السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تنوع أسلوب القرآن في الدلالة على الأحكام

تنوع أسلوب القرآن في الدلالة على الأحكام
21 نوفمبر 2008 02:05
يتضمن القرآن الكريم أحكام التشريع الاسلامي باعتباره مصدر الهداية والإرشاد، وقد جاء أسلوبه في بيان الأحكام الشرعية متنوعا في استخدام عبارات مختلفة تدل على الإعجاز البياني للقرآن، وتقنع السامع بقبولها· إلى ذلك، يقول الدكتور شعبان اسماعيل، أستاذ القراءات بجامعة أم القرى، إن أسلوب القرآن في الدلالة على الأحكام متنوع فعند التعبير عن الشيء الواجب لم يقتصر القرآن الكريم علي مادة ''الوجوب'' بل تارة يدل عليها بصيغة الامر، مثل قوله تعالى: ''وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه···'' الحديد الآية ·7 وتارة يدل عليه بلفظ ''كتب'' أو ''فرض'' مثل قوله تعالى: ''وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص'' المائدة الآية ·45 وفي جانب المحرم لم يقتصر التعبير على مادة ''الحرمة'' بل تارة يدل عليها بصيغة النص مثل قوله تعالى: ''ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق··'' الأنعام الآية ·151 وتارة بصيغة التحريم مثل قوله تعالى: ''حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به··'' المائدة الآية ·3 وتارة يعبر عن الحرمة بنفس الحل، كما في قوله تعالى: ''يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها'' النساء الآية ·13 وتارة يقرنه بالوعيد الشديد للدلالة على فظاعته وللتنفير منه، كما في قوله تعالى: ''ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما'' النساء الآية ·93 كما يعبر القرآن الكريم عن ذلك بالاجتناب، كما في قوله تعالى: ''يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون'' المائدة الآية ·90 وذلك لأن الاجتناب إنما هو الابتعاد عن الشيء من جميع نواحيه، ومن هنا حرم شرب الخمر، واعتصارها، وبيعها، وحملها، كما في الحديث الشريف· ومثل ذلك قوله تعالى: ''ولا تقربوا الزنى··'' الإسراء الآية ·32 ويستخدم القرآن في الدلالة على الأحكام، أسلوب التخيير أو الاباحة، فيعبر القرآن تارة بالحل، وتارة بنفي الاثم أو الجناح، أو الحرج، كما في قوله تعالى: ''اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم'' المائدة الآية ·5 وقال تعالى: ''فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم'' البقرة الآية ·173 وقال تعالى: ''ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج'' النور الآية ·61 ومن أسلوب القرآن الكريم في التعبير عن الحكم أيضا أنه في الغالب يقرنه بعلة الحكم، حتى يكون ذلك أدعى إلى الامتثال والإذعان، ومثال ذلك قوله تعالى: ''وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر'' العنكبوت الآية ·45 ومثل قوله تعالى: ''خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها··'' التوبة الآية ·103 وهكذا نجد أسلوب القرآن في تشريعاته وبيان احكامه كلها لا يقتصر على عبارة واحدة، ولا على اسلوب معين بل انه يطلب الفعل الواحد أو ينهى عنه في مواضع متعددة بأساليب مختلفة كل واحد منها يناسب المقام الذي وقع فيه، ويتلاءم مع ما قبله وما بعده من الآيات حتى لا يحس المسلم حين قراءته بأدنى ملل أو قصور، وصدق الله العظيم اذ يقول: ''كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير'' هود الآية ·1 ويأتي القرآن، في بيان الأحكام غالبا، بالحكم مجملا، ليفسح المجال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليقوم بالبيان الذي كلفه الله به في قوله تعالى: ''وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ولعلهم يتفكرون'' النحل الآية ·44 ومن ناحية أخرى يتسنى للمجتهدين استعمال عقولهم في تطبيق كلياته حسبما يحقق للناس مصالحهم ومن أمثلة ذلك الأمر بإقامة الصلاة فقد تعددت آيات القرآن في الحث على اقامة الصلاة، ومع ذلك لم يتعرض القرآن لبيان كيفياتها، ولا لعدد الركعات، ولكن بينت السنة النبوية كل هذا وقال (صلى الله عليه وسلم): ''صلوا كما رأيتموني أصلي''· كذلك الأمر بالنسبة للزكاة، إذ أمر القرآن بإخراجها، وبين الذين تدفع لهم الزكاة، لكنه لم يحدد المقادير ولا الأموال التي تخرج منها، وجاءت السنة فبينت كل ذلك· وهناك أنواع أخرى من الأحكام فصلها القرآن تفصيلا كاملا ولم يترك للسنة فيها مجالا إلا القليل، ومن أمثلة ذلك أحكام الأسرة من زواج وطلاق وعدة ونفقة، وأحكام المواريث، لأنها من الامور التعبدية التي لا مجال فيها للاجتهاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©