السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية.. وخطاب ترامب غير الرادع!

21 يناير 2018 00:03
تهكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام القليلة الماضية على زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، وكتب على «تويتر» يقول «لدي أنا أيضاً زر نووي، لكنه أكبر وأكثر قوة من زره. وزري يعمل!» ويمكن تفسير تعليق الرئيس على أنه يستعرض القدرة على الردع، ويواجه طاغية لديه سلاح نووي بخطاب شديد اللهجة. وإذا صح هذا، فإن ترامب يعتمد على تقليد راسخ يرفض الاسترضاء، ويؤيد الدبلوماسية المسلحة أو الإرغامية. وترامب ليس مخطئاً إذا اعتقد أن التلويح بالحرب يمثل أداة سليمة لم تستخدم بما يكفي في صناعة سياسة الدولة. لكنه يغامر بأن يجعلها تحمل اسماً سيئاً من خلال إهاناته الصبيانية، ومن المرجح أن ينتهي بها الحال إلى تحقيق عكس ما يريده. وتأتي تعليقات ترامب بعد عام من الإهانات والتهديدات بين الزعيمين. فقد أطلق ترامب على كيم «رجل الصواريخ الصغير». وهدد في أبريل الماضي بـ «نار وغضب لم يشهد لهما العالم مثيلاً من قبل». وفي أغسطس، حذر من أن «الحلول العسكرية جاهزة تماماً ومعدة للاستخدام إذا تصرفت كوريا الشمالية بغير حكمة. الكلام ليس الحل». وفي سبتمبر الماضي، أعلن في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة مستعدة لأن «تدمر كوريا الشمالية تماماً». وكتب على «تويتر» تغريدة قال فيها، إن «النظام الحاكم في كوريا الشمالية إذا واصل السير في مضماره الحالي، فإنه لن يبقى طويلاً». وأضاف أن كيم من الواضح أنه رجل مجنون. وفي نوفمبر كتب يقول: (لماذا يهينني كيم جونج أون بوصفي بأنني عجوز على حين أنني لن أصفه أبداً بأنه قصير وسمين؟). ورغم اعتقاد بعض المنتقدين بأن تغريدات ترامب متهورة، لكن من الواضح فيما يبدو أن التغريدات الموجهة نحو كوريا الشمالية تمثل جزءاً من استراتيجية مدروسة للخطاب. وقبل خمس سنوات، شعر ترامب بالقلق مما اعتبره تراخياً شديداً من الرئيس باراك أوباما تجاه كوريا الشمالية. وكتب يقول «يتعين على رئيسنا أن يكون حذراً للغاية مع المعتوه البالغ من العمر 28 عاماً في كوريا الشمالية»، ونصح الرئيس بأنه في مرحلة ما ربما يتعين علينا إصدار تهديدات صريحة تماماً في شدتها. وتعليقات ترامب عن كوريا الشمالية في العام الماضي، تشير إلى أنه يعتقد أن وقت التهديدات الصريحة قد حان، وأن مثل هذه التهديدات هي الاستراتيجية الدبلوماسية الملائمة تجاه «المعتوه». وترامب يعتقد أن استراتيجيته الخطابية تجدي نفعاً. وهذا الأسبوع، وبعد انتقادات واسعة النطاق لتغريدته عن الزر النووي الأكبر والأقوى، زعم ترامب أن كلماته الشديدة ساعدت بالفعل في دفع كوريا الشمالية نحو المحادثات. وقال «مع كل التقديرات الفاشلة للخبراء، هل يعتقد أي شخص حقاً أن المحادثات والحوار كانت ستدور بين كوريا الشمالية والجنوبية الآن لولا أنني كنت حاسماً وقوياً ومستعداً لاستخدام كل قوتنا ضد الشمال». وربما يكون من المطمئن أن تهديدات ترامب وإهاناته أقل تهوراً، مما قد تبدو عليه، وأنها جزء من استراتيجية استخدمها قبل فترة طويلة من بداية رئاسته. لكن نهجه الخطابي مازال شديد الخطورة بصرف النظر عن مدى تمعنه في بحثه. ونجاحه يعتمد على وجاهة مزاعمه، وليس على الوقت الذي أنفقه في بحثها. فهل ينحني الطغاة أمام لهجة الخطاب الشديدة؟ والإجابة قد تكون أن ترامب يغامر باحتمال نشوب حرب نووية. الدبلوماسية شيء جيد، والدبلوماسية المصحوبة بالقدرة على العمل العسكري أفضل. والفكرة أقرب للحكمة التقليدية منها إلى الاستبصار المبدع، فقد قال الزعيم الصيني ماو تسي تونج، إن «القوة السياسية تنمو من فوهة المسدس». والرئيس الأميركي تيودور روزفيلت، قال «تحدث بلطف وأحمل عصا كبيرة». ونظرية الدبلوماسية المسلحة صحيحة بدرجة ما وغيابها يفسر جانباً مما وقع فيه سلف ترامب في المنصب من خطأ. وخطأ ترامب لا يتمثل في النظرية بل في كيفية تطبيقها. ففي جانب، لا يتكلم ترامب بلطف، بل يتكلم بصوت مرتفع وبفجاجة. والحديث بلطف يستهدف عدم إثارة رد انفعالي من خصم حاصرته وتحاول إرغامه على التراجع. وكلما كانت كلمات ترامب انفعالية وشخصية كلما كان عثور كيم على مخرج يحفظ ماء الوجه أصعب. وفي مرحلة ما، قد يتوصل كيم مثل الزعيم العراقي صدام حسين إلى أن الطريقة الوحيدة لحفظ ماء الوجه هي القتال. وعلى الأقل يستطيع كيم أن يقنع نفسه أن القتال أشرف من تقبل الإهانات. وهذا يخبرنا عن خطر أكبر آخر في نهج ترامب في دبلوماسية الأزمات. ورغم تبصره، فليس من الواضح تماما أن ترامب بحث السيناريوهات المتعلقة بالطريقة التي يتوقع أن يستجيب بها كيم. وترامب متشبث برؤية واحدة وهي أنه يجب أن تغلظ الكلام للطغاة وهو يكررها حتى الغثيان دون فكرة واضحة عما إذا كانت تنطبق على كوريا الشمالية. والتكرار يجدي نفعاً في الإعلان وفي تلفزيون الواقع. لكن عدم المرونة المبسطة تلك أمر غير مسؤول في الدبلوماسية الدولية. وليس صحيحاً أن اللهجة الشديدة تدفع الطغاة إلى التراجع دائماً، بل تدفع اللهجة الشديدة أحياناً إلى الثأر والتصعيد. وإذا هدد ترامب «كيم» وهدد «كيم» ترامب، فقد يشعر كل واحد منهما بأنه مضطر لأن يتفوق على الآخر في تصاعد خطير قد لا يستطيع أن ينهيه أي منهما. وقارن روبرت جيرفيس، الباحث في الشؤون الدولية، بين المزايا النسبية للردع مقابل مزايا «نموذج التصعيد» على مدار أكثر من 40 عاماً. وكتب جيرفيس في وصف الحالة الكلاسيكية للصراع المتصاعد يقول «السعى للأمن... ينتج أفعالاً جريئة إذا تطلبت الدول درجة عالية للغاية من الأمن أو شعرت بالتهديد من مجرد حضور دول أخرى قوية». وزعماء كوريا الشمالية يشعرون بالتأكيد بالتهديد من الولايات المتحدة. وغرض ترامب النهائي من تهديد كوريا هو أن يجعلها تشعر بالتحدي. عن دورية فورين بوليسي *مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي في إدارتي بوش الابن وأوباما. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©