الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرصنة في الصومال··· كيف يمكن وقفها؟

القرصنة في الصومال··· كيف يمكن وقفها؟
22 نوفمبر 2008 02:15
خلال الأسابيع القليلة الماضية، استطاعت مجموعة من الأشخاص تنتسب إلى دولة فاشلة كانت منسية منذ ما يزيد على عقد من الزمن، لفت انتباه العالم مرة أخرى· ففي وقت تفشل فيه حكومة الصومال الانتقالية الضعيفة في فرض سيطرتها على الأرض، نجحت عصابة من القراصنة المنظمين تنظيماً جيداً في بسط سيطرتهم على الخطوط البحرية للبلاد· وقد دفع نجاح القراصنة مؤخراً في اختطاف سفينة أوكرانية تنقل أسلحة وذخيرة، وناقلة نفط سعودية··· دفع العالم إلى التحرك أخيراً، حيث قامت بلدان كثيرة بإرسال سفن وقطع حربية للقيام بدوريات في مياه المنطقة، من السواحل الصومالية حتى خليج عدن· غير أن الحل على المدى الطويل هو أكثر بساطة وأقل كلفة، وربما يتمثل في أن ننسى أمر سفن الشحن ونركز على الصيد· فإضافة إلى الحاجة الماسة والفورية إلى إرسال سفن حربية بشكل مؤقت من أجل مراقبة وتأمين المياه المضطربة هناك، ينبغي نشر قوات تكون مهمتها حماية المصايد، وذلك تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي أو ائتلاف يضم دولاً ترغب في القيام بهذه المهمة، حيث سيعالج هذا الخيار السبب الأول لمشكلة القرصنة، وينزع عن قراصنة القرن الحادي والعشرين الشرعية، وهو حل سيحظى بقبول أوسع في المنطقة باعتباره جزءاً من الحل الدائم· أولاً، سيعالج هذا الخيار المشكلــــة التي كانت في الأصل وراء استشــــراء أعمال القرصنة، ذلك أن مشكلـــــة القرصنة في الصومال ظهرت قبل نحو عشر سنوات من اليوم نتيجــــة سخـــط واستيــــاء الصيادين؛ حيث لم تكن لهذه الدولة التي تفتقر لسلطة مركزيـــــة، القدرة على القيام بدوريــــات في ميـــــاه سواحلها الغنية بسمك ''التونا'' ولمراقبة السفن التجارية الأجنبية التي كانت تتهافت على المنطقة لإلقــــاء شباكهـــا· وتبين أن ذلك شكل صفعــــة على وجه الصوماليين الذين كانوا ينظرون إلى هذه السفن باعتبارهــــا غير قانونيــــة وتجني أرباحــــاً على حساب السكان المحليين الفقراء· ومما زاد الطين بلّة صدور تقارير تفيد بأن بعض السفن الأجنبية كانـــــت تلقي بالنفايات في الميــــاه الصوماليــــة· كل ذلك دفع الصيادين المحليين إلى مهاجمة سفـــن الصيد الأجنبية والمطالبة بتعويضات، غير أن نجاح هذه الغـــارات الأولى في منتصف عقد التسعينيــــات دفع العديد من الشباب إلى الإحجام عن مزاولـــــة الصيد وحمــــل بنادق ''إي كي -''47 بدلاً من ذلك· وبالتالي، فإن من شأن جعل المناطق الساحلية مربحة مرة أخرى بالنسبة للصيادين المحليين أن يشجع القراصنة على العودة إلى الطرق الشرعية لكسب العيش· ثانياً، إن من شأن إنشاء قوة دولية لحماية المصايد الصومالية أن ينزع عن القراصنة أي صفة شرعية· فقد قال المتحدث باسم القراصنة سوجول علي للصحافة الدولية، في الشهر الماضي، إن رجاله نفذوا هجمات في المنطقة بهدف منع الصيد غير القانوني وللحيلولة دون تلويث وإلقاء النفايات في مياههم الوطنية· ولئن كانت هذه الحجة واهية كما يبدو، إلا أنها مهمة بالنسبة للصورة العامة للقراصنة لدى الجمهور وشرعيتهم· وبالتالي، فمن شـــأن تدخل المجتمع الدولي من أجـــل التعاطي مع هذه المخاوف أن يُفقد القراصنة حجتهم الوحيدة التي يستندون إليها لنيل الدعم والصدقية في الداخل· ثالثاً، إن نشر قوة دولية لحماية قطاع الصيد البحري الصومالي سيُحقق الهدف نفسه الذي ستحققه السفن الحربية، لكن بطريقة أكثر قبولاً، وذلـــــك على اعتبار أن السبب الرئيسي لازدهار القرصنة بمحاذاة السواحل الصومالية يكمن في حقيقة أنه لا توجد سلطة للقيام بدوريات في هذه المياه· وبالتالي، فإن السفن الأجنبية المسلحة ستساهم في سد ذلك الفراغ وردع الهجمات، لكن مع المهمة الصريحة والواضحة المتمثلة في خدمة الشعب الصومالي، والذي سجــــل ما يكفي من الأسباب ليكره ويمقت التدخلات العسكرية الأجنبية ومن المحتمل أن ينظر إلى وجود سفن حربية في مياهه باعتبارها تهديداً وانتهاكاً لسيادته· قد يجـــادل المشككـــون بأن ذلك التهديــــد هو بالضبط ما يحتاجه أفراد العصابات هؤلاء، والحال أن عمليات القمع المؤقتـــة أثبتت حتى الآن قصورها وعجزها عن حل المشكلة· فقد سبق لـ''اتحاد المحاكم الإسلامية'' أن قمع بقوة ووحشية القرصنـــة خـــلال الفترة القصيرة التي سيطر فيها على العاصمة الصومالية عام ،2006 لكن القراصنة انتظروا حتى رحيلهم وباتوا اليوم أقوى من أي وقت مضى· وعلاوة على ذلك، فإن القراصنة يميلون أيضاً، أمام ازدياد الضغوط عليهم، إلى الإبحار بعيداً على طول الخط الساحلي الصومالي في مناطق من البحر تصعب مراقبتها والقيام بدوريات فيها· غير أن قوة لحماية المصايد يمكنها أن تقنع القراصنة بأنها موجودة هناك وأنه لا جدوى من الفرار· إن النجاح في القضاء على القرصنة في منطقة السواحل الشرقية لأفريقيـــا لن يتأتى إلا حين تصبح الصومــــال دولة ناجحة ومستقرة وذات اقتصاد مزدهر· في هذه الأثناء، تستطيع قوة دولية لحماية المصايد الصومالية أن تبقي القرصنة تحت السيطرة في الوقت نفسه الذي يركز فيه العالم موارده على مشكلته الأكبر· إن من شأن هذا الحل أن يجعل المياه الصومالية أكثر أمناً ويمنح شعبها الأمل في المستقبل، وما أحوجه إليه! كيتي شتولدريهر باحثة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©