الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا .. ناخبون ومراهنات!

16 مايو 2015 22:13
تحدثت بعض التقارير الإخبارية في الآونة الجديدة عن كون هيلاري كلينتون هي الشخصية التي تجرى المراهنة عليها بكثرة في أوروبا للفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 وهو ما يثير سؤالاً آخر هنا في أميركا: لماذا لا يسمح بالمراهنات في الانتخابات في الولايات المتحدة نفسها؟ فمع اعتماد النتيجة على المال، سيذهب بالتأكيد عدد أكبر بكثير من الناخبين إلى صناديق الاقتراع. وقد نقلت شبكة «إيه. بي. سي. نيوز» عن شخص يعمل في المراهنات قوله: «إنها ستكون نوعاً من الأموال مثل تلك التي نراهن بها على نهائي كرة القدم الأميركية». والمراهنات على الانتخابات مسموحة قانونياً في كثير من الأنظمة القضائية. وقد تمت المراهنة بنحو 150 مليون دولار على الانتخابات البريطانية، التي أجريت في الآونة الأخيرة. ولا يحتاج المرء لأن يكون متمرساً في المزادات ليجزم بأن المراهنات الأميركية ستكون أكبر من هذا بكثير. وحتى عام 2012، كان الأميركيون يستطيعون المراهنة على الإنترنت على الانتخابات الأميركية في الأسواق في الخارج ولكن قضية للحكومة الاتحادية ضد شركة «إنتريد»، التي تتخذ من أيرلندا مقراً عام 2012، هي ما أدى إلى انهيار الشركة بعد شهور، وأنهت مثل هذه الممارسة إلى حد كبير. وقد قامت القضية التي تقدمت بها لجنة التجارة بالأجل على حجة أن شركة «إنتريد» تبيع بالفعل عقوداً آجلة خارج البورصة المعترف بها. ولكن الفساد هو الخوف الأكبر عندما يتعلق الأمر بالمراهنة على نتائج الانتخابات. وحوليات القضاء في القرن التاسع عشر مليئة بقضايا عن هذه الممارسة بما في ذلك قضية في بنسلفانيا بتت فيها المحكمة بأن الناخبين يستطيعون المراهنة على الانتخابات الأولية وليس الانتخابات العامة. وهناك قضية أخرى في ولاية «ديلاوير»، رفضت فيها المحكمة تأييد المراهنة على الانتخابات على أساس أن التأييد سيكون «ضاراً بالمجتمع» بسبب الميل لإفساد الإدارة القانونية للحكومة. وعلى رغم هذا وعلى امتداد القرن التاسع عشر، انتُهك القانون المناهض للمراهنات على الانتخابات في مرات كثيرة. ويحدثنا الاقتصاديان بول رود وكولمان شترومف عن شيوع المراهنات على الانتخابات في السنوات التي سبقت الحرب الأهلية. ففي عام 1816، على سبيل المثال، خسر جيمس بوكانان «ثلاث قطع من الأرض في شمال غرب بنسلفانيا في مراهنة على الانتخابات». وارتفعت المراهنات في الانتخابات الرئاسية لعام 1876 إلى درجة أن مديراً لمزاد يدعى جون موريسي تلقى 350 ألف دولار في صورة مراهنات (ما يعادل تقريباً ثمانية ملايين دولار بأسعار عام 2014). وقد ذكر تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» أن المراهنين خارج المباني في «وول ستريت» عرقلوا التبادل وجمعوا نحو 160 مليون دولار (بسعر الدولار عام 2007)، وذلك في سباق عام 1916 الرئاسي. واليوم، مع حظر مثل هذه المراهنات في الولايات المتحدة، قد تصل المراهنات على انتخابات 2016 من الأجانب إلى مئات الملايين. وقد تدفع المراهنة على الانتخابات إلى مشاركة أكبر في التصويت. وفي أميركا نعتقد فيما يبدو أنه سيكون هناك نوع ما من الخطأ في المشاركة في الانتخابات. ونحن في اعتقادنا هذا نشبه كثيراً في تزمتنا أسلافنا. وقد أشار كتاب عن الحقوق المدنية في عام 1902 لمدارس نيويورك العامة إلى أن «المراهنة على الانتخابات تحرم الشخص من التصويت لأن اهتمامه بفوز رهانه يُفترض أنه أكبر من اهتمامه بانتخاب الشخص الأفضل تأهيلاً». وفي قضية براون ضد هارتلاج وتتعلق بقرار للمحكمة العليا عام 1982 بشأن مرشح لمنصب مفوض المقاطعة في ولاية كنتاكي وعد بأن يقلص راتبه إذا انتخب ضارباً بذلك عرض الحائط تشريعاً للولاية يحظر الوعد بشيء كبير في مقابل التصويت. وفي هذا الصدد قال القاضي ويليام برينان: «حقيقة أن بعض الناخبين قد يجدون مصلحتهم الشخصية تنعكس في تعهد مرشح ما لا يعني بالضرورة أن التعهد يخرق التعديل الأول» للدستور الأميركي. واعتبر «برينان» أن: «تقاليدنا في التعددية السياسية تقوم في جانب منها على توقع أن الناخبين سيتبعون مصلحتهم الفردية من خلال العملية السياسية، وأن خلاصة هذه المساعي الفردية ستدعم المصلحة العامة». ولا أعرف ما الذي يجعل الرغبة في الفوز بمراهنة في التصويت أقل نبلًا في دوافعها من الرغبة في تقليص الضرائب بشكل أكبر أو الحصول على شيكات المساعدات الاجتماعية. ومن المؤكد أن السماح بالمراهنات على الانتخابات قد تمثل حلاً ألطف لمشكلة المشاركة في الانتخابات لمن لا يريدون الذهاب إلى صناديق الاقتراع. ستيفن كارتر* *أستاذ القانون في جامعة يل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©