السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب.. صبيانية الرئيس المحتمل!

17 أكتوبر 2016 10:46
رسمت عينا دونالد ترامب نسخة جيدة من تلك النظرة الصارمة والقاسية، التي تكون فيها العينان شبه مغمضتين، خلال المناظرة الرئاسية التي جمعته بهيلاري كلينتون الأسبوع الماضي. وكثير منا، نحن الرجال، يعرف تلك النظرة وذاك التعبير على الوجه، لأننا نجرّبها في سن الثالثة عشرة اعتقاداً منا أنها تُبهر الفتيات! ولكنها لا تفعل، ولذلك فإننا سرعان ما نتخلى عنها، أول على الأقل، سرعان ما يتخلى عنها معظمنا. وفي المقابل، كانت ترتسم على محيا هيلاري كلينتون ابتسامة صبورة. ذاك التعبير على وجه كل امرأة تكبح وتكظم غضبها أثناء محاولة شخص فظ ومدّعٍ إلقاء محاضرة عليها في مواضيع لا يفقه فيها شيئاً. وللأسف، فإن النساء لا يحظين أبداً بفرصة التخلي عن ذاك التعبير لأن ثمة حاجة دائمة إليه، أو هكذا تقول لي زوجتي. ولكن المثير هو أن فظاظة ترامب ربما أخذت تتجاوزه. فترامب يدعو إلى سياسات مشوشة ومضطربة أو لا معنى لها: ترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي بشكل جماعي، ومنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وإضعاف حلف «الناتو»، وخفض الضرائب على المليارديرات وزيادتها على «الوالدين العازبين»، والاستسلام لروسيا بشأن القرم. ومع هذا، يبدو أن كل ذلك لا يسبّب له أي متاعب سياسية كبيرة. غير أن ضعفه وهشاشته يكمنان في نذالته، على ما يبدو. فهو نذل تجاه النساء، شيء أظهره بشكل جيد خلال مناظرة الأسبوع الماضي، حيث قام بمقاطعة كلينتون 51 مرة، حسب ما أحصته قناة «فوكس» التلفزيونية (بينما قاطعته هي 17 مرة). غير أن ترامب يبدو غافلًا عن فظاظته. والواقع أن شيئاً ما في سلوك ترامب يذكّر بسلوك ولد في الصف السابع: التباهي بعدم إنجاز الفروض المنزلية، والعادة المتمثلة في إلقاء اللوم على الآخرين وتحميلهم المسؤولية عندما تنحو الأشياء منحى سيئاً، والميل إلى المبالغة في كل شيء، والتبجح من أجل إخفاء الإحساس بانعدام الأمان وعدم الثقة بالنفس، والانتقاص من الآخرين والحط منهم، والكسل، والنرجسية، والأنانية، وعدم القدرة على الإحساس بما يحسه الآخرون، وانعدام النضج الذي ينتقص من النساء ويختزلهن في أجسادهن. والواقع أنني أهين الأولاد الذين هم في سن الثالثة عشرة حينما أشبّههم بالرجل الذي يمكن أن يصبح رئيسنا المقبل. أعتذر إليكم أيها الأولاد، فمعظمكم أفضل من ترامب بكثير! بيد أن ترامب صبياني ليس في ما يتعلق بقضايا النوع فحسب، ذلك أنه يتباهى أيضاً، على ما يبدو، بالأشياء التي يستطيع التملص منها، مثل عدم دفع الضرائب. فعندما نبّهت كلينتون أثناء المناظرة إلى أنه لم يقم خلال عامين على الأقل بدفع أي ضرائب فيدرالية، أجاب قائلاً: «ذلك إنما يعكس ذكائي في الواقع!». فلسان حاله يقول إن الأشخاص الذين يدفعون الضرائب مغفلون- وهو أمر يثير غضبنا جميعاً- نحن الذين ندفع الضرائب، والذين نريد رؤية كشوفه الضريبية. بيد أنه حتى إذا كان ترامب يتصرف مثل ولد في المرحلة الإعدادية، فإن سياساته ستكون سياسات رجل بالغ خطير. ولهذا، كنتُ أتمنى لو أن المناظرة ركزت أكثر على تلك المقترحات الجوهرية، لأنه إذا كانت تعليقات ترامب صادمة ومفتقرة إلى الإحساس، فإن سياساته ستكون بدون شك أكثر إثارة للصدمة! فقد كنتُ أتمنى لو أن آراءه البدائية حول مواضيع النوع قادت إلى مناقشة جادة لمواضيع تخص النساء وقلما تحظى بالمناقشة، مثل العنف الأسري الذي تعانيه امرأة من كل أربع نساء، أو الاتجار في البشر، الذي يدفع نحو 10 آلاف أميركية دون سن الرشد إلى تجارة الجنس كل عام. ولا شك أن إحدى إيجابيات وجود مزيد من النساء في الحياة العامة يجب أن تكون فحصاً ومراقبة أكبر للفروق في الأجور بين النساء والرجال، وانتباهاً أكبر للحاجة إلى رعاية نهارية ذات جودة عالية للأطفال. غير أنه إذا تبين أن كعب أخيل بالنسبة إلى ترامب ليس سياساته الخرقاء فحسب وإنما تصرفه الفظ وعديم الذوق أيضاً، فليكن الأمر كذلك. فلا شك أن ثمة أسباباً مهمة، تتعلق بالسياسات، للشعور بالاستياء إزاء فكرة احتمال وصول ترامب إلى البيت الأبيض، ولكن الناخبين ربما يستاؤون من سلوكه الشخصي أكثر: فنحن نصادف في حياتنا اليومية ما يكفي من الأنذال، فلماذا قد نرغب في نذل آخر ليكون رئيساً لنا أيضاً؟ وخلاصة القول: إن المدرسة الإعدادية هي المرحلة الصعبة من حياتنا التي يتعين علينا جميعاً اجتيازها. فلماذا نقبل بأن نخضع أنفسنا لـ«زعيم» يأبى إلا أن يظل في الصف السابع؟ *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©