الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بيونير»: سياسات قطر وراء اختراق التقاليد للمجتمع الخليجي والعربي

«بيونير»: سياسات قطر وراء اختراق التقاليد للمجتمع الخليجي والعربي
16 أغسطس 2017 00:07
أبوظبي (موقع 24) لفت الكاتب أنور علام، في مقال تحليلي نشره موقع «بيونير» الهندي، إلى أن الهند اعتبرت الأزمة بين الرباعي العربي وقطر قضية داخلية تتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن إذا لم يتم حل هذه الأزمة قريباً، فإن الهند ستضطر إلى التخلي عن هذا الحياد واتخاذ موقف متسق مع سياستها الرامية إلى مكافحة الإرهاب. ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه منذ قرابة ثلاثة أشهر اندلعت هذه الأزمة التي بدأت بقطع الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) للعلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفرض حظر جوي وبري وبحري لدعم الأخيرة للإرهاب، وحتى الآن لا تلوح في الأفق بوادر لانفراج هذه الأزمة. ويوضح الكاتب أن الرباعي العربي قدم 13 مطلباً لقطر لتنفيذها لحل الأزمة، وأبرزها، إعلانها قطع جميع العلاقات مع الإرهابيين والجماعات الإرهابية على المستويين الدولي والإقليمي، بما في ذلك جماعة الإخوان ومرشدها الروحي يوسف القرضاوي، وغلق جميع القنوات الإعلامية التي تدعمها، خاصة قناة الجزيرة التي تعتبر البوق الإعلامي لنشر التطرف، وكذلك وقف التقارب مع إيران وإغلاق القاعدة العسكرية التركية. ويشكك الكاتب في صحة ما تروج له قطر بأنها «ضحية» ضلوعها بدور «ليبرالي وإصلاحي وديمقراطي» في المنطقة، وكذلك وجهات نظر بعض المعلقين الغربيين التي تعتبر تحركات الرباعي العربي ضد قطر وبخاصة المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة بمثابة ثورة مضادة ضد قوى ما يُطلق عليه الربيع العربي. ويرى الكاتب أن صعود الإسلام السياسي، سواء في جماعة الإخوان في مصر أو حماس في غزة أو تنظيم القاعدة في اليمن أو النصرة وداعش في سوريا والعراق أو حركة النهضة في تونس، أو التنظيمات التابعة للقاعدة في ليبيا، أثار القلق لدى دول الخليج العربي بسبب التداعيات المترتبة على الأمن الإقليمي، لاسيما مع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من المنطقة والتقارب الأميركي مع إيران في عهد أوباما، فضلاً عن توغل إيران في السياسة الإقليمية منذ إطاحة نظام صدام حسين وظهور التنظيمات الإرهابية السنية، مثل داعش. ومن أجل مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، طالبت السعودية دول مجلس التعاون الخليجي بالتماسك والتضامن، ولكن قطر لم تتراجع فقط عن التزامها بمكافحة الإرهاب كما تعهدت في اتفاق الرياض خلال عام 2014، ولكنها أيضاً فتحت أبوابها لإيواء جميع أنواع العناصر المتطرفة، وعلاوة على ذلك عمدت إلى توطيد علاقتها مع إيران. ويقول الكاتب: «في حقيقة الأمر كانت التطورات التي شهدتها المنطقة في أعقاب الربيع العربي مريحة تماماً بالنسبة إلى قطر وتركيا وإيران، وهو ما يفسر جزئياً التحالف بين الدول الثلاث في السياسة الإقليمية، وبصرف النظر عن التجانس الإيديولوجي، حيث يتشاركون في النظرة الإسلامية للعالم، فقد وجدت الدول الثلاث في سياسات الربيع العربي وتناغمه مع الإسلام السياسي أداة لتعزيز أنظمتها السياسية وتوسيع نفوذها الإقليمي، ومنحهم ذلك أيضاً شعوراً بأنهم أبطال الديمقراطية والحرية في المنطقة». ويضيف «ولكن وضع قطر يُعد الإشكالية الأكبر بين الدول الثلاث، إذ يمكن لكل من تركيا وإيران المطالبة بسلطة إقليمية، نظراً إلى تاريخها وديموغرافيتها وتقاليدها السياسية وحجمها الجغرافي، أما قطر، فهي تفتقر إلى كل ذلك، واعتمدت فقط على قوتها المالية للسعي إلى بناء مكانتها الإقليمية من خلال انتهاج سياسة خارجية نشطة بعيدة عن السياسة الإقليمية لدول الخليج تقوم على ثلاثة عوامل إستراتيجية، وهي القاعدة العسكرية الأميركية الموجودة في قطر (القوة الصلبة) وقناة الجزيرة (القوة الناعمة) ورعاية وولاء مجموعة من الجماعات الإسلامية المتطرفة». ومع الغطاء الأمني الأميركي والشرعية الديمقراطية المكتسبة حديثاً من خلال قناة الجزيرة، شعر النظام القطري، بحسب الكاتب، بالثقة في تعزيز صورته الوطنية والإقليمية والعالمية من خلال تسهيل المناقشات العالمية والمفاوضات بين الإسلاميين والغرب في العاصمة القطرية الدوحة، ومن خلال ذلك، حاولت قطر ترسيخ صورتها بأنها «أمة إصلاحية إسلامية حديثة» تقف ضد الوضع الراهن وتؤيد التغيرات الديمقراطية. ولكن الواقع يختلف كثيراً عن هذه الادعاءات، وبالمقارنة مع كل الدول العربية، فإن قطر هي الأقل تاريخاً في ممارسة أي نوع من الإصلاحات الليبرالية، ومن الناحية الاجتماعية لا يزال المجتمع القطري منغلقاً جداً ومحافظاً، وعلاوة على ذلك لا توجد هيئة تشريعية منتخبة في قطر على الإطلاق، وذلك على النقيض من معظم دول الخليج الأخرى التي تتحقق فيها مظاهر مشاركة الشعب في السلطة. ويعتبر الكاتب أن قناة الجزيرة من السمات الأخرى المتناقضة للسياسة القطرية، إذ يتم الاحتفاء والإشادة بها لأنها «صوت الديمقراطية» في المنطقة، ولكن هذه القناة ظلت صامتة على نحو مثير إزاء قضية إضفاء الطابع الديمقراطي على حكومة ومجتمع قطر، كما اكتفى هذا البوق الديمقراطي بتسليط الضوء على سخط وإحباط الشباب العربي فقط من دون تقديم أي نوع من التوجيه للاحتجاجات المشروعة والمفاوضات بشأن القضية الفلسطينية أو البطالة أو الفساد أو الإصلاحات الديمقراطية. وكرست الجزيرة إمكاناتها لبث رسائل المتطرفين والإرهابيين وتوفير منصة إعلامية لقادتهم من أجل التسريع بعملية «إضفاء الطابع الإسلامي على السياسة العربية». ويرى الكاتب أن الدوحة تجسد بوضوح النفاق الذي تنتهجه قطر، حيث توفر ملاذاً آمناً للإسلاميين والمتطرفين والإرهابيين المصنفين من الغرب، وفي الوقت نفسه تضم أراضيها قاعدة عسكرية أميركية ضخمة. وتنطلق من الدوحة الخطابات المعادية المناهضة للغرب وبقية الأنظمة العربية المختلفة باستثناء قطر بالطبع. واستمر النظام القطري الحاكم في هذه الازدواجية الصارخة لفترة طويلة رغم التحذيرات المتكررة من دول مجلس التعاون الخليجي حتى تفاقمت الأزمة الحالية، ومن ثم فإن قطر تتحمل اللوم بسبب امتداد هذه السياسة الميكافيلية لفترة طويلة واختراق التقاليد والأعراف الداخلية للمجتمع العربي الخليجي. وفيما يتعلق بالخيارات المتاحة بالنسبة إلى الهند التي تقيم علاقات جيدة مع كل دول الخليج ومصر، ولكن ليس لديها الكثير من النفوذ للتأثير على مسار الأحداث في المنطقة، يعتقد الكاتب أنه إذا لم يتم حل هذه الأزمة قريباً، فإن الهند سوف تضطر إلى التخلي عن الحياد واتخاذ موقف متسق مع سياستها لمكافحة الإرهاب. ويختتم الكاتب قائلاً: «عندما تفقد باكستان شرعيتها في المنطقة، يجب أن تشجب الهند قطر لرعايتها للتطرف والإرهاب، وبخاصة لأن أهمية قطر بالنسبة إلى الهند قاصرة على توفير الاحتياجات من الغاز الطبيعي المسال فقط (على النقيض من المصالح مع السعودية والإمارات في الطاقة والتجارة والتحويلات المالية والاستثمار ومكافحة الإرهاب والصفقات الدفاعية)، ولأن الهند هي إحدى أكبر أسواق قطر، فإن الأخيرة لن تتمكن من خفض إمدادات الغاز الطبيعي، ومن ثم فإن الالتزام بالحياد في هذه الأزمة لا يصب في مصلحة الهند وصعودها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©