الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صالحة غابش تروي روح الحياة الشعبية في رائحة الزنجبيل

صالحة غابش تروي روح الحياة الشعبية في رائحة الزنجبيل
21 نوفمبر 2008 03:01
صدر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة الرواية الأولى لصالحة غابش بعنوان ''رائحة الزنجبيل'' وتقع في 143 صفحة من القطع المتوسط، من خلالها تنقل للقارئ روح الحياة الشعبية· وعبر هذا العمل تسلك صالحة غابش طريقاً جديدة في مادتها الكتابية، بعد أن اشتهرت كشاعرة، وتأتي كتابة الرواية جرأة منها، وتطوراً نوعياً في مسيرتها الإبداعية· والحوادث الواقعية التي تسردها عبر هذه الرواية الجميلة، تعكس نفسية صاحبتها منذ الطفولة وحتى يومنا هذا، حيث تستنزف طاقتها الفكرية والنفسية لإنجاز عمل مهم يحمل ملامحها المتفردة، ويثير خيالات القارئ· في هذه الرواية هناك محاولة اختراق كبيرة، قامت بها صالحة غابش عندما تكتب في حقل الرواية، عبر لغة شاعرية ساحرة، هذه الرواية التي تنتمي إلى مرحلة زمنية حياتية تمثل طبيعة المجتمع الإماراتي المتآلف المنتمي إلى الحي القديم، وترتبط برؤية إنسانية جسدتها بدرجة عالية من الاقتدار الفني· لقد استجابت صالحة غابش في هذه الرواية لدعوة ملحة وقضية اجتماعية عاشها الإنسان الإماراتي، بكل ما اكتنف ماضيه من آلام ومعاناة، وما كابدته المرأة في مواجهتها للظلم الاجتماعي، من خلال بطلتها علياء، حيث عبرت عن إيقاع الحياة اليومية، فهي على وعي دقيق في اختيار فكرتها وعنوانها والشخصية الرئيسية التي ستلعب دوراً كاريزمياً فهي عمل فلسفي، بقدر ما هو عمل أدبي· بدأت صالحة روايتها بموقف وفكرة مركزية، حيث تناولت الفكرة بطريقة جديدة، تندغم فيها الأبعاد الوطنية والاجتماعية والإنسانية، أما قصة الرواية فإنها حقيقية وتدور في أحياء الشارقة ووادي الحلو وبعض الأمكنة الأخرى، يتضح ذلك من خلال الأجواء الاجتماعية التي عاشتها، وما تقدمه من دلالات توحي بذلك، فهي عبارة عن صور وأفكار متداعية بينها رابط منطقي، وإنه لمن الرائع عند قراءتنا هذا العمل الإبداعي أن نتفاعل معه حتى النهاية، كونه يجعلنا نلهث وراءه لكثرة ما هو مشحون بالمشاعر، فنبتسم طرباً تارة، ونتأثر حزناً تارة أخرى· موضوع ''رائحة الزنجبيل'' إنساني دافئ يصلح بؤرة للحدث، لاكتناه هذا الموضوع بجزئياته وتفصيلاته على ظروف إنسانة مرت بظروف صعبة، وشخصيات الرواية متنوعة إلا أن الشخصية الفاعلة علياء شخصية كما يبدو معذبة، عصفت بها أزمات نفسية مردها أزمات اجتماعية حادة مرت بها· لقد انتهجت الكاتبة في روايتها أسلوباً واقعياً، ونظرت إلى الأمور بعمق، فهي تطرح الإشكالات ثم تجيب عنها شيئاً فشيئاً، ولم تستطع كغيرها من الروائيين الاستغناء عن السرد التقليدي، وأحياناً تلجأ إلى مناجاة الذات، الذي بدوره يوصل القارئ إلى نفسية البطل من غير تدخل من الكاتب، واستخدمت صالحة مختلف الضمائر ''المتكلم، المخاطب، والغائب'' وكشفت لنا عن طبائع شخصيات روايتها ودور كل منهم في تطوير أحداثها· كما برعت صالحة في وصف دلالات المكان ورسمت خريطة تفصيلية له ''أطفئت القناديل، والتحفت البيوت بظلامها باكراً كالمعتاد في هذا الليل الشتوي الطويل، مما أوجد غطاء لبعض الأنشطة المحظورة في هذه المدينة''· إن هذا يكشف لنا عذوبة الأسلوب وخصوبة العبارة، عبر شاعرية أصيلة تدفع المتلقي للتوسع في خيالاته· وتوغل الكاتبة في وصف تداعيات العقدة وتأزمها· ''فجأة تصدر عبدالرحمن رفيق الدراسة والحياة، أحست بانتكاسة شعورية مؤلمة، مرت عليها ليلة ضاق بها كل شيء، هجم بقوة على ذاكرتها'' وهناك نماذج حوارية في رواية ''رائحة الزنجبيل'' تحمل لنا روح الحياة الشعبية، بأسلوب فصيح بسيط قد يهبط إلى العامية أحياناً حيث توصل القارئ إلى الشعور السريع بالحدث· ولا تقف صالحة موقفاً منحازاً لبنات جنسها فحسب، ولكنها تجابه المستعمر الأجنبي، والقوى المتطفلة، وتعبر عن صوت المعذبين والكادحين والصيادين والفقراء على وجه التحديد، ومن هنا يصح أن نقول عن هذه الشاعرة الأديبة بأنها مثقفة ثقافة عضوية تعاملت مع الواقع وتوقفت أمام أسئلته الكبرى بمعرفة ودراية· لقد لامست في روايتها الجرح، ووقفت على الجراح قارئة واعية ومدركة لأبعادها ومسبباتها، ومعرية وفاضحة بكل جرأة الأديب حامل الرسالة لبعض السلبيات بعيداً عن الخطاب والمباشرة الفجة، وإنما بتلقائية وعفوية وبساطة وإتقان· وقد وفقت الكاتبة بصورة خاصة في استخدام بعض العبارات والتراكيب لتدل على روح الدعابة فتقول: ''نهضت بتثاقل حاملة من الوزن في جسمها أكثر من مائة كيلوجرام'' كما وفقت في استخدام بعض الكلمات بمعناها المادي المعروف بأسلوب حافل بالتشبيهات الرائعة الفصيحة ''صوت هامس يدعو على الشياطين النجسة التي لا تحترم هدوء الليل ووقاره''
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©