الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عرائس اليمن البحرية نضارة الطبيعة بلا تلوث

عرائس اليمن البحرية نضارة الطبيعة بلا تلوث
2 فبراير 2006
صنعاء - مهيوب الكمالي:
خلال الاجازات يتدفق الأهالي، ومعهم بعض كبار رجال الدولة، من العاصمة اليمنية والمدن الكبيرة التي لاتقع على المياه البحرية الى عدن والمكلا والحديدة 'عروسات' البحر للاستجمام بهوائها وحرارتها بدلا من برد صنعاء القارس· وقد لفتت هذه الظاهرة إلى حاجة هذه المدن إلى متنزهات وفنادق ومطاعم وكافيتريات وتطوير خدمات البنية التحتية للقطاع السياحي الذي يتطلب المزيد من التجهيزات·
وتعيش عدن والمكلا والحديدة، خلال الاعياد والاجازات، حالة فرح استثنائية تستحق معها أن يسميها الاهالي بأنها مدن الفرح وان يشبهها الكتاب السياحيين 'بالفاتنات' نظرا لجمال طبيعتها ودفء مياهها·
وتنفرد مدينة عدن الواقعة بين مياه البحرين الأحمر والعربي بمميزات جغرافية جمعت بين أجواء البحرين، فغدت تكتسب أهميتها الاقتصادية والسياحية الجاذبة لمن يبحث عن اجازة هادئة، في حين تشكل الحديدة موقعا هاما على البحر الأحمر وتجتذب إليها الزوار من المواطنين والموظفين والسواح من العاصمة والمدن الأخرى، اما المكلا فهي تستقطب اليمنيين الذين يعيشون في المهجر، ويقصدونها لكي ينعموا بمياه البحر العربي·
والمعروف أن عدن شبه جزيرة تبلغ مساحتها حوالي (200 كم 2 ) تمتد كرأس صخري في مياه خليج عدن، وهي بمثابة بركان خامد مساحة امتداده 8,5 كم)، ويربطها بالبر برزخ رملي يعرف ببرزخ (خور مكسر)، وتحيط بفوهة البركان سلسلة جبلية بركانية تكونت خلال الزمن الجيولوجي الثالث مع تكون أخدود البحر الأحمر·
وقد ساهمت في روعة عدن تشكيل التضاريس وخليجها تلك السلسلة الجبلية المحيطة بها من جهة الشمال والغرب والجنوب الغربي تتفرع من جبل العر عمودها الفقري، وميناءها أشهر وأهم الموانئ اليمنية منذ القدم، وهو الميناء الوحيد الذي تميز بعمقه، وتحيط به الجبال الأمر الذي سهل للبواخر والمراكب من الرسو بأمان وحجبها من الرياح·
الصهاريج البديعة
وأهم ما تملكه عدن من معالم سياحية هي الصهاريج التي تقع في وادي الطويلة في امتداد خط مائل من الجهة الشمالية الغربية لمدينة عَدَن (كريتر)، وهي واقعة أسفل مصبات هضبة عَدَن المرتفعة حوالي (800 قدم)، وتأخذ الهضبة شكلاً شبه دائري ويقع المصب عند رأس وادي الطويلة· وتصل الصهاريج بعضها ببعض بشكل سلسلة، وهي مشيدة في مضيق طوله سبعمائة وخمسون قدماً تقريباً، ويحيط بها جبل شمسان بشكل دائري باستثناء منفذ يؤدي ويتصل بمدينة كريتر، تقوم الصهاريج بحجز المياه المنحدرة من الهضبة من خلال شبكات المصارف والسدود والقنوات التي استحدثت بهدف تنقية المياه من الشوائب والأحجار· وتختلف المصادر التاريخية حول تاريخ بناء الصهاريج، ولم يجد الدارسون الأثريون أي سند أو نقش يتعلق بتاريخ بنائها، وأغلب الظن أن بناءها مر بمراحل تاريخية متعددة·
ويعلق عبد الله أحمد محيرز، الباحث في تاريخ الصهاريج، على ذلك بالقول: ' ليس من الضروري البحث عن تاريخ لمثل هذه الصهاريج فوجودها ضروري في أي زمان ومكان خاصة في مدينة كعَدَن شحت آبارها، وتعرض أهلها بحكم موقعها لخطر الموت عطشاً إن هي حوصرت لزمن طويل بل لابد من وجودها لخزن المياه، وتقوم الصهاريج بتلقف المياه وحفظها وخزنها ثم تصريفها لاكتمالها'·
ويضيف محيرز: 'نظام الطويلة لم يكن به هذا الهدف الجامد وهو (توفير الماء في متناول المستهلك) ولكنه يعكس نظاما تكنولوجيا بارعا ووجه حضاري فريد وهو وسيلة لتلقف الماء عبر جدران حاجزة، إما منحوتة بصخور الجبل أو مبنية بالحجارة والقضاض لتقوم بثلاث مهمات: تلقف الماء، وحجز الحجارة والطمي الساقط مع الشلالات، وتوجيه الماء عبر سلسلة من هذه الجدران لتصريفه إلى حيث تكون الحاجة إليه إلى صهاريج المدينة'·
وقد وصف الرحالة والأديب اللبناني المعاصر أمين الريحاني صهاريج عدن قائلاً: 'هذه الخزانات من أجمل الأعمال الهندسية في العالم' ·
وخلال فترة الاحتلال الانجليزي لعدن قاموا بترميم الصهاريج، وكانوا يتوقعون نتائج مرضية على المدى البعيد تعيد الصهاريج الى ما كانت عليه، لكن التغييرات التضاريسية التي طرأت على هضبة عَدَن بفعل عوامل التعرية وبناء حواجز من قبل المهندسين الإنجليز لغرض تصفية الماء من الحجارة والطمى، ادت الى أن الماء لم يعد ينهمر إلى وادي الطويلة وفاض في الهضبة التي تعلو الطويلة·
وتبلغ السعة الإجمالية للصهاريج وعددها 50 صهريجا حوالي (20 مليون جالون)، وأكبر الصهاريج سعة هو صهريج بليفير (الدائري) حوالي (4 ملايين جالون)، وأصغرها سعته حوالي (10 آلاف جالون)، ويقع بالقرب من سائلة وادي العيدروس··
أما بالنسبة للصهاريج التي رممت فيبلغ عددها (14 صهريجاً)، وهناك (36 صهريجاً) لم ترمم وبعضها بات مخرباً، ناهيك عن الصهاريج المطمورة والتي لم يتم اكتشافها بعد· وأكبر الصهاريج وأشهرها صهريج بليفير الدائري، ويقع خارج وادي الطويلة، وتصب فيه الصهاريج من (1 ـ 10)· يليه صهريج كوجلان (المربع) ويقع في وسط الوادي، يملأ الفراغ بين جبلين، ثم صهريج أبي قبة، ولعل القبة أَضيفت اليه خلال فترة حكم العثمانيين، فصهريج أبي سلسلة رقم (1)، ويقع في أعلى وادي الطويلة·
وبالقرب من حديقة تسمى حديقة الصهاريج بني متحف عام 1930م، وهو اليوم مركز للوثائق والصور التاريخية الخاصة بمدينة عَدَن· ولم تعد بطبيعة الحال للصهاريج قيمة نفعية عملية في الوقت الراهن حيث تم توفير مصادر أخرى للمياه بمدينة عَدَن ابتداءً من أواخر القرن التاسع عشر ميلادي وبداية القرن العشرين حيث باتت المياه تصل الى عَدَن من مصادر عدة مثل بئر أحمد وبئر فضل والحسوة والمحطة الكهروحرارية إضافة إلى الآبار المتفرقة داخل المدينة نفسها، وبالتالي فقد أصبحت للصهاريج قيمة جمالية أثرية جاذبة للسياح والوافدين والزوار، ولازالت معظم منشآتها قائمة وبحالة جيدة مبنية بالحجارة السوداء (البازلت) ومليسة بالقضاض·
قلعة صيرة
والى جانب الصهاريج هناك معالم أخرى أهمها قلعة صيرة التي تعد من أقدم المعالم الأثرية التاريخية بمحافظة عَدَن، وهي عبارة عن قلعة محصنة قديمة توجد بها تحصينات عسكرية تعتلي جبل صيرة الأسود والذي يطلق عليه جزيرة صيرة الواقعة في البحر قبالة خليج حقات، وتنتصب الجزيرة وقلعتها في البحر كديدبان يعايش النهار ويسامر الليل بكل يقظة لحماية عَدَن وكخط دفاع متقدم؛ إضافة إلى ذلك تستمد الجزيرة من موقعها الحساس ميزة هامة هي مراقبة حركة السفن القادمة إلى ميناء عَدَن والخارجة منه، وتقع جزيرة صيرة وجبلها قبالة جبل المنظر من جبال حقات·
وتوجد بالقلعة بئر تسمى (بئر الهرامسة)، تروج بعض الأساطير بأن الجن والعفاريت هم من قاموا بحفرها، وتتعدد الآراء في المصادر التاريخية القديمة والحديثة حول تاريخ وفترة زمن بناء القلعة، ولا يعرف على وجه الدقة تاريخ إنشائها الحقيقي فمنهم من يرى أنها أنشئت مع بدايات ظهور ميناء عَدَن كريتر كميناء تاريخي لعَدَن، ويعود ذلك إلى فترة ما قبل الإسلام، ويرجع آخرون ظهور تلك الاستحكامات ـ التحصينات ـ الدفاعية إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين أثناء دخول المماليك والأتراك اليمن تحت غطاء مواجهة الغزو البرتغالي، ويعود ذلك التخطيط إلى غياب أو اندثار بعض المصادر التاريخية التي قد تكون أوردت شيئاً عن ما يتعلق بإنشاء قلعة صيرة، قلة وغياب الدراسات الأثرية المتخصصة في هذا الجانب ناهيك عن قلة وضعف الإمكانيات المادية الخاصة بعمل حفريات وتنقيبات أثرية بالقرب من موقع القلعة أو حولها بما يميط اللثام ويكشف تاريخ بناء القلعة العتيقة الهامة·
ويؤكد زوار عدن أن مدينتي الحديدة والمكلا تنتعشان اقتصاديا وتنشط حركة التجارة فيهما الا انها تعجز عن استيعاب الاعداد الكبيرة من الوافدين والذين يلجأون إلى استئجار المنازل وبمبالغ خيالية
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©