كان من المألوف في الحواضر الأندلسية أن يكون لكل مدينة مهمة يسكنها أحد الأمراء حي خاص به هو ورجال دولته، وقادة الجند ،ويعرف هذا الحي الذي يجب أن يمتاز بالحصانة والمنعة «بالقصبة»، وقد انتقلت تلك التسمية أيضا للقلاع الخاصة بالملوك في بلاد المغرب، فلكل مدينة بالأندلس والمغرب قصبتها ذات الأسوار والأبراج الدفاعية.
وظهور القصبة لم يكن أمراً مستغرباً في ديار الإسلام خلال العصور الوسطى، وخاصة في المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية مع أعداء قد يطرقون الديار، أو صراعات بين الأسر الحاكمة الطامحة دوماً لتوسيع رقعة ممتلكاتها على حساب جيرانها، ولم يختلف الأمر عن ذلك كثيراً في أوروبا، خلال العصور الوسطى، حيث ظهرت القلاع الإقطاعية.
ملوك الأسبان
![]() |
|
![]() |
وقد اختلف في سبب تسمية قصبة غرناطة بالحمراء، فهناك من يعتقد بأن التسمية جاءت بعد سيطرة الملوك من بني الأحمر على غرناطة في العام 629 هـ فيما يرى فريق آخر من المؤرخين أن بعض قلاع تلك المنطقة كان يعرف بالقلعة الحمراء منذ القرن الثالث الهجري، وأن ذلك عائد إلى التربة الحمراء للهضبة التي شيدت فوقها القصبة.
![]() |
|
![]() |
عرفت القصبة بمنعتها منذ القرن الخامس الهجري، وذلك بعد أن استولى باديس بن حبوس أحد ملوك الطوائف على غرناطة، وبنى سوراً حول القصبة، وشيد بداخل السور قصر الحكم ومقار الإدارة وثكنات جنده من الأمازيغ المغاربة، ومن وقتها حسب أرجح الأقوال عرفت القصبة بالحمراء، مثلما عرف قصر الأمير بقصر الحمراء.
بعد استيلاء محمد بن الأحمر النصري على غرناطة اتخذ من القصبة الحمراء مركزاً لحكمه، بدءاً من العام 635 هـ «1238 م» وشيد بداخل القصبة القصر الملكي المعروف لليوم بقصر الحمراء، وقبيل نهاية القرن السابع الهجري أعاد محمد بن محمد بن الأحمر الملقب بالغالب بالله تجديد القصبة وأبراجها، وكذلك القصر الملكي، ثم أنشأ ولده محمد في جوار القصر مسجداً شيدت مكانه بعد سقوط غرناطة كنيسة سانتا ماريا الحالية، وتعتبر قصور الحمراء أهم ما تبقى من المعالم التاريخية لقصبة الحمراء، وهي حافلة بالكتابات والنقوش الدقيقة التي نفذت بمزيج من المواد شملت الرخام والجص والفسيفساء.وعلى مرتفع مجاور لقصبة الحمراء شيد ملوك بني نصر جنة العريف ،وهي حديقة ملوك هذه الأسرة وتحتوي على أجنحة وأروقة محاطة بحدائق غناء وتصل لزهورها وأشجارها المياه من خلال قنوات ونوافير تتآلف معها في رسم لوحة جمالية لا مثيل لها. (القاهرة- الاتحاد)