السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غلا أبوظبي: شعراؤنا مبدعون لم يصلوا إلى الاحتراف الكامل

1 فبراير 2006
حوار - نجاح المساعيد:
غلا شعر، وهلا مشاعر، وحلا شاعرة
مزيج جميل نبيل معجون بماء العطاء وقمح السخاء، لايفي تجربتها الشعرية الكبيرة، لأنها بحق شاعرة قديرة·
تغيب إلى الشعر وبه ومعه، وتحضر إلينا بالشعر السحر، تنثره ورداً ذات حين، وداً ذات حين، لكنه دائماً مطر ينعش الضمائر·
إنها غلا أبوظبي، شاعرة الإمارات كلها والخليج، في حوار هادىء- صاخب، إنما بغير ضجيج··
ü على الرغم من أننا نستضيف شاعرة قديرة شهيرة، لكن لا يمنع أن يكون سؤالنا الأول الذي اعتدنا في دانات أن نبدأ به حوارنا، عن بدايات الشاعر، كي نضع القراء منذ بداية الحوار أمام بعض معلومات عن ضيفنا الشاعر، فماذا تخبرين القراء عن بدايات غلا أبوظبي الشعرية؟
üü يأتي الإنسان إلى الحياة مكرماً ولله في خلقه شؤون كل ما فينا هو عطاء من الله وبداياتي تعتمد على نور المشاعر المتميز كفطرة والذي رافقني منذ نعومة أظفاري وبالتالي فإن الفطرة التي فطرني الله عليها أهم عندي من الاكتساب ولو أن الأخير مهم جداً في الحياة الاحترافية للإنسان·
بداياتي إذن حساسة تعشق موسيقى الأصوات خصوصاً الشعر وفنونه بداياتي مع القمر المنير في ظلام الليل الشاعري ومع نجومه المتلألئة في السماء مع الصقور الشامخة والخيول الجامحة والنسائم العليلة والنخيل الباسق والموج الهامس والصاخب مع حنين الربابة ودلال القهوة وبسمة الفناجين وعبير الزاد وبشرى الضيوف وبراءة الأطفال وعبق التراث·
ü لاشك بأن استضافة (شاعرة - أنثى) يطرح أمامنا سؤالاً لابد منه، فماذا عن بعض المعوقات والصعوبات التي واجهتك، خلال عشرة أعوام على تجربتك الشعرية بخاصة أنكِ ظهرت في سن مبكرة جداً؟
üü يتميز المجتمع العربي البدوي الأصيل بمميزات معروفة وهو من خلال عاداته وتقاليده الموروثة عن الآباء والأجداد وسماحة الإسلام يرسم نهجاً طيباً بالتربية فالأنثى عنده هي رمز للشرف والأصالة وبالتالي هي أساس نخوته وعنفوان عزته ولا أقول إن المجتمع الإماراتي يضع الصعوبات والعراقيل في طريق فتاة شامخة تعرف أسرار كل المقاييس التربوية والاجتماعية فهذه الفتاة هي أخت الرجال وفارسة الميدان ولكن قد تكون هناك بعض الحساسية عند بعض الأسر وذلك نتيجة لبعض الضلال في المفاهيم الخاطئة لارتباط الشعر بالحياة والعاطفة ولكني شخصياً كنت ولا أزال أتكيف مع الثقة وأعمل دائماً على إثبات أني استحقها أنا وكل الشاعرات·
ü قبل أن نتوغل في الحوار عن تجربتك الشعرية، نسأل عن سبب غيابك نحو عامين عن الساحة المحلية في الإمارات! هل هو غياب أم تغييب، انشغال منك أم تشاغل عنك؟
üü الشمس عندما تشرق لابد لها أن تغيب وعندما تغيب لابد لها أن تشرق ولولا مغيب الشمس لما شعرنا ببهجة الشروق ولولا الأخيرة لما شعرنا بالجاذبية نحو المجهول وكذلك الفصول نوعها الله فهي أربعة فمثلاً لا ترى الأرض فصل ربيع دائم ولا فصل شتاء دائم ولكن تنتهي الفصول ثم تعود فتجد الأرض في فصل الشتاء تناول نفسها للربيع لكي يكسوها بالورود اليانعة·
الغياب هو وقفة مع الزمن مع الإعلام ولكنها استمرارية للتفاعل النفسي والفكري في الحياة·
ü كيف تقيمين إذاً واقع الحركة الإعلامية في الدولة! ألا تقوم وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بتقديم دور فعّال يخدم الشاعرة الإماراتية؟
üü واقع الحركة الإعلامية في الدولة واقع يحمل الفخر بالمنجزات العظيمة التي حققتها تحت مسمى القفزة الحضارية كانت هذه الأرض صحراء مطرزة ببعض الواحات وضعها فقيد الأمة الراحل الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله في شرايين التطور العالمي فنبضت بأكبر الصحف والمجلات في إماراتها السبع وأصبحت تتفاعل في عصب الحدث العالمي الإعلامي في الإمارات إعلام مشرف بدون مجاملة ولماذا ينظر إلى النصف الفارغ من الكأس وإلى الوجه الآخر من القمر وإلى الشوكة لا إلى الوردة؟
نحن كشعراء وشاعرات لم نصل بعد كبعض الدول الأجنبية إلى درجة الاحتراف الكامل وتعيين مديري أعمال لنا ليغطوا الطموحات والنشاطات الشعرية والثقافية بشكل عام نحن يجب أن نبذل جهودنا الشخصية ونتواصل مع الإعلام بأنه لا يمكن أن يخلع أبواب بيوتنا ويجبرنا على السلوك الحضاري يجب أن ننشط ونستمر بحيوية الهدف· ودولة الإمارات ألغت نظرية المراكز والفروع القديمة فانتشرت فيها المؤسسات الإعلامية والثقافية وولدت فيها عشرات الجوائز المحلية والخليجية والعربية والدولية وأقول تابعوا إعلامنا جيداً ستحكمون عليه جيداً·
ü في المقابل: كيف تنظرين إلى حركة الشعر الشعبي في الدولة، وهل تعتبرين أن التجربة النسائية في تطور وازدهار، أم أنها مكانك راوح كما ذكرت بعض الشاعرات في حوارنا معهن؟
üü لا أعلم أن هناك أوامر أو قوانين صدرت تحد من حرية التعبير عند المواطن الإماراتي أو المواطنة الإماراتية بل شهدنا تدفقاً شعرياً شاملاً في عهد فقيد الأمة ومن تبعه من حاملي شعلة الأمانة حركة الشعر الشعبي في الدولة حركة نشطة والراصد لها يعرف من خلال الدراسة الوثائقية - الميدانية أنها استحقت الريادة على مستوى الخليج العربي والدول العربية ومنذ وقت طويل خصصت المؤسسات الإعلامية والثقافية بما يعرف بإحداث ثورة إعلامية بيضاء تعطي كل ذي حق حقه وانعقدت الكثير من المؤتمرات العلمية الباحثة في التاريخ والتراث لتثبت كلامي أما عن تطور وازدهار التجربة النسائية في الدولة فهي ليست مكانك راوح لأن الذين يعلمون غير الذين لا يعلمون تجمع كل ما احتوته بطون الكتب الإماراتية عن شاعرات الإمارات ووثقوا كل ما نشر ولاحظوا ما تحدر منهن كرابطات نسائية وأدبية وفكرية وشعرية ستجدون أن الحركة الشعرية النسائية في الدولة بخير· بل هي على قمة القمة وهناك مزيد من التطور والامتداد والاتساع والارتفاع لهذه الحركة·
ü تميزت قصائدك بلغة عالية رائعة أشاد بها كل من تابعك، بحيث صار لديك جمهور ينشدك ويتابعك، كيف تكوّنت لديك هذه القدرات اللغوية؟ هل الموهبة التلقائية وحدها السبب، أم نجزم أنك قارئة جيدة؟
üü أشكرك على هذا الإطراء وعلى هذه الملاحظة النقدية الانطباعية عني وإني إذا اعتبرت نفسي إحدى شاعرات الإمارات فإني أيضاً أكون قد أجبتكِ عن سؤال الحركة الشعرية النسائية في الإمارات·
لا يحشر الإنسان قراءته المكتسبة على رأس لسانه أو يحشوها في باطن قلمه أو يلصقها بصورة مجردة على الأوراق إنما هي كسر الينابيع تتدفق تغني الأرض بالحياة وهي كالتربة الحمراء التي تقبل عناق الينابيع وتستجيب لها·
الشعر بركان ينفجر في النفس فيقذف حمم المشاعر فيملأ امتدادات الحياة بأسرار الحياة ولاشك أن القراءة هي طريق كل فكر مضيء إلى آفاق الحياة الملونة بظلال المجهول والموهبة الذكية المتوقدة هي سلطان الإبداع·
ü تميلين إلى الغرض الشعري الغزلي - العاطفي لكنك حين تنجزين قصيدة عاطفية، نجدها مفعمة بالعبق الاجتماعي، بل مدججة بالحكمة والخلاصة الحياتية، هل تهدفين إلى تمرير رأي أو فكرة اجتماعية هامة ضمن القصيدة العاطفية - الخاصة؟
üü أعتقد أن سؤالك هو جواب وطالما وصلت إلى هذه القناعة فلاشك بأني بكل تواضع قد نجحت بالتجربة الشعرية أما الحكمة التي أستخلصها من قصائدي فهي عطاء عظيم من الله فمن مواصفات الحكيم أن لا يشعر بحكمته· والصحراء هي بيئة الحكماء الذين أضاءوا الدنيا بحكمتهم وإن كنت أستكبر على نفسي أن ترضى بوصف الحكيمة لأن الحكمة غاية أبعد مني وأرنو إليها بصفاء نفسي وحبي للتعليم·
ü أيضاً اتسمت قصائدك بعذوبة مفرداتها وجمال أفكارها، إنما بــ : عنفوان يعكس شخصية إنسان قوي، وأنثى متماسكة ثابتة؟ كأنك تخوضين رغم عذوبتك وشفافيتك وجمالك، معركة ما؟!
üü الحياة للفكر الحي معركة مع الزمن والمعرفة والذي يعبر الحياة مثل الإناء الفارغ فإنه يمتلئ بالهوامش أما الذي يعبر الحياة كصاحب رسالة فإنه كالنسمة المسافرة في الزمن تحمل ذرات البذور وطلاوة الندى لتحط فيها على رياض لا تنتهي من الحب والإبداع والفكر الحي يشتعل دائماً بالمقاومة فهو يقاوم الخمول والفكرة الجاهزة والتلقين الفاشل·
الإنسان هو فارس الزمن الذي لا يرضى إلا بالمركز الأول في مجاله الإبداعي ولا يضير الإبداع أن يمتلئ الأفق بالأوائل·
ü وبناء عليه، هل يمكننا اعتبار غلا الإنسانة، بعيداً عن عالم الشعر، تتصف شخصياً بهذه الصفات، من قوة ورباطة جأش وشجاعة وثبات؟
üü لا أظن أن الشاعر يستطيع الفصل بين شخصيته وشخصية القصيدة فالقصيدة تحتوي على جينات الشاعر السلوكية والنفسية ولا يمكن للشاعر أن يكون جريئاً بالقصيدة وجباناً بالتطبيق فالقصيدة بيان النفس وموقف الشخصية وأيضاً لا يستطيع الشاعر إخفاء شخصيته في قصيدته لأنها مرآته ومرآة الآخرين وأنا بالضبط كما تظهرني قصائدي بكل تواضع·
ü تطرقنا في الحوار إلى غيابك عن الساحة المحلية لبعض الوقت، لكننا شهدنا لك حضوراً مكثفاً وجميلاً في الساحة الخليجية، كيف تقيمين تجربتك الإعلامية وحضورك الخليجي كشاعرة إماراتية؟
üü الساحة الخليجية ساحة حاضنة لكل من يعانقها بنسائم إبداعه وأنا من النوع الذي يحب الانتشار خارج حدوده الجغرافية وحاستي هي حاسة عالمية بمعنى أنني أندمج مع حضارات هذه الأرض وأحب الاتصال بها وأريد هنا أن اثني على الساحات الشعرية والإعلامية السعودية والقطرية والبحرينية والكويتية فهي ساحات حية بمعنى التوقد والنشاط وافتخر أن أتواصل معها بما أستطيع حتى أكون أنا ومن مثلي خير سفراء عن للقصيدة الإماراتية ذات اللهجة المتميزة بطابعها الخاص ذا التاريخ المعطر بعبق الآباء والأجداد·
ü شاعرة كبيرة جميلة مهمة مثلك، لاشك بأن أحلاماً كبيرة تخص الشعر والحياة تراودها ·· أين وكيف تحلّق غلا أبوظبي؟
üü آمالي الخاصة بالشعر هي دعوة لكل من تجد في نفسها الإبداع لكسر الحواجز النفسية فالشعر رسالة إنسانية خالدة تجري كنهر عظيم وتصب في الحضارات الكبيرة وأتمنى من وزارة الإعلام والثقافة أن تشكل مجلساً للشاعرات أسوة بالمجالس الشعرية (الستة) التي شكلتها منذ زمن بعيد وأناجي نفسي والشاعرات بالتنويع في الأغراض الشعرية والاهتمام بالقصائدة قدر الاستطاعة وأتمنى ولادة مجلس شاعرات خليجيات ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©