الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

اغتراب اللغة

اغتراب اللغة
20 نوفمبر 2008 03:49
ربما لا نختلف كثيراً على أن اللغة العربية وفروعها من لهجات عربية تعاني الاغتراب في أماكنها، وبالتحديد في بلداننا الخليجية، حيث أدى استخراج النفط وما تلاه من تصاعد كبير في معدلات النمو الاقتصادي إلى توافد مختلف جنسيات العالم إلى المنطقة، الأمر الذي فرض لغة موازية للغة العربية من أجل التفاهم مع الألسن التي سكنت بيننا· وفي غفلة من الزمان تمادينا في قمع لغتنا، حيث سادت اللغة الإنجليزية في الكثير من التعاملات الحياتية والتجارية والرسمية والكثير من الفعاليات الثقافية وغيرها التي لا تحضى حتى بترجمة إلى العربية· وفي هذا التغيير تأثرت أيضاً اللهجات الخليجية بسبب ارتفاع أعداد جنسيات شبه القارة الهندية في بلدان الخليج، وظهرت لهجة مهجنة اصطلح عليها عند عدد من باحثي الاجتماع واللغة ب'' الخليجي اوردو'' أو ''عربي اوردو'' وفيها تشوهت حروفنا وجملنا عند التخاطب مع تلك الفئة من الجنسيات تشوهاً يعرفه ويحكي به الجميع، حتى إخواننا العرب الذين يعيشون معنا· وفي الزمن الجديد أصبحت اللغة الإنجليزية هي بوابة العبور إلى النجاح وإلى الحصول على الوظائق، وبات على ابن المكان أن يخاطب الأجنبي باللغة الإنجليزية أو يصمت إذا كان لا يتقن اللسان الأعجمي· كما ظهرت أعداد لا يستهان بها من أبناء المكان من الجيل الجديد بألسن معوجة تماما عن لغتهم الأم أو لهجتهم المتفرعة منها، بل أن هناك من لا يتقنهما أبدا ولا يجيد التعبير بهما حتى عن تفاصيل مكانه ومكنوناته التي ترتبط دماً وروحاً بهذه الأرض العربية· بعد كل ذلك ألم يأن الأوان أن نتوقف قليلا ونعيد قراءة المشهد، هل نتوقف عن محاصرة اللغة واللهجات في زاوية ألا قيمة؟ ألم يصبح لزاماً على المواطن الخليجي أن يفتخر بلغته ولهجته العربيتين هنا في مكانه؟ نعم، لقد بلغ موضوع اغتراب اللغة مستويات مخيفة، وليس من المعقول السكوت عن هكذا وضع، ويجب إعادة النظر فعلياً في هذا الأمر بمطالبة الألسن الأعجمية التي تعمل هنا سواء في القطاع الخاص أو الحكومي بأن تتعلم اللغة العربية، على الأقل في حدود التحدث بها· وكذلك أن تقوم الحكومة والقطاع الخاص بفتح معاهد تعلم اللغة العربية، فلماذا تنتشر في بلداننا الخليجية معاهد تعلم اللغة الإنجليزية والفرنسية وحتى الصينية ولا نعرف معهداً عربياً واحداً يعلم اللغة العربية بقدر شهرة معاهد تعليم اللغة الإنجليزية·وأن تدرس اللغة العربية في المدارس الأجنبية الخاصة كمادة أساسية· يشكل قرار الإمارات بتعميم اللغة العربية في التعاملات الرسمية خطوة إيجابية في محاولة الحفاظ على اللغة العربية، ولكن عملية انتشال اللغة واللهجات من اغترابها في مكانها تحتاج إلى الكثير من الإجراءات وتظافر الجهود والإيمان العميق باللغة التي هي نحن، ونحن هي؛ وما تظهره بلدان وشعوب عديدة في العالم من اعتزاز، بل تعصب للغتها يدعو كثيراً إلى اعتبار القضية وطنية ومصيرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©