الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المياه المعبأة» و«المشروبات الغازية».. صراع على القمة

«المياه المعبأة» و«المشروبات الغازية».. صراع على القمة
16 مايو 2015 21:35
إعداد: حسونة الطيب تبذل شركات المشروبات الغازية حول العالم جهوداً كبيرة من أجل الحفاظ على حصصها السوقية، وسط تصاعد الطلب على المياه المعبأة. وتستعد هذه المياه للتفوق على المشروبات الغازية لأول مرة خلال العام الحالي، ما يجعلها الأكثر مبيعاً بين المشروبات الأخرى. وأفرز التعطش للماء منافسة محتدمة من أجل تأمين حصة سوقية بين الشركات المنتجة الكبيرة، مثل «دانون» الفرنسية و«نستله» السويسرية و«كوكا كولا» و«بيبسي» الأميركيتين. ونمت مبيعات المياه المعبأة حول العالم بنسبة بلغت 6% سنوياً منذ 2008، متفوقة بسهولة على المشروبات الغازية التي لم يتجاوز نموها سوى 1,3% فقط. ومن المرجح أن ينتج عن هذا النمو، مبيعات تصل إلى 238 مليار لتر من المياه المعبأة بنهاية العام الحالي، بالمقارنة مع توقعات مؤسسة كانادين لبحوث الأسواق لمبيعات المشروبات الغازية عند 227 مليار لتر، التي تتربع على رأس القائمة حالياً. ويولي المستهلكون في أسواق الدول لمتقدمة، اهتماماً كبيراً بالمواد المضافة والأطعمة الغذائية المعالجة، في حين يفضلون في حقل المشروبات، المياه المعبأة على سائر الأنواع الأخرى من المشروبات الغازية. وعلى الصعيد العالمي، ساهمت آسيا في دفع عجلة الطلب خاصة الصين والهند، حيث تسعى الحكومات لتوفير مصدر مستدام من مياه الشرب للعدد المتزايد من السكان. وتفضل الطبقة الوسطى في هذه البلدان، تناول المياه المعبأة قدر المستطاع. وفي غضون ذلك، أوشك استهلاك المياه المعبأة خلال الخمس سنوات الماضية، على بلوغ الضعف في الصين من 17 مليار لتر إلى 33 مليار لتر، وفقاً للبيانات الواردة من مجموعة يورو مونيتور المتخصصة في أبحاث الأسواق. وتتجاوز مبيعات دانون من المياه المعبأة، مبيعاتها من حليب الأطفال في الصين، ساعدها في ذلك زيادة الطلب على مياه ميزون المحلاة، التي تلاقي طلباً كبيراً في إندونيسيا أيضاً. ويشكك بعض المحللين، في إمكانية المحافظة على هذا النمو المدفوع بمشروبات أكوا المحلاة والتي تشكل 40% من نشاط «دانون» في المياه. وكانت المياه المعبأة، والتي عانت في البلدان المتقدمة إبان فترة الركود، الأسرع نمواً من بين أربعة نشاطات لشركة دانون في السنة الماضية، حيث دأبت مبيعاتها على الارتفاع بنحو الضعف سنوياً منذ 2011. وزادت الشركة الفرنسية من حصتها في سوق المياه خلال الخمس سنوات الماضية، لتستحوذ على ما يزيد على 10% من السوق العالمية. وبرزت المياه المعبأة، كإحدى ظواهر المشروبات ليس في أميركا وحدها، بل في جميع أرجاء العالم المختلفة. وكان أول ظهور لها كواحدة من الشرائح التجارية الكبيرة، في دول غرب أوروبا، حيث أصبح استهلاكها يشكل جزءاً من حياة الناس اليومية هناك. أما الآن، فهي مشروب عالمي لا تكاد رقعة من العالم تخلو من وجوده حتى في أقاصي البقاع. ورغم أن الماء لا يزال يشكل الجزء الأكبر من مبيعات المياه المعبأة في معظم أنحاء العالم، إلا أن المياه الغازية تقتصر على عدد قليل منها، مثل الأرجنتين وشيلي والأورجواي وهولندا، حيث ترتبط بتناول الغذاء في هذه البلدان. وعلى الصعيد العالمي، تشكل المياه الغازية 10% من الحجم الكلي للمياه. وتفضل معظم دول العالم مادة البلاستيك على الزجاج في التعبئة، باستثناء ألمانيا التي تفضل الزجاج نظراً، لبعض قيود التدوير المفروضة في البلاد. وفي محاولة لتقليص اعتمادها على المشروبات الغازية، طرحت «كوكا كولا» مياه «سمارت ووتر»، في سوق المملكة المتحدة التي تحقق علامتها الأخرى «فيتامين ووتر»، مبيعات مستقرة. وارتفعت مبيعات المياه المعبأة في المملكة المتحدة بنسبة وصلت 10% في 2014 حتى نهاية مارس الماضي. وأثار الانتعاش الذي تعيشه المياه المعبأة، انتباه بعض شركات المشروبات مثل «بريتفيك» البريطانية، التي قررت اللحاق بالموجة عبر طرح علامة «باليجوان» الأيرلندية في بريطانيا. وفي المكسيك، دخلت «دانون» المالكة لعلامة «إيفيان» و«بادويت» وسلسلة أخرى من العلامات التجارية، في حرب أسعار في السنة الماضية، بعد ما فرضت الحكومة ضريبة على المشروبات الغازية المحلاة. واتهمت «دانون» كل من «كوكا» و«بيبسي» بتدميرهما للقيمة في أعقاب زيادة معدل توزيع المياه في المكسيك للتعويض عن تراجع مبيعات مشروباتهما الغازية التي تأثرت بالضريبة. وتتميز حماية الحصة السوقية، بأهمية كبيرة وذلك لضعف قوة التسعير في المياه غير العذبة التي تشكل 82% من حجم المياه المباعة. ويقول فينتان ريان، المحلل في «بيرنج بيرج»، واحد من أقدم البنوك في العالم: «تقلل المياه المعبأة من أرباح الشركات التي تقوم بإنتاجها. وتبلغ أرباح هذه المياه في نستله 10%، بالمقارنة مع متوسط أرباح الشركة عند 15%. وبينما لا يتطلب إنتاج المياه المعبأة ملكية فكرية، نجد أنه من الصعب استثمار أموال كبيرة في نشاط أرباحه غير مضمونة، رغم سرعة نموه». ويرى بعض الخبراء العاملين في القطاع، أن سر الوصول إلى الأرباح، يكمن في كيفية التوزيع، حيث من الضروري أن يكون المنتج قريباً من المستهلك، بهدف التقليل من تكاليف الترحيل. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز الرابطة الدولية للمياه المعبأة يورو مونيتور «الأميركية» في المركز الثاني عالمياً بأسرع معدل نمو تعتبر السوق الأميركية الأسرع نمواً بمعدلات قريبة من تلك في الأسواق الناشئة. وفي حين تركز «دانون» على الأسواق الناشئة، تقوم «نستله» ببيع معظم مياهها في أسواق الدول المتقدمة. وحققت مبيعات علامة «بيور لايف» التجارية التابعة للشركة السويسرية، نمواً سريعاً في أميركا التي استحوذت على نصف مبيعاتها المقدرة بنحو 7,4 مليار فرنك سويسري (7,9 مليار دولار) خلال العام الماضي. ويقول ماركو ستمبري، مدير قسم المياه في «نستله» :« يشهد قطاع المياه نمواً ضخماً في أميركا، بسبب المخاوف المتعلقة بالصحة والسمنة»،ودخلت المشروبات الغازية في السنة العاشرة على التوالي من التراجع في أميركا خلال العام الماضي، حيث مُنيت بنحو 14% من الانخفاض في حجم مبيعاتها على مدى العقد الماضي. وبتجاوزها لنحو 10 مليارات جالون في 2013، سجلت سوق المياه المعبأة في أميركا الثانية من حيث الحجم في العالم، أرقاماً قياسية جديدة، في بادرة أخرى تؤكد تعافي القطاع من حالة الضعف المؤقت التي ألمت به. وكما هو الحال للشرائح الأخرى من المشروبات، عانت المياه المعبأة من الركود لاقتصادي إبان الأزمة المالية عامي 2008 و 2009، لكن سرعان ما عاود القطاع الانتعاش في 2010 من حيث الحجم والمبيعات. واستمرت قوة النمو في 2011 لتشتد أكثر في 2012 بوتيرة غير مسبوقة منذ خمس سنوات ليتكرر المشهد في 2013. وتقلصت عائدات الشركات الأميركية المنتجة عامي 2008 و 2009، لتعاود الانتعاش فيما بعد. وتجاوزت مبيعات الجملة 6 مليارات دولار لأول مرة في العام 2000. وبحلول 2007 قفزت المبيعات لنحو 11,5 مليار دولار، لتنخفض في السنة التي تلتها بنسبة قدرها 3% إلى 11,2 مليار دولار، وبما يزيد عن 5% في 2009 إلى 10,6 مليار دولار. وفي 2010، عادت لدائرة الارتفاع مرة أخرى لتبلغ 11 مليار دولار في 2011، ومن ثم إلى 11,8 مليار دولار في 2012، وإلى 12,3 مليار دولار في 2013. نمو قوي حققت العديد من الأسواق الأسيوية نمواً قوياً لتتحول إلى أسواق رئيسية للمياه المعبأة خلال الألفية الثانية. وفي حقيقة الأمر، أصبحت آسيا سوق إقليمية كبيرة بحلول 2011 متفوقة على أميركا الشمالية وأوروبا. وبعد تفوقها على المكسيك لتحتل المركز الثاني في 2012، تقدمت الصين لاحتلال المركز الأول على حساب أميركا في 2013. وبلغ استهلاك العالم من المياه المعبأة في 2013، نحو 70,4 مليار جالون، ليرتفع معه متوسط استهلاك الفرد إلى 9,9 جالون في اليوم، مع الوضع في الاعتبار الاختلاف الكبير في الاستهلاك بين الدول الغنية والفقيرة. انقسام حول المخاطر الصحية تنقسم آراء خبراء البيئة حول المخاطر الصحية للمياه المعبأة. وجاء في كتابه «تعبأ ثم تباع: شكوك حول المياه المعبأة» لبيتر جليك:«أن الإجابة عن سوء المياه التي توفرها البلديات على شبكات التوزيع في البلدان النامية، لا تنطوي على توفير المياه المعبأة فحسب، بل من خلال بناء نظم مياه عالية الجودة وقليلة التكلفة ومتوافرة، واقتناء المياه المعبأة ليس في مقدور فقراء هذه البلدان، كما أنه ليس من المنطقي توفير المياه الصحية للأغنياء فقط». وتتوافر المياه الصحية في الدول الغنية في الشبكة العامة، رغم أن طعمها ليس بنفس جودة المياه المعبأة، وفي حين أن شرب المياه المعبأة أفضل من المشروبات الغازية، إلا أن الأفضل من ذلك شرب مياه شبكة نظيفة ومنخفضة التكلفة، وترى نستله التي تشجع على ترشيد استهلاك المياه، أن المشروبات الغازية هي المنافس وجدير بالذكر، أن كمية المياه المطلوبة لمعالجة قارورة من الماء، ما هي إلا جزء يسير للغاية من تلك المطلوبة للحليب أو لعصير برتقال، ما يؤكد أن الترشيد هو في شرب المياه معبأة كانت أم من الحنفية، وليس في تناول المشروبات الغازية والعصائر. وبينما لم يعد لمناصري البيئة، تأثير كبير على مبيعات المياه المعبأة، تبرز المخاطر التي تهددها من التقنيات الجديدة التي تبحث في أمر توفير التكنولوجيا المناسبة للأفراد لتنقية المياه في المنازل. وتستخدم شركة فيرجن بيور، تقنية تنقية المياه التي طورتها شركة ستراوس. ويقول مدير الشركة التنفيذي أوليفر أوسجوود:«يقوم النظام بتنقية المياه على ثلاث مراحل، ليتم التخلص من البكتريا والشوائب التي تدخل عبر أنابيب الشبكة الكبيرة، بفصلها أو قتلها، مع بقاء المكونات المعدنية الرئيسية». ويبدو أن طلب المياه المعبأة ماضٍ في نموه، حيث يظل المستقبل مشرقاً، مع توقعات بطلب متوسط إلى قوي يتجاوز 10% حتى حلول العام 2019 على أقل تقدير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©