الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جحود ابنة·· أم محاولة رخيصة لكسب المال؟

جحود ابنة·· أم محاولة رخيصة لكسب المال؟
20 نوفمبر 2008 01:34
أثارت كارول ثاتشر ابنة رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت ثاتشر استياء العديد من البريطانيين لقيامها بفضح سر والدتها والكشف عن تفاصيل قواها العقلية الذابلة في كتاب صدر في الرابع من سبتمبر الماضي بعنوان ''السباحة على حافة حوض السمكة الذهبية'' عن دار نشر هاربر كولينز البريطانية· ويفيد الكتاب أن المرأة الحديدية التي اشتهرت بشخصية قوية وذاكرة موسوعية تعاني من عطب شديد في قدراتها العقلية منذ سبع سنوات· وقد نتج عن صدور الكتاب موجة من المقالات ورسائل القراء داخل بريطانيا تصفه بأنه يعكس جحود ابنة تعمدت تشويه صورة والدتها رغم حرص الأطباء على منعها من الظهور العلني منذ عام 2002 وعدم تسريب أخبار حالتها الصحية حفاظا على تاريخها ومكانتها· ورأى البعض أن الكتاب محاولة رخيصة من التكسب من مصائب العائلة· خاصة وقد سبق وأن ألفت ''كارول'' كتابا عن والدها عقب وفاته بسرطان البنكرياس عام ·2003 في الوقت الذي بالغ فيه البعض في اعتبار الكتاب يضر بتاريخ بريطانيا من خلال المساس بأكثر الشخصيات قوة بين رؤساء الوزارة البريطانيين· ويرسم الكتاب صورة مختلفة تماما للمرأة الصارمة ذات الشخصية السياسية الحديدية التي تصدرت حقبة الثمانينات من القرن الماضي والتي كانت تصنع الأحداث وتسيطر على مجريات الساحة العالمية· فيبدو أن مارجريت ثاتشر التي تجاوزت الثانية والثمانين من عمرها قد دخلت مع داء الخرف في حرب خاسرة· وهو المرض الذي يصيب أكثر من 700 ألف بريطاني يمثل النساء حوالي الثلثين منهم· وتقول ''كارول'' وهي صحفية وكاتبة ومقدمة برامج تليفزيونية أن والدتها لم تعد قادرة على إكمال الجمل أو بدء المناقشات وأنها باتت تخلط بين الأشياء والأحداث، وتردد نفس الأسئلة مرات ومرات دون أن تدرك ذلك· وأضحت تطلق أسئلة ما كانت لتثيرها من قبل مثل: متى سيأتي سائق السيارة؟ ما هو موعدي مع مزيَّن الشعر؟· وجاء في الكتاب أن أول علامات تدهور قدراتها العقلية ظهرت عام 2000 حين كانت أمها في الخامسة والسبعين من عمرها عندما خلطت بين نزاعي فوكلاند والبوسنة خلال محادثة على الغداء عن الحرب في يوغسلافيا· وقالت: ''كدت أقع من الكرسي الذي كنت أجلس عليه، فكانت تصارع من أجل فهم بعض الكلمات وتذكر كلمات أخرى· لم أصدق ذلك· فلطالما ظننت أن أمي امرأة لا يمكن أن تشيخ· وأنها حديدية مئة بالمئة وقادرة على التغلب على عوامل الزمن· فلم يكن من الضروري تكرار أي عبارة أمامها لأنها تختزن المعلومات في بنك ذاكرتها القوية''· وأضافت: ''منذ ذلك اليوم وذاكرتها في تدهور تدريجي· لقد فتح ذلك فصلا مريعا في حياتنا· فكان علي أن أتعلم الصبر ـ وهو شيء أعترف بأنني لا أمتلكه ـ وأدرك أنها باتت تعاني من مرض الخرف الذي غير شخصيتها تماما''· ذاكرة موسوعية وعن المرأة التي لم يكن هناك صنعة لعقلها سوى احتواء المعلومات وتوظيفها تقول ابنتها: ''لقد كانت المقارنة مهولة بين ما كانت عليه في الماضي وما هي عليه الآن· لقد كانت شخصية عملية ديناميكية نشطة، وذاكرتها كانت أشبه بالموقع الإلكتروني الغني بالمعلومات والأرقام والمفردات والأشخاص والأحداث· وكان بوسعها أن تناقش لساعات مستحضرة في ذهنها الإحصائيات والنسب والمعدلات الاقتصادية دون أن تستعين بأية ملاحظات مكتوبة· ومنذ دخولها معترك السياسة اشتهرت ليس فقط بقراءة الملخصات وتحليلها بل بحفظها عن ظهر قلب· لكن الخرف الذي أصاب ذاكرتها غير الكثير من سمات شخصيتها الحقيقية، التي كانت تظهر أحيانا عندما تتحدث عن أيامها في الحكم· فتحكي ''كارول'' أن والدتها عندما سئلت عن الرئيس السوفياتي ميخائيل جورباتشوف عادت تتحدث بطلاقة· وكانت ''مارجريت'' منذ الصغر طالبة متفوقة ورياضية متميزة· حصلت على منحة لدراسة الكيمياء في جامعة أكسفورد عام ·1943 وعملت بوظيفية كيميائي أبحاث من 1947 إلى ·1951 ثم بدأت دراسة القانون في أوقات فراغها وحصلت على درجة علمية في القانون· وتميزت بالدقة والحيوية والجرأة والطموح واشتهرت بالعناد والصلابة والتمسك برأيها حتى النهاية· لكن تلك الصورة الراسخة في أذهان الناس اهتزت كثيرا بعد حالة الخرف التي صورها كتاب ابنتها· فتقول ''كارول'' عن ''مارجريت تاتشر'' التي كانت أول امرأة بريطانية تتسلم منصب رئيسة وزراء المملكة المتحدة من عام 1979 حتى عام ،1990 وأول بريطاني في القرن العشرين يخدم هذه المدة الطويلة رئيسا للوزراء، أنها أحيانا تظن أنها لا تزال رئيسة للوزراء· فعند متابعتها لأحداث مثيرة في نشرة الأخبار تهرع إلى الهاتف في محاولة منها لاتخاذ إجراء أو إصدار أوامر· صخرة صلبة وتروي ''كارول'' في كتابها عن صدمة رحيل والدها ''دنيس ثاتشر'' عام 2003 على والدتها· وأن وفاته كانت حدثا شديد القسوة عليها للدرجة التي كانت تنسى في أحيان كثيرة أنه توفي· فتقول أن والدتها درجت باستمرار على النسيان أنها فقدت الزوج الذي عاشت معه أكثر من 50 عاماً وتتصرف وكأنه لا يزال يحيا بجوارها· وكانت ''كارول'' تضطر إلى إبلاغها بالنبأ السيئ مرات ومرات، وفي كل مرة كانت تسألها بحزن عميق: هل كنا موجودين بجواره عند وفاته؟· وقالت ''كارول'': ''لقد كان فقد والدي حدثا مروعا بالنسبة لأمي ليس فقط لتدهور قدراتها العقلية بل لتوازنها النفسي أيضا''· وكانت ''مارجريت هيلاروبرتس'' قد تزوجت عام 1951 من ضابط سابق في سلاح المدفعية الملكية هو ''دينيس ثاتشر'' الذي أصبح فيما بعد من رجال الأعمال الناجحين، ومدير عدد من شركات البترول بعد ذلك وأنجبت منه توأمين هما مارك وكارول· ورغم مشاغلها ومسؤولياتها كانت زوجة ناجحة تحرص على توفير أقصى درجات الراحة والأمان لزوجها وأولادها· وكان ''دينيس'' صخرة صلبة تقف ''مارجريت'' عليها وكان نبعا يفيض بالحب والولاء والتفهم لزوجته وكما تصفه ابنتهما ''كارول'' كان عيناها وأذناها التي تتلمس بهما العالم· وعلى مدى العشر سنوات التي عاش فيها ''دينيس ثاتشر'' ظلا لزوجته في مقر رئاسة الحكومة البريطانية 10 دواننج ستريت كانا يتبادلان وجهات النظر في القضايا السياسية والاقتصادية من خلال الرسائل· فيكتب لها رأيه في رسائل نشرت فيما بعد في كتاب صدر عام 1986 بعنوان ''رسائل دينيس''، وكانت ترد عليه برسائل نشرت بعد ذلك في كتاب بعنوان ''كما قلت لدينيس'' عام ·1997 صاحبة الألقاب وتعرف مارجريت ثاتشر بصاحبة الألقاب· فهي صاحبة النصر لتمكنها من تحقيق أول انتصار عسكري بريطاني بعد الحرب العالمية الثانية· بعد أن تمكنت قواتها من هزيمة القوات الأرجنتينية في حرب فوكلاند عام 1982 واستعادة هيبة واحترام العسكرية البريطانية· كما وصفت بالمرأة الحديدية لقوة شخصيتها وقدرتها على تحمل تبعة قراراتها الكبيرة التي عجز عن تحملها كثير من الرجال· ولقد حملت هذا اللقب في مارس 1983 عندما هز تفجير إرهابي مقر إقامتها في مدينة برايتون الساحلية جنوب انجلترا استعدادا لإلقاء كلمة في مؤتمر دولي· فما كان من ثاتشر إلا أن انتقلت إلى جانب من الفندق لم تصله آثار الانفجار وأكملت فيه بقية المساء لتقف في صباح اليوم التالي تقول للحاضرين: ''أقف أمامكم في نفس المكان والزمان المحدد للمؤتمر لأقول للإرهابيين أنهم لن يستطيعوا أن يمنعونا من متابعة مسيرتنا نحو البناء والتشييد!'' ولقد عرفت ''مارجريت ثاتشر'' أيضا بلقب سارقة الحليب· لأنها منعت توزيع الحليب المجاني عن طلاب المدارس البريطانية من أجل تخفيف النفقات الحكومية آنذاك!· كما كان لقب ''ابنة البقال'' من الألقاب الشائعة التي استخدمتها الصحافة البريطانية للغمز بكونها أول رئيسة وزراء من أسرة غير ثرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©