الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
23 نوفمبر 2008 00:40
حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يكن ممكناً العثور على مقابلة صحافية واحدة مع أحد المنتمين إلى السلك الفني، سواء كان مبتدئاً أو مخضرماً، فناناً أصيلاً أو متسللاً، وأيضاً: أنثى أو ذكراً، إلا وجاءت المقابلة منطوية على سؤال محوري: ''ما هي أبرز عيوبك؟'' ودائماً كان الجواب موحداً كزي مدرسي: ''طيبة القلب!!'' يكاد الأمر أن يكون فيروساً متفشياً في الوسط الفني، يصيب بعدواه الجميع، لا ينجو منه حريص، ولا يجدي معه لقاح، ولا تردعه وقاية، جميعهم (وجميعهنَّ) طيبو القلوب، وهي آفة مستشرية، عبثاً يسعى القوم لدرء مخاطرها بالبوتوكوس والسيلوكون، وجدع الأنوف، وأُمور أُخر·· من شأن هذا الإجماع العفوي على القلوب الطيبة أن يشكل عنواناً لفيديو كليب جماعي، يماثل الحلم العربي الطيب الذكر، ولن يكون متطلباً على مستوى الإضاءة والديكور والكومبارس وسائر التقنيات الإخراجية· يكفي أن يتحلق الجميع وينشدوا بصوت واحد أغنية حماسية، تعبر عن معاناتهم مع قلوب أدمنت خذلانهم في المواقف العصيبة، فلانت حيث كان يجدر بها أن تقسو، وغفرت يوم اقتضت الضرورة كل ما يناقض المغفرة، وتغاضت عن جراح أليمة تسببت بها كائنات مندسة في الوسط الفني المبارك، لم يدركها وباء الطيبة المنتشر كالنار في الهشيم· جميعهم طيبون حتى النخاع الشوكي، فمن أين جاءت كل تلك المؤامرات والدسائس، وكيف انشقت الساحة الفنية عن هذا القدر الاستثنائي من الحيل والألاعيب والخدع التي تحيل هوليوود ومستنسخاتها إلى رياض أطفال فيما لو قُورنت بها، ومن هم أولئك المتآمرون الذين يثيرون عواصف الغيرة والنميمة والحسد بين جماعة من أهل الفن يضاهون الأطفال براءة؟ والأهم: متى يدرك القيمون على الوسط الفني ضرورة التأسيس لشرطة طيبة تمنع أصحاب القلوب السوداء، وحتى الملونة، من مجرد التفكير في النظر إلى الفن وأهله، قبل التحلل من كل الخطايا المتغلغلة في سراديب قلوبهم؟! جميعهم مصابون بطيبة القلوب، وهذا يشبه التشوه الخَلقي في زمن الخبث والخداع والتمويه، زمن الوجوه المستنسخة، والأجساد المنكفئة إلى ذواتها، والحناجر المنشدة وفق الإيقاع الإلكتروني، زمن يتآمر فيه الجميع على الفن وأهله دافعين بهم نحو التنكر لقلوبهم النقية، لكن الخشية من أن يكون الآتي، كشأنه غالباً، أسوأ، فإذا استمر إلزام الجماعة بالحديث المستمر عن مشكلة طيبة القلب التي يشكون منها، يُخشى أن لا يبقى لديهم الوقت الكافي لوضعها موضع التنفيذ· علي العزير alazir23@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©