قتل 5 أشخاص وأصيب 20 آخرون بجروح منذ صباح امس، في الاشتباكات المستمرة بين سنة وعلويين في مدينة طرابلس شمال لبنان، التي انطلقت شرارتها الاولى يوم السبت الماضي بسبب إقدام جهاز الامن العام اللبناني على اعتقال المدعو شادي المولوي المتهم بانتمائه الى تنظيم إرهابي وتعاطفه مع الثورة السورية، بينما حذر الرئيس اللبناني ميشال سليمان من خطورة الانزلاق الى التوتير الامني وانعكاس ذلك على الوضع العام في لبنان.
وقال مصدر امني ان ثلاثة قتلى سقطوا في منطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية المؤيدة للنظام السوري، فيما قتل 2 في منطقة المنكوبين المتاخمة لمنطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية المؤيدة لحركة الاحتجاج السورية. وبذلك ترتفع حصيلة المواجهات التي اندلعت الى سبعة قتلى، بينهم ضابط في الجيش، و47 جريحا، بينهم عسكريان.
وبدأت الاشتباكات بعد توقيف القوى الامنية شادي المولوي (27 عاما) للاشتباه بتورطه في “الارهاب”. وادعت السلطات القضائية اللبنانية امس على شادي المولوي وخمسة اشخاص آخرين بتهمة “الانتماء الى تنظيم إرهابي مسلح”.
وقال مصدر أمني إن بين الجرحى اطفالا وامرأة. وذكر بيان صادر عن قيادة الجيش-مديرية التوجيه ان “دورية من الجيش تعرضت أثناء قيامها بفتح الطريق الرئيسي بين محلتي باب التبانة وجبل محسن، لاطلاق نار من عناصر مسلحة ما أدى إلى جرح عسكريين اثنين واصابة بعض الآليات بطلقات نارية”. واشار البيان الى ان قوى الجيش “ردت على مصادر النيران بالمثل، وهي تعمل على معالجة الوضع وملاحقة الفاعلين”. وبذلك ترتفع حصيلة المواجهات التي اندلعت السبت إلى خمسة قتلى، بينهم ضابط في الجيش، و47 جريحا. واستمر تبادل اطلاق النار بالرشاشات وقصف متقطع بقذائف الآر بي جي والقنص.
وبسبب القنص، قطعت الطريق الرئيسية التي تربط طرابلس، بمحافظة عكار والحدود الشمالية مع سوريا. وسجلت حركة نزوح من المناطق القريبة من خط المواجهة ومن منطقة القبة شرق مدينة طرابلس، بينما بدت الحركة مشلولة في الاحياء والشوارع المجاورة لمناطق الاشتباكات. ويوجد الجيش اللبناني في المنطقة الفاصلة بين جبل محسن وباب التبانة وعلى اطراف المنطقتين. وبسبب استمرار الاشتباكات، لم يتمكن الجيش من الانتشار في الاحياء التي تشهد مواجهات تنفيذا لاتفاق تم التوصل إليه الاحد، خلال اجتماع ضم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفاعليات سياسية ودينية ومسؤولين أمنيين.
وافاد مصدر امني ”الاتحاد” بأن الجيش اللبناني استقدم تعزيزات عسكرية الى طرابلس، تمهيداً للانتشار بالقوة في مناطق الاشتباكات في حال لم تنجح الاتصالات في سحب المسلحين من الشوارع.
ومقابل الإنذار الذي وجهه الجيش للمسلحين بوجوب اخلاء الشوارع، اذيعت عبر مكبرات الصوت من بعض المساجد دعوات للاهالي بضرورة اخلاء الطوابق العليا تفادياً لاصابتهم بالقذائف.
وأسفرت الاشتباكات امس عن مقتل الشاب حيدر الراشد جراء إصابته من على شرفة منزله في وادي النحلة ـ البداوي، فيما قتل رمزي طعان باكير في جبل محسن وأفيد بسقوط عدد كبير من الجرحى بينهم عدد من العسكريين.
وارتفعت حدة الاشتباكات واندلعت السنة النيران من احد الابنية المطلة على منطقة المنكوبين وبحور الملولة، فيما سجل سقوط عدد من القذائف الصاروخية على محور الريف ـ جبل محسن وادت الى سقوط جريحين جديدين.
واغلقت المدارس في طرابلس امس وتم تأجيل امتحانات الجامعات والكليات كما ان حركة السير شبه مشلولة. وقال مصدر مطلع من سكان المنطقة ان الاشتباكات خفت حدتها بشكل كبير مقارنة بيوم امس الاول، إلا انه بين الحين والآخر يتم سماع رشقات نارية لافتا الى ان حركة السير شبه مشلولة، فضلا عن قطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى طرابلس.
وأضاف أنه تم إقفال المدارس في طرابلس وضواحيها خشية عمليات القنص وسقوط القذائف التي قد تطول المارة، أو مستخدمي الطريق فضلا عن شلل في الحركة التجارية والمرور في الشوارع متمنيا ان تعود الامور الى طبيعتها كما كانت من قبل.
من جانبه، اعلن مدير كلية العلوم في الجامعة اللبنانية فرع طرابلس زياد الفوال تأجيل الامتحانات الجزئية المقررة امس واليوم في كلية العلوم في طرابلس، وشعبة العلوم في منطقة عكار الى الاسبوع المقبل إضافة الى تعليق كافة الاعمال الادارية.
بدوره، اكد الرئيس اللبناني في بيان صادر عن المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري اهمية “ان يعي الجميع من مسؤولين وقيادات امنية وسياسية خطورة الانزلاق الى التوتير الامني، وانعكاس ذلك سلبا على الوضع العام في البلاد وعلى الفرقاء انفسهم في هذه الظروف بالغة الدقة التي تشهدها المنطقة وتمر بها”. وأشار الى ان سليمان اطلع من وزير الداخلية والبلديات مروان شربل على آخر المعلومات المتوافرة عن الوضع في مدينة طرابلس والاتصالات والمعالجات الجارية لضبط الوضع وإعادته الى طبيعته هناك. وشدد ميقاتي على “الاسراع في تنفيذ المقررات المتخذة بضبط الوضع الأمني في مدينة طرابلس وإعادة الهدوء الى أحيائها”، وأجرى اتصالات مع الوزراء المعنيين وقائد الجيش وقيادات الأجهزة الأمنية.
كما تابع مع وزير العدل شكيب قرطباوي الملفات القضائية ذات الصلة، مشددا على “ضرورة الاسراع في اتخاذ القضاء القرارات المناسبة في شأن الاحداث الأخيرة والملفات التي لها علاقة بالموقوفين لدى القضاء منذ فترة طويلة”.
ودعا مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني الى معالجة الاوضاع في طرابلس بالهدوء بما يحفظ امنها وسلامة ابنائها. ودان قباني في بيان صحفي طريقة وكيفية الاجراءات التي اتخذت في عملية اعتقال الشاب شادي المولوي داعيا الدولة الى مراعاة حقوق الانسان، وحقوق الآخرين في كل الاجراءات التي تتخذها للتحقيق في اية قضية قبل اأحكام القضاء.
إلى ذلك، اعلنت الخارجية الفرنسية امس ان باريس تدين اعمال العنف الدامية في طرابلس وتدعو اللبنانيين الى عدم استيراد النزاع السوري. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو ان “فرنسا تدعو كل اللبنانيين الى وضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، وتغليب الحوار والوحدة الوطنية والسلم الاهلي تفاديا لاستيراد نزاع لا علاقة لهم به الى بلادهم”. واضاف المتحدث ان “فرنسا تدين أعمال العنف هذه” و”في اطار الازمة السورية تقف الى جانب السلطات اللبنانية لتهدئة التوترات الداخلية”.
عدد اليوم
