الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرية التراثية بالعين وجهة سياحية تفوح بعبق الماضي

القرية التراثية بالعين وجهة سياحية تفوح بعبق الماضي
19 مايو 2011 19:45
لم تثن مراهنات الكثيرين ممن أكدوا للشاعر خلفان بن نعمان الكعبي على فشل القرية التراثية الثقافية، التي همّ بتصميمها وتأسيسها منذ عامين على عزيمته وإرادته في المضي قدما في إنشائها، وذلك لاعتقادهم بأنها ستبنى في مكان بعيد عن قلب مدينة العين وأحيائها السكنية الأخرى، مما سيحد من زيارتها من قبل الجمهور الذي إن كلفوا أنفسهم عناء طريق زيارتها مرة واحدة فلن يعيدوها كرة أخرى. الكلام المحبط وكسر الطموح والأحلام هو تحد دائم لأصحاب العزائم والهمم، وهنا يحدثنا الكعبي عبر هذه السطور عن طموحاته وأحلامه في بناء أكبر قرية تراثية ثقافية في الدولة، وكيف حقق هذا الحلم على الرغم من صعوبات وتحديات كبيرة واجهها بصبر وثبات وتعقل. غدير عبدالمجيد (العين) - أثبت الكعبي للجميع أنه قادر بأفكاره الإبداعية التي سكبها على بناء قريته، وما انطوت عليه من جمال وأصالة تفوح من رائحة الماضي العريق الذي تحاكيه بعمق وإصرار على جذبهم لزيارتها مرات عدة دون كلل أو ملل، واستئجار جهات عدة أجزاء منها لإقامة حفلات ومسرحيات وفعاليات مختلفة. ويعود الكعبي بذاكرته إلى الوراء ويسرد لنا قصة حلمه الذي صار حقيقة ويقول "منذ كنت صغيراً كنت أهوى رسم البيوت التراثية القديمة وحلمت أن أنشئ يوما ما قرية تراثية كبيرة ترغم من يدخلها على أن يعيش في أجوائها القديمة، والتي تحاكي كل صغيرة وكبيرة عاشها المواطن الإماراتي قبل الاتحاد وبعده بقليل، أي قبل التطور الكبير الذي غير نمط الحياة وقلبها رأساً على عقب وظل هذا الحلم حبيس نفسي حتى حظيت بفرصة تحقيقه". بناء بيوت الشعر ويتابع :" بعد أن تقاعدت من القوات المسلحة شعرت أنه حان الوقت لأمارس هواياتي، فأسست مؤسسة تراثية صغيرة في مدينة العين تتولى عملية تصميم وبناء العرشان وبيوت الشعر وديكورات تراثية لمن يطلبها من أصحاب البيوت والمؤسسات الرسمية المختلفة وبعض المسلسلات الإماراتية فقد صممت ديكورات تراثية لمسلسل "دروب المطايا" الذي كان يبث على قناة أبوظبي الأولى ومسلسل "حظ يا نصيب" الذي كان يبث على قناة سما دبي ، معتمدا في ذلك على أفكاري وما تختزنه ذاكرتي من حياة قديمة عشتها في صغري وما رواه لي أصدقائي الشواب الشعراء الذين يعرجون في حديثهم أثناء مجالسنا الشعرية عن الماضي وطبيعته. بالإضافة إلى تصميمي للقرى التراثية مثل قرية التراث الموجودة في بدع بنت سعود، وذلك في المرحلة الأولى من تأسيسها، أي قبل أن يتم تطويرها وتغيير بعض الجوانب فيها. تحقيق الحلم الصدفة لعبت دوراً كبيراً في تحقيق حلم الكعبي في بناء قريته التراثية الثقافية، فبينما كان يتولى عملية بناء قرية تراثية لقناة سما دبي، صادفه محمد خليفة الدرمكي مدير نادي العين للهواة ودار حوار بينهما عرض أثناءه الدرمكي عليه أن يمنحه قطعة أرض كبيرة داخل النادي ليبني عليها قرية تراثية، وذلك بعد أن عرف ما لدى الكعبي من أحلام وآمال لا حدود لها في بناء قرية تراثية ثقافية لا مثيل لها في الدولة، فتفاجأ الكعبي من هذا العرض السخي وشعر بفرح غامر وخوف كبير لأنه سيقبل على مرحلة صعبة تتطلب الكثير من الجهد العقلي والنفسي والمادي، وفي ذات السياق . يضيف:" لم يكن لدي المال الكافي لبناء هذه القرية التي كلفتني 4 ملايين درهم وبقيت أياما أفكر من أين سآتي بهذه المبالغ الخيالية، لكن الله يسر لي ذلك وواجهت أعظم تحد في حياتي، وبعد ذلك انتقلت إلى تحد آخر ألا وهو إيجاد تصميم مميز للقرية يجمع بين التراث والثقافة والترفيه والسياحة والتجارة، فاستعنت بمهندس وضحت له أفكاري وقام بعمل مخطط لذلك لكن تصميمه لم يعجبني فأزحت المخطط الورقي بعيداً عني وأحضرت أدوات القياس البدائية من متر وحبال وصرت أقيس المساحات وأحضر عمالا وأبين لهم ما أريد بناءه وما يدور في رأسي، مسترجعا لخبراتي وما أعرفه وسمعته من الشواب عن البناء التراثي القديم. وما يسبح في خيالاتي فأنا شاعر وصاحب خيال واسع وأوصله لهم ليبنوه لي وأقف على أيديهم من الصباح الباكر حتى المساء وإذا ما أنهوا بناء المطعم مثلا انتقلوا لغيره فعددهم قليل ولا يمكن أن يبنوا أكثر من شيء في ذات الوقت ". أكبر وأميز قرية سنتان ونصف السنة استغرقت عملية بناء قرية التراث الثقافية في نادي العين للهواة، بشارع خطم الشكلة في مدينة العين لصاحبها خلفان الكعبي ليتم افتتاحها في الثامن من فبراير الماضي من هذا العام، لتكون بذلك أكبر وأميز قرية تراثية في الدولة، لأنها وبحسب مؤسسها، تعد الأولى من نوعها سواء في المساحة التي امتدت على 66 ألف متر مربع وفي محاكاتها لجميع البيئات الإماراتية القديمة وهي البيئة الصحراوية والبحرية والجبلية والزراعية والمدنية، وفي كونها قرية تراثية ثقافية ترفيهية سياحية تجارية في آن واحد . يوضح الكعبي ما تتضمنه القرية من أجزاء ويقول :" تتكون القرية من عدة بيئات أولها البيئة الحضرية / الحارة القديمة وهي عبارة عن الحارات في طابعها التقليدي والتراثي، تحتوي على بيوت من الطين وسعف النخيل ويتوسطها المسجد والممرات فيما بينها لتدل على الطابع التقليدي الذي يعود الى الأربعينات من القرن العشرين ويبين أسلوب العمارة والبناء الذي صممه أجدادنا وعاشوا فيه لفترات طويلة، ثانيا البيئة الزراعية حيث تحتضن القرية التراثية مجموعة من الأراضي الزراعية والأفلاج الجميلة والتي تتميز بإنسيابية الماء فيها من الأحواض لري المزروعات عن طريق المنيور باستخدام الدواب كالثور وغيره، وهذه الطريقة التقليدية التي كان يعتمدها أسلافنا في حصد خيرات الأرض لتأمين حاجتهم الغذائية كل عام، ثالثا البيئة الصحراوية وتمثل طبيعة الحياة الصحراوية القاسية والحياة فيها وتتشكل فيها التلال الرملية وبيوت الشعر والخيام المنتشرة في أنحائها، إضافة إلى وجود البئر والجبيب "حوض صغير"، لسقاية المواشي وتضم أيضا حظائر المواشي والخيل والجمال والحمير والتي كانت موجودة قديما وتشكل العصب الرئيسي لحياة البادية " ويكمل الكعبي حديثه عن مكونات القرية التي يصعب حصرها قائلا "رابعاً البيئة البحرية والتي تحاكي حياة أهل البحر، حيث كان الصيد مصدر رزقهم وتجارتهم وتتمثل بنموذج مصغر من سفينة كالتي كانت تستخدم قديماً لغايات الصيد مع أدوات الغوص ومعدات الصيد واللوازم التي كان يستخدمها الصيادون في كل رحلاتهم وجولاتهم البحرية للإطلاع عن قرب على هذه الحياة المليئة بالمغامرة والتشويق التي عاصرها آباؤنا وأجدادنا قديما، بالإضافة إلى القلعة التي صممت بطابع تراثي أصيل لتعريف الزائرين عن قرب على القلاع التي كانت مشيدة قديماً واستخداماتها لحماية الدولة من أي عدوان خارجي، والتي كانت محصنة بجنودها وسكانها وأهلها لتروي القصص التاريخية الأولى والمتعلقة بقيام الدولة وسيادتها . عروض مسرحية ونظراً لاهتمام القرية بالثقافة والتراث بحسب الكعبي، كان لابد من إيجاد مكان ملائم لإقامة الاحتفالات والأحداث العلمية والثقافية والتراثية والشعرية، لذلك تم إنشاء مسرحين للعروض أحدهما مفتوح صمم بأسلوب فني يحاكي الطبيعة التراثية والثقافية للقرية وبشكل أنيق ليتناسب مع توزيع الصوت والإضاءة وبمدرجاته التي تستوعب ما يقارب 1650 شخصاً مع منصة للعرض مساحتها 20 × 10 م بالإضافة الى الكواليس التي تضم غرفتين ودورات مياه لتؤمن بذلك كافة الاحتياجات المطلوب توافرها عند قيام أي حدث، والثاني صمم بشكل رائع وجميل، وهو مغلق من الأعلى ومغطى بأجهزة التكييف بالكامل ويستوعب بداخله 450 شخصاً ومهيأ بأفضل الوسائل المرئية والسمعية والإضاءة ومنصة الشخصيات الهامة بالإضافة الى الكواليس الداخلية والخارجية، مع الأخذ بعين الاعتبار وسائل الأمن والسلامة بتوفير ستة مخارج لحالات الطوارئ ما يجعله المكان الأنسب لإقامة العروض. سيارات كلاسيكية كما تضم القرية بين أقسامها معرضاً للسيارات الكلاسيكية القديمة، والتي يعود تاريخها الى العشرينيات وما فوق، ويحتوي المعرض على مجموعة من السيارات الفريدة من نوعها في العالم والتي كانت مستخدمة قديماً، وكانت تعد وسيلة نقل مهمة لبعض أهالي الدولة، وما زالت هذه السيارات تحمل أسماء صانعيها من مؤسسي صناعة السيارات في العالم. أما جناح الأكلات الشعبية فيوفر لمرتادي القرية مكاناً خاصاً لتقديم الأكلات والأطباق الشعبية والتي يتميز بها المطبخ الإماراتي. هذه الأكلات والحلويات التي توارثتها العائلات الإماراتية عن أجدادهم وأسلافهم، وسيتم توفير أماكن خاصة للعائلات، حيث ستكون هذه المنطقة مفعمة بالأجواء العائلية ولتعريف الزائرين العرب والأجانب على مجموعة من الأكلات الشعبية التي تشتهر بها دولتنا. كما يتواجد في القرية أيضاً اليخت للأكلات البحرية، حيث يتخذ من أصالة البحر وتراثه أنموذجاً يجمع بين التراث والمعاصرة، ويقدم أيضاً لزبائنه مختلف المشروبات الساخنة والباردة في جو من الشاعرية والأجواء التراثية. استراحات ويذكر الكعبي الاستراحات المتعددة الموجودة في القرية، والتي يمكن من خلالها التمتع بجلسات عائلية وفردية ويقول "سيجد الزائر أثناء تجواله في أنحاء القرية مجموعة من الاستراحات الصغيرة المتعددة والمتوافرة في جميع أنحاء القرية للجلسات العائلية والفردية، وفي أماكن متفرقة للاستراحة والاستمتاع بالأجواء التراثية، وكهف يعبر عن البيئة الجبلية في القرية يتميز بتصميمه الفريد المتعدد المداخل، وهو على شكل حجارة منحوتة توحي للزائر أنه في إحدى المغارات التي تشمل الشلالات المائية والشجيرات، ويتكون الكهف من طابقين ويطل على القرية الصحراوية، يتوافر كذلك في الكهف مقهى للشاي والكرك وجلسات رائعة تقع في القسم العلوي من الكهف، ويقع بالقرب من منطقة العرشان الواقعة بين المزرعة والقرية الصحراوية، وتشتمل على عدد من العرشان المصممة من السعف وهي وحدات منفصلة عن بعضها البعض، وهي مخصصة كاستراحات وجلسات لقضاء أوقات جميلة ينعم بها الزائر في جو من الطقس الجميل والجو التراثي السائد في السابق ". وللأطفال أيضا نصيب في قرية التراث الثقافية، إذ تنبه الكعبي إلى أهمية مساهمة القرية بتعريفهم والأجيال القادمة من بعدهم بموروث الآباء والأجداد وتاريخ الدولة، وذلك عبر تقديم هذه المواد بأسلوب ممتع ليتقبلها الأطفال، لذلك وفرت القرية المنطقة الترفيهية وتحتوي على مجموعة من الألعاب الممتعة والشيقة، وعلى مستوى عال من الجودة والأمان للأطفال لقضاء أوقات مميزة وممتعة، أثناء تواجدهم في القرية. سوق شعبي ومتحف ويؤكد الكعبي أنه بتجوالك بين دكاكين السوق الشعبي فإنك تطوف على كل ما كان قديماً، حيث تحتوي الدكاكين على الصناعات الحرفية واليدوية والتقليدية، ‏ففي كل دكان ‏تقف على أدق التفاصيل، وترى المنتج يخرج في صورة سلعة جلدية أو خشبية أو نحاسية ‏أو زجاجية أو فخارية، ‏كما ترى كذلك دكاكين العطارة والحبوب بالإضافة الى المشغولات اليدوية التي تنتج مواد من الصوف وسعف النخيل وأدوات القش. كما يعد المتحف أحد أهم أقسام قرية التراث الثقافية فكما للقرية أركانها التي تطلعك على واقع وتفاصيل الحياة اليومية، فإن للمتحف أركانه التي تعرض عليك كل ما كان ‏يرتبط بحياة أسلافنا القدماء، ويعود بك الى العصور التي مضت ‏بكل ما كانت تعج بها الحياة من أدوات ومستلزمات، والمتحف مصمم بشكل يحاكي التراث والأصالة. وفي المتحف ‏سترى ‏الأدوات الزراعية، والأسلحة، وأدوات صيد اللؤلؤ، ودلال القهوة العربية، والأزياء الفلكلورية، ‏والحلي وصوراً قديمة تجسد مراحل الحياة في الدولة، كما سترى ‏مجموعات من المسكوكات الإسلامية الفضية والبرونزية والورقية. فرصة ذهبية مع العروض الجوية توفر قرية التراث الثقافية فرصة ذهبية لمن يزورها ليرى فريق الإمارات للعروض الجوية، حيث يقوم الفريق بتقديم العروض في المناسبات الوطنية والمناسبات الخاصة والطيران الاستعراضي الليلي مع ألعاب الليزر والعروض النارية. علماً بأن طائرة الفريق مرخصة ومؤمن عليها. فمع فريق الإمارات للعروض الجوية تستطيع الطيران مثل الطيور بأمان وتحلق مع الأصدقاء، وتستطيع أن تختبر قوة تدفق الأدرينالين في دمك، فلا تتردد فأنت مع طيارين محترفين منذ العام 1997 ، فاحجز رحلتك الجوية لمدة 15 أو 30 ساعة. ولكي تمارس هواياتك الرياضية فعليك التوجه إلى القرية التي زودها الكعبي بملعب مناسب لإقامة بطولات كرة القدم والألعاب الرياضية المختلفة، وهذا الملعب للصغار والكبار والمؤسسات المختلفة والكل يستطيع ممارسة لعبته المفضلة، بالإضافة الى إمكانية استخدام الملعب لأغراض الاستعراضات العسكرية والرياضية والطلابية وبناء المسارح الكبيرة لاستقبال أعداد كبيرة من الجمهور واستيعابهم بشكل منظم وحضاري. وتضم القرية أيضاً، العديد من المجالس منها، مجلس القلعة لاستقبال الضيوف والوفود، بالإضافة الى مجلس البيئة الصحراوية، الذي هو عبارة عن بيت من الشعر مصمم ومجهز بديكور وأثاث تراثي يعكس الطابع الإماراتي في المجالس الشعبية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©