الكلية الملكية للأطباء في لندن، وأخصائية معتمدة من الولايات المتحدة الأميركية، في مرض تصلب الأنسجة المتعدد، والتي تمتلك عشرين سنة من الخبرة في مرض تصلب الأنسجة المتعدد، تقول إنه ناتج عن التهاب بطبقة المايلين، وهي المادة السائلة التي تغلف الأعصاب والتي تساهم في نقل الإشارات والأوامر العصبية من الدماغ إلى أعضاء الجسم، وتفسره الدكتورة سوزان علميا بقولها «المايلين عبارة عن مادة دهنية عازلة للأعصاب، وتعمل بمثابة الغطاء للألياف العصبية فتسمح بتوصيل الإشارات أو النبضات العصبية بسرعة، وتبعا لسرعة وكفاءة توصيل هذه النبضات تحدث الحركة بشكل ناعم وسريع متناغم وبأقل جهد من الوعي بالحركة، ?وفي حالة مرض التصلب العصبي المتعدد يحدث تلف بطبقة المايلين الحامية للألياف العصبية ويصاحب هذا التلف حدوث خلل في قدرة العصب على توصيل الإشارات أو النبضات الكهربائية من وإلى المخ، ويؤدي هذا إلى حدوث أعراض المرض». موضحة أن التلف الذي يحدث في المايلين «بقعة أو آفة» يبدو كمساحة من ندبة صلبة، وتظهر هذه الندبات في مرض التصلب المتعدد في أوقات مختلفة وفي أماكن متنوعة من المخ أو النخاع الشوكي، مؤكدة أن مصطلح التصلب المتعدد يعني حرفيا الكثير من الندبات. وتلفت نوري إلى أن الإحصائيات تؤكد أن هناك مليونين ونصف المليون مريض بهذا المرض في كلّ أنحاء العالم. نسبة إصابة النساء وما يميز هذا المرض هو حدوث الإصابات أو ما يسمى بالهجمات المتعددة والمتتابعة في أماكن وأوقات مختلفة، حسبما أكدت نوري، قائلة: لذلك وصف هذا المرض بالمتعدد، أما كلمة تصلب فتعني تحول الغلاف العازل من مادة المايلين الدهنية إلى مادة ليفية متصلبة. وهذا يحتاج إلى استخدام حقن بوتولينوم توكسين لعلاج التشنج وخلل التوتر، وإعادة تعبئة وبرمجة مضخة باكلوفين داخل تجويف النخاع لعلاج التشنج. وتشير نوري إلى أن هذا المرض يصيب النساء بصورة أكبر من الرجال، كما يصيب الصغار والبالغين، ويتراوح متوسط عمر المرضى بين 29 و32 سنة، ويتأرجح مدى حدوثه بين 10 و 59 سنة، وتضيف: لوحـظ أن نسب الإصـابة بالمـرض تزداد كلما ابتـعدنا عن خط الاستواء، حيث يندر المرض، في حين تكثر الإصابة به في كندا وأميركا وأوروبا، خاصة الدول الاسكندنافية. أسباب التصلب العصبي تستعرض نوري أسباب مرض التصلب العصبي المتعدد، قائلة إنها ليست واضحة تماما، وتضيف أن العلماء يميلون إلى تفسير المرض كتفاعل مناعي، ويعتبر مرض التصلب اللويحي من أمراض المناعة الذاتية، حيث يحارب الجسم طبقه المايلين التي تغطي الأعصاب لأسباب ليست واضحة تماما، ولكن الاعتقاد بوجود بعض العوامل الخارجية السلبية تشمل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية المتكررة، وعوامل بيئية مثل مكان الإقامة وعوامل غذائية كنقص فيتامين (د) مع وجود الاستعداد الجيني لحمل المرض، كما أن العوامل الوراثية لها دور أساسي، بحيث تمثل حوالي 5 بالمائة من مسببات الإصابات، كأن يكون للمصاب أخ أو أخت يعانون من نفس المرض، وفي نسبة 15 بالمائة من الحالات يكون هناك أحد الأقارب يشكو من نفس الحالة. كما أن الباحثين وجدوا أن هناك عوامل وراثية معينة هي التي تحدد موقف الجهاز المناعي من أنسجة الجسم. وتقول نوري إن الأسباب غير معروفة، أما عن طريقة الوقاية من المرض أو تجنبه، فتوضح: «لا يمكننا تجنبه، ولكن ينصح بأخذ فيتامين (د)، ولكن يمكن تجنب انتكاسات المرض أو ما يسمى بالهجمات بتناول الدواء الذي يوصي به الطبيب، بالإضافة إلى تناول الطعام بشكل جيد، والنوم لساعات كافية والحد من الإجهاد، ومراجعة الطبيب إذا أصيب الشخص بارتفاع في درجة الحرارة. ومريض التصلب اللويحي، حسبما تشير نوري، تواجهه العديد من التحديات، ومن أهمها عدم القدرة على التكهن بالانتكاسات، مما يؤدي إلى قلق دائم، وكذلك الخوف من المستقبل لأن مرض التصلب العصبي قد يتسبب في حدوث بعض الإعاقة الجسمانية أو الإعاقة المعرفية بمرور الوقت، ما يؤدي إلى فقدان الوظيفة بسبب الطبيعة الجسمانية، إذا كانت الوظيفة تتطلب مجهودا عضليا بشكل ملحوظ، مؤكدة أن جهل المجتمع بطبيعة المرض قد يتسبب في الخوف في تحيز الناس ضد المريض، ويحرم مثلاً من الترقية أو التدريب المهني أو حتي فقدان العمل، أما التغيرات في محيط الأسرة ?فتعتبر من أصعب المشاكل التي يواجهها الزوجان بعد تشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد، حيث تتمثل في التغيير المحتمل في أدوارهما، وقد يتوجب على أحد الشريكين أن يتحمل مسؤوليات إضافية من أجل الاعتناء بالمنزل ورعاية الأطفال، وفي جانب آخر يمثل المرض عبئاً مالياً على الأسرة، نظرا لتكلفة العلاج العالية، إذ يعتبر الفحص الدوري بالرنين المغناطيسي والذي يعتمد عليه في التشخيص مكلفا جدا، حيث إن تكلفة العلاج في الشهر الواحد تتراوح ما بين 5 آلاف و11 ألف درهم. أعراض المرض يعد مرض التصلب العصبي المتعدد حالة متغيرة، وتعتمد الأعراض على أماكن الإصابة بالجهاز العصبي المركزي، ولا يوجد نمط موحد لمرض التصلب العصبي المتعدد ومعظم المرضى يعانون من أكثر من عرض، حيث تقول نوري إن الأعراض قد تتبدل من وقت لآخر وقد تتغير في قوتها ومدتها حتى في المريض ذاته، ومن أكثر أجهزة الجسم إصابة بالمرض هي الاضطرابات البصرية، كالغشاوة البصرية «الزغللة»، وازدواج الرؤية، ?والتهاب العصب البصري. موضحة أنه ?نادرا ما يحدث فقدان تام للرؤية، بالإضافة لذلك فإن المريض يعاني من ?مشاكل الاتزان والحركة، وقد يصاب برعشة سير غير متزن، ?ودوار وإرهاق، وضعف، وقد تصاب القدمان بالتنمل، كذلك قد يفقد المريض السيطرة والتحكم في المثانة والخروج، بالإضافة للمشاكل الجنسية. وتلفت نوري إلى أن مرض التصلب اللويحي ليس له أي حميات تقي منه، أو تمنع الإصابة به، موضحة أن المريض يجب أن يحصل على وجبات غذائية متوازنة، والتي تضمن له الحصول على كل ما يحتاج إليه من فيتامينات وأملاح. وتضيف أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على القليل من الدهن الحيواني والغنية بالدهن غير المشبع، قد تفيد بعض المرضى، كما ينصح بالإكثار من المأكولات البحرية التي تحتوي على أملاح ومعادن مهمة مثل الأوميجا 3 و6 و9 والتي تساعد في إعادة تكوين المايلين. ? تشخيص ترى الدكتورة سوزان نوري، أن تشخيص مرض التصلب المتعدد يختلف عن تشخيص باقي الأمراض الأخرى، حيث لا يوجد اختبار مباشر لتشخيص المرض سلبا أو إيجابا ولا يوجد فحص واحد من مجموعة الاختبارات يصلح لتشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد 100% بشكل نهائي، وتضيف «هذا يعني أن الطبيب سوف يشخّص مرض التصلب العصبي المتعدد عن طريق المزج بين ملاحظة أعراض المرض واستثناء احتمالات أخرى، وهذا يسمى تشخيصا سريريا «إكلينيكيا»، ويتم تأكيد الإصابة بعمل ?الرنين المغناطيسي للدماغ، والنخاع الشوكي، حيث إنه يظهر وبدقة متناهية التغيرات التي تصيب الجهاز العصبي، والتي عادة ما تأخذ أشكالا وتوزيعاً محدداً، وتصيب أماكن معينة من الجسم. يصعب التكهن به تقول الدكتورة سوزان نوري إن مريض التصلب المتعدد يتعرض لانتكاسات ثم خمول أو سكون، وفي حالات أخرى يتخذ المرض شكلاً متقدما منذ بداية حدوثه، وتضيف «هذا المرض يصعب التكهن به، وكثيرا ما تبدأ الأعراض أو الهجمات بشكل مفاجئ، وغالبا ما تختفي أعراض المرض تلقائياً في بداية الإصابة به، ثم تحصل هجمة أخرى في مكان آخر وهكذا، وهذا النوع من المسار المرضي هو الغالب، ويدعى «الانتكاسي التراجعي»، ويصيب نحو 75? من المرضى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©