الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

برلمان السودان يوافق بشروط على قرار مجلس الأمن

16 مايو 2012
الخرطوم (الاتحاد) - أعلن المجلس الوطني السوداني (برلمان)، موافقة مشروطة على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن السودان وجنوب السودان الذي يقضي بالدخول في مفاوضات بين الدولتين. وفيما أوصى البرلمان، الذي أعلن موافقته المشروطة، بانتهاج سياسة خارجية متوازنة تلبي طموحات السودانيين وضبط تصريحات المسؤولين، مطالباً في الوقت نفسه بالتعامل مع حكومة الجنوب “دوماً بسوء الظن”، وشن وزير الخارجية السوداني علي كرتي هجوماً عنيفاً على مسؤولين حكوميين، قال إن تصريحاتهم أضرت بالبلاد خارجياً على شاكلة “الجماعة ديل ما بيجو إلا بالعصا” وإطلاق وصف “الحشرة الشعبية” على الحركة الشعبية الحاكمة في جوبا والتهديد صراحة أو ضمناً بالزحف إلى جوبا (بنمشي جوبا). وحدد رد لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، على بيان وزير الخارجية الذي قدمه رئيس اللجنة محمد الحسن الأمين، 7 شروط للتعامل مع قرار مجلس الأمن 2046 تضمن أولوية التفاوض حول المسائل الأمنية والعسكرية قبل المسائل العالقة الأخرى، وعدم التعامل بعبارة «الأراضي المدعاة»، لأنها فضفاضة ويمكن أن تجعل السودان يدعي معظم أراضي الجنوب باعتبارها كانت جزءاً منه، ورفض التعاون والحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، إضافة إلى رفض تحويل دور الوسيط إلى محكم، وعدم القبول بقرارات تفرض من أية جهة، ورفض الاتفاقيات الحزبية الإطارية التي رفضتها الأحزاب، بجانب رفض السماح لمنظمات الإغاثة ذات الأهداف العدائية بالدخول لمناطق التمرد، ورفض تجريم السودان في دفاعه عن أراضيه. وأوصت اللجنة بانتهاج سياسة خارجية متوازنة تلبي طموحات الشعب السوداني، وضبط تصريحات المسؤولين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وإنشاء فضائية موجهة ناطقة باللغات العالمية الحية والأفريقية. وفي كلمته أمام البرلمان، أكد وزير الخارجية أن التصريحات التي تحمل إسقاطات عنصرية، التي أطلق بعضها علناً الرئيس السوداني عمر البشير في خطابات حماسية، “تفهم بطريقة خاطئة دولياً وإقليمياً وتسري في أفريقيا سريان النار في الهشيم، وتمثل حرجاً دبلوماسياً بالغاً للسياسة الخارجية السودانية”. وطالب بضبط تصريحات المسؤولين فيما يتعلق بالعمل الخارجي، مبيناً أن ثمة تصريحات تحيي من جديد ادعاءات جنوب السودان العنصرية التي سوق لها قبل الانفصال. وأكد أن التصريحات اليومية التي تقال هنا تفهم خارج إطارها مثل “الناس دي ما بتجي إلا بالعصا”، لافتاً إلى أنها تكرس لدى الأفارقة بيت الشعر العربي القائل: “لا تشتري العبد إلا والعصا معه”، دون أن يكمل شطر البيت الآخر (إن العبيد لأنجاس مناكيد)”. وأضاف “مثل هذا يسري في أفريقيا سريان النار في الهشيم، لا سيما أن القارة تعاني عقدة الاستعباد والدونية. وأشار إلى أن وزارة الخارجية لم تفشل في التعامل مع الدول الأفريقية، ولكن استمرار الادعاءات بالوتيرة نفسها بعد الانفصال وضعف التمثيل الدبلوماسي، والوجود الفعلي للحركة الشعبية في تلك الدول، شكلت عوامل ضد السودان. وأكد كرتي أن تمثيل السودان الدبلوماسي في دول وسط وجنوب أفريقيا ضعيف جداً، أما الدول التي يغيب فيها التمثيل “فحدث ولا حرج”. وقال كرتي إن أيلولة وزارة الخارجية للحركة الشعبية خلال الفترة الانتقالية بعد اتفاق سلام نيفاشا مثلت خطأ فادحاً يدفع ثمنه السودان حتى اليوم، مشيراً إلى أن وزير الخارجية وقتها الذي وصفه بـ”ألدّ أعداء السودان ـ في إشارة إلى دينق ألور (وزير الخارجية الحالي لدولة الجنوب) ـ تمكن خلال جولاته وصولاته الدولية المنفردة بتسميم الأجواء ضد السودان، لا سيما مع دول وسط وجنوب أفريقيا، وتابع «دا كلو حدث ونحن وأنتو قاعدين في السودان». وأكد كرتي أن الخارجية تبذل «جهوداً جبارة لترميم وجه السودان» خلال تلك الفترة التي وصل عدد دبلوماسي الحركة الشعبية فيها إلى 103 دبلوماسيين من جملة 500 سفير. واشتكى من ضعف الميزانية المخصصة للخارجية، وقال الضعف يصاحبه تقطيع وتأخير. وأكد أن وزارة الخارجية فشلت طوال السنوات الأربع الماضية في التوسع خارجياً إلا عبر سفارتين فقط. وكشف عجز سفارة السودان في روسيا عن دفع قيمة إيجار مبنى السفارة لمدة عام كامل، في حين نجحت دولة مثل بنين في سداد قيمة إيجارها. وأضاف “الأمثلة دامية ولا بد من البحث عن إمكانية لدعم الوزارة”. من جانبه، هاجم رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني غازي صلاح الدين العتباني، قرار مجلس الأمن ووصفه بالسيئ والمنحاز، إلا أنه شدد على ضرورة التعامل معه لأنه غير متعلق بالسودان وحده وإنما بطرفين وأطراف أخرى، مطالباً بالامتثال للقرار ولا ينفع “أن نقول لم أره ولم أسمع به”. وأشار إلى أن تلك الدول ستتعامل معه نظرياً. وطالب غازي بمعاملة الخارجية باعتبارها وزارة من وزارات الأمن القومي، وشدد على ضرورة زيادة ميزانيتها. وقال “إن القرار 2046 معركة سياسية في المقام الأول، ولا بد من الاستعداد لها وتحديد هوامش للتفاوض من حيث وقفت نيفاشا، وتطبيق الاتفاقية كاملة غير منقوصة تشمل الحالة الأمنية في النيل الأزرق وجنوب كردفان”، مشيراً إلى أن هذه القضية غير قابلة للمقايضة وينبغي للمفاوضين عدم التنازل عنها قيد أنملة، وطالب بسن استراتيجية واضحة للتعامل مع قرار مجلس الأمن وتوحيد الرؤى الوطنية حولها. وطالب نواب في البرلمان خلال مداخلاتهم بضبط الخطاب السياسي «غير المنضبط» وضرورة التمييز بين معطيات الخطاب المحلي والموجه للعالم الخارجي، واعتبر النواب أن الجنوب يمارس مع الشمال سياسة «ضربني بكا سبقني اشتكي». وقال النائب فضل الله أحمد عبد الله، « لو ما ضبطنا خطابنا السياسي سيسبب كثيراً من العراقيل أمام الخارجية»، وأكد النائب دفع الله حسب الرسول أن رفض القرار يشكل ضرراً على السودان وليس من الحكمة رفضه، وقال «ما أزعجني هو وصف وزير الخارجية بـ(الانبطاح) بعد تمسكه بالقرار»، وأضاف «إن من بدأ حياته منسقاً للدفاع الشعبي لن ينبطح»، ورأى حسب الرسول أن كرتي آثر الرأي على الشجاعة ولم يرد أن يدخل في مواجهة مع العالم، معتبراً أن في التفاصيل متسعاً لانتزاع الحقوق، وشبه موقف كرتي بموقف الرسول محمد صلي الله عليه وسلم أيام صلح الحديبية الذي لم يقبل به كبار الصحابة. من جانب آخر قال نائب رئيس جنوب السودان ريك مشار إن بلاده اضطرت للانسحاب من منطقة هجليج النفطية بسبب الضغط الدولي والإقليمي الكبير، “على الرغم من أنها تعتبر منطقة جنوبية محتلة”. وأكد مشار في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” أن حل الأزمة بين جنوب السودان والخرطوم لن يكون إلا عن طريق التفاوض، مشدداً على أن الملف الأمني بين الدولتين لن يحل إلا إذا عولجت قضايا النفط والحدود. وكانت الخرطوم وافقت في وقت سابق على خريطة الطريق التي اقترحها الاتحاد الإفريقي من أجل وقف الصراع بين البلدين حول عديد القضايا، وأهمها منطقة هجليج النفطية. وقال رئيس دولة جنوب السودان سيلفا كير الشهر الماضي إنه مستعد للتفاوض مع الخرطوم بشأن القضايا العالقة بين البلدين، على الرغم من اتهام الخرطوم لجوبا بتوسيع دائرة العداء، بعد تجدد الاشتباكات الحدودية. وكان وزير الإعلام في جنوب السودان برنابا مريال بنجامين قد قال عقب اجتماع مجلس وزراء دولة الجنوب في وقت سابق، إن “هجليج جزء من دولة جنوب السودان”. وأضاف أن جوبا كانت تعتزم “إجراء حوار مع السودان لاسترداد هجليج” بالطرق السلمية، و”ليس عن طريق القوة”، مشيراً إلى أن حكومة جنوب السودان بصدد “رفع قضية المنطقة للآلية الأفريقية لتضمينها في المفاوضات حول القضايا الخلافية الأخرى بين الدولتين”. يشار إلى أن الخرطوم أوقفت المحادثات مع جوبا بشأن رسوم مرور النفط الجنوبي، وغيرها من المسائل المعلقة بين البلدين، احتجاجا على احتلال هجليج. وأعادت الخرطوم السيطرة على منطقة هجليج في 21 من أبريل الماضي، بعد صراع مع جوبا، استمر لأسابيع، وذلك حسب وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©