تتمتع جنوب أفريقيا بأشعة شمسية تُعد من بين الأفضل في العالم متوفرة على مدار العام، في وقت تعاني فيه البلاد ارتفاعاً في أسعار الكهرباء بين الأعلى في العالم، ما يجعل توجهها نحو تبني الطاقة الشمسية منطقياً للغاية. وتخطط البلاد لإنتاج 42% من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول 2030، حيث من المتوقع أن يبلغ إنتاجها من الطاقة الشمسية نحو 1050 ميجا واط بحلول العام المقبل، بالمقارنة مع 25 ميجا واط فقط في 2012. كما تسعى جنوب أفريقيا أيضاً، لتركيب ما يزيد على أربعة ملايين من الألواح الشمسية وإمكانية تركيب حتى 1,6 مليون أخرى عند نفس التوقيت. كما من المنتظر إنتاج البلاد للطاقة الكهروضوئية بسعة تصل إلى 8,4 جيجا واط بحلول 2030.
ويقول ويم جونكر كلون، كبير الباحثين في مركز البحوث العلمية والصناعية بجنوب أفريقيا: “عموماً لا يميل الناس في جنوب أفريقيا للتخطيط على المدى البعيد، في حين تُعد الطاقة الشمسية من الاستثمارات طويلة الأجل. ورغم أن أسعار الكهرباء لم تعد رخيصة، لا يبدو الحماس قوياً هنا كما هو الحال مثلاً في أوروبا وأن الشركات في حاجة لتوفير الكهرباء والمال من خلال استثمارات الطاقة المتجددة”.
ونتيجة لذلك، ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة آي أتش أس، جنوب أفريقيا هي أكثر الدول جاذبية في العالم للطاقة الشمسية، حيث أحرزت 66 نقطة من واقع 100، في مؤشر الجاذبية للأسواق الناشئة للربع الأخير من 2013 متقدمة على منافسيها بنحو 17 نقطة.
وتقول سيلفيا ماسري، كبيرة المحللين للطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وأفريقيا في آي أتش أس: “تتميز جنوب أفريقيا بموارد شمسية ممتازة للغاية فيما يتعلق بإمكانية توليد الكهرباء، وأن إمكاناتها في هذا المجال أفضل مما كان متوقعاً في بداية الأمر. ونظراً للتكلفة العالية للتقنية وللتحديات الأخرى، قللت البلاد من مقدرات سعتها الإنتاجية في مستهل مشاورها”.
وزادت جنوب أفريقيا من توقعاتها للسعة المستهدفة بحلول 2020 بنحو 3,2 ميجا واط من واقع 3,7 ميجا واط. وتعكف البلاد حالياً على إعداد الجولتين الأوليتين من عملية المناقصة الخاصة بمشاريع الطاقة الشمسية. وقد فرغت الدولة في بعض الحالات من بعض المشاريع الكبيرة بالفعل. وتتضمن مبادرات الطاقة الكهروضوئية الكبيرة التي أثبتت نجاحها خلال العام الجاري، محطة هيربيرت 1 بسعة إنتاجية قدرها 22 ميجا واط في كيب الشمالية التي تضم 90 ألفا من الألواح الشمسية المصنعة محلياً. ومن المرجح أن تدخل محطة دي آر التي تبلغ سعتها الإنتاجية نحو 50 ميجا واط، حيز الإنتاج خلال العام الحالي. وفي هذا الوقت، تحرز شركة سويتيك الفرنسية، تقدماً ملحوظاً في مشروع تاوسريفير بسعة قدرها 44 ميجا واط. وأنجزت الشركة 60% من المشروع، على أمل اكتمال العمل في غضون الأشهر القليلة المقبلة. ويمضي العمل بذات الوتيرة خارج إطار الطاقة الكهروضوئية، حيث ارتفع الطلب مثلاً على السخانات ومعدات التدفئة لكافة المرافق بدءاً من الشقق الصغيرة وانتهاء بالمجمعات المكتبية الكبيرة.
وتقول نيكي فان هوتين، مديرة التسويق في مؤسسة سن تانك الشركة الرائدة في عمليات التدفئة في جنوب أفريقيا :”ظللنا في هذا المجال لمدة 20 عاماً عندما كانت السوق صغيرة عند ذلك الوقت. وما زالت السوق صغيرة، لكن الطلب آخذ في الارتفاع بصورة مستقرة. ومنذ أن بدأت شركة أسكوم العاملة في تزويد البلاد بالكهرباء، في الدخول في مشاكل مع شركات تزويد الفحم في 2008، ساد الانتعاش قطاع الطاقة الشمسية بفضل المساعدات التي تقدمها الحكومة”.
وأضافت، أن حكومة جنوب أفريقيا ظلت تعمل على إغراء الأسر والشركات للاستثمار في أنظمة التدفئة الشمسية وإنتاج الألواح الشمسية، من خلال تقديم المساعدات التي تغطي 40% من التكلفة الكلية. لكن ومع ذلك، يرى خبراء القطاع، أنه لا يزال أمام جنوب أفريقيا طريق طويل حتى تصبح من المؤسسين للتوجهات في حقل الطاقة الشمسية، خاصة وأنها لم تحرز ابتكارات تذكر في قطاع الطاقة الشمسية حتى الآن.
وتتفق آي أتش أس مع هذا الرأي، حيث ترى أن التركيز منصب حول الطاقة، إلا أن جنوب أفريقيا لا تولي الاهتمام الكافي على التطبيقات المبتكرة في هذا الجانب. وبما أن الأمور ربما تتغير، إلا أن توليد الكهرباء يظل هو الشئ الأهم. ورغم أن البلاد لا ترقى لمستوى أميركا وأوروبا في مجال بحوث الطاقة الشمسية، لكنها أحرزت تقدماً علمياً واضحاً في الماضي، خاصة فيما يتعلق بتقنية رقائق الخلايا الشمسية، التي تعتبر بديلاً أقل تكلفة من الألواح الشمسية التقليدية. وبدأت جامعة جوهانسبرج في تطوير هذه التقنية لأول مرة في العام 1993 لتقوم بعدها بإنشاء محطة تجريبية خاصة بها. كما تم افتتاح محطة تجريبية أخرى هذا العام لتطوير هذه الخلايا في مدينة ستيلنبوش.
نقلاً عن: رينيوابل إنيرجي وورلد
عدد اليوم
