الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغيير العمل يكشف الشخصية

تغيير العمل يكشف الشخصية
20 مايو 2011 20:20
لو كنتَ مديراً للموارد البشرية، وعلى طاولتك طلبات توظيف لثلاثة أشخاص، الأول عمل 15 سنة في مؤسسة واحدة، والثاني عمل في 15 مؤسسة خلال سنة واحدة، والثالث عمل في 15 مؤسسة خلال 15 سنة، فمن هو الأولى بالوظيفة من وجهة نظرك؟ وإذا واجهتَ الأشخاص أنفسهم، لكن بصدد الدخول مع أحدهم إلى مؤسسة زواج، أو رحلة صداقة، فأي واحد منهم ستكتب اسمه على صفحة قلبك أو تقطع معه التذكرة؟ أعتقد أن الأنسب في جميع الحالات ذلك الذي عمل في 15 مؤسسة خلال 15 سنة، لأنه من المرجّح، وفي الأحوال العادية، وإذا لم تكن هناك أسباب وجيهة واضطرارية لاستمرار الأول في مكان واحد 15 سنة، وتغيير الثاني 15 مكاناً في سنة واحدة، أنهما مثيران للمتاعب. الأول الذي عمل في مكان واحد 15 سنة، غالباً ما يكون شخصاً فقير التجربة قليل المعرفة، لأنه تعلّم كل شيء لكن عن شيء واحد فقط، حجري التفكير، جامداً وتقليدياً وقد يكون عنيداً، متكلّساً ومتقوقعاً على نفسه وعلى أشخاص محدودين، وإذا أحب فقد أحب، وإذا كره فقد كره، لا شيء يجعله يتزحزج عن موقفه، يكره التجديد ويفكّر ألف سنة قبل أن يخطو خطوة إلى الأمام، يتردد في قطف الثمرة الناضجة إلى أن تيبس وتأكلها الديدان. وهو يتخذ من القناعة عباءة يخفي تحتها جثة طموحه الميت. وصفة الصبر التي يعتقد أنها يتحلى بها، هي أقرب إلى الاستسلام والقنوط، وكذلك الأمر في الإخلاص والولاء، فهما لا ينبعان من حب ووفاء، بل من عداء للتغيير وخوف من الإقدام، ويعتقد أن تغيير وظيفته أو مقرّ سكنه أو دخول أصدقاء جدد في «الشلة» يعني نهاية العالم، وانهيار سقف الكون على رأسه. وإذا سافر إلى بلد ما، فإنه ينسى أن الدنيا بها مئات البلدان، بل ويصرّ على زيارة الأماكن نفسها في البلد نفسه. وقد يكون متبلّد الإحساس، يسكت عن الأخطاء إلى ما لا نهاية، ظناً منه أنها الحكمة والرويّة. أما الثاني الذي عمل في 15 مؤسسة في سنة واحدة، فهو صاحب تجارب غير ناضجة ومشوّهة، وفي الغالب يكون «أبو العرّيف» الذي يعرف كل شيء عن كل شيء، متعجرفاً سريع الغضب، يملّ بسرعة ويستعجل قطف الثمرة غير الناضجة، ثم يرميها لأنها مُرّة المذاق ويتهم الشجرة بأنها هي التي أخطأت. يدّعي أنه شخص طموح، لكنه في الواقع متهوّر وأخرق يبحث عن فرصة أفضل في عمل آخر، وعن شريك يفهمه أكثر من الشريك الحالي، وعن حظ أوفر مع صديق جديد. ولا يمكن الاعتماد عليه، ويبيع شريكه ورفيقه بالتافه من الأمور والمشكلات، ولا يمكن توقع ردّات فعله. وهو أيضاً يعاني من الحساسية المفرطة، فيثور ويشهر سيف الاستقالة أو الطلاق أو قطع العلاقة مع أول مشكلة أو اختلاف في وجهات النظر. ويعتقد أن الكرة الأرضية تدور بعكس الاتجاه الصحيح، وأن كل مخلوقات العالم تحيك المؤامرات ضده. ويُفترض أن الثالث الذي عمل في 15 مؤسسة خلال 15 سنة، على عكس الأول والثاني في كل ذلك، ويُفترض كذلك أن تختلف الشخصية سلباً أو إيجاباً بمقدار التطابق مع الحالات المذكورة أو الاختلاف عنها في عدد السنوات، وعدد مرات تغيير الوظائف، وهذا في كل الأحوال مجرد توقعات وتخمينات قد لا تنطبق إلا على بعض الأشخاص، وفي بعض الحالات، وهذا كله كلام فارغ لا دليل عليه. أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©