الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة المالية وصعوبة دعم المتضررين

الأزمة المالية وصعوبة دعم المتضررين
19 نوفمبر 2008 02:59
في البداية كانت خطة الإنقاذ التي أقرتها الإدارة الأميركية موجهة حصراً إلى المؤسسات المالية الكبرى التي تواجه مصاعب كبيرة في الإيفاء بالتزاماتها، لكن مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وُسعت قائمة المستفيدين المحتملين من الدعم الفيدرالي، وسارع المسؤولون إلى تمديد حجم المساعدات لتشمل قطاعات اقتصادية أخرى· وقد تعددت هذه القطاعات المتضررة من الأزمة الحالية لتتراوح بين تعزيز صناعة السيارات ومعالجة مشكلة الرهون المتوقفة ليس فقط بدعم المقرضين، بل أيضاً بمساعدة أصحاب المنازل الذين يجاهدون لدفع أقساطها والحفاظ على ملكيتها، بالإضافة إلى دعم المدن والولايات التي شحت خزائنها وأوشكت على الإفلاس· ومن المرجح أن تحصل تلك القطاعات على أموال مهمة خلال الأشهر القليلة القادمة لإخراجها من أزمتها وضمان استمرارها مع احتمال توسيع برنامج الإنقاذ حتى بالنسبة للقطاع الذي كان مستهدفاً بالدرجة الأولى والمتمثل في البنوك والمؤسسات المالية بعدما تصاعدت قائمة المطالبين بتوفير السيولة· لكن الموارد الفيدرالية تبقى في النهاية محدودة، إذ مع استمرار الطلب على الدعم وتصاعد الحاجة إليه من قبل المؤسسات المتضررة، أصبحت مسألة تدبير المال وطريقة صرفه أساسية في تحديد مدى وعمق الأزمة المالية واحتمالات نجاح خطة الإنقاذ، وربما لهذا السبب مازال النقاش محتدماً داخل الكونجرس حول طرق تقديم الدعم للمؤسسات الاقتصادية حتى بعد انتهاء السباق الانتخابي· ويبقى التحدي الماثل أمامنا اليوم هو كيف يمكننا استغلال كل دولار ننفقه ضمن خطة الإنقاذ لإعادة الثقة إلى القطاع الخاص ومجال الأعمال وتعويض تراجع الاستهلاك الناتج عن تراجع سوق العمل وانخفاض قيمة المنازل· ولتحقيق هذا الغرض يقول تيم جوي، أستاذ الاقتصاد في جامعة أوريجن الأميركية ''علينا ابتكار طرق جديدة من خلال توفير الدعم اللازم من جهة، وإعادة هيكلة النظام المالي وإصلاحه من جهة أخرى''· لكن حتى مع التأكيد على ضرورة التدخل الفيدرالي لإنقاذ قطاعات اقتصادية أخرى، يرى أن المرحلة القادمة في خطة الإنقاذ تحتم علينا التروي في اتخاذ القرارات والتركيز على الخيارات الصائبة، تلك الخيارات التي أصبحت محط نقاش حاد في الكونجرس· وأول ما يحتدم الجدل حوله هو مدى الحاجة إلى مساعدة شركات صناعة السيارات الأميركية، حيث يسعى العديد من المشرعين الديمقراطيين إلى تمديد قروض تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار لتستفيد منها شركات مثل جينرال موتورز وفورد وكرايزلر· وفيما كان الاعتقاد السائد أن جنرال موتورز هي أقوى شركة أميركية في مجال صناعة السيارات أصبحت اليوم تواجه خطراً حقيقياً بإغلاق أبوابها وإعلان الإفلاس، كما أن الشركات الأخرى في حاجة ماسة إلى المال للاستمرار في عملياتها، لا سيما بعد تراجع مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها خلال الربع قرن الأخير بقيمة سنوية لا تتعدى 10,5 مليون دولار· ومع ذلك يتخوف المشروعون ''الجمهوريون'' من توسيع دائرة الإنقاذ خارج القطاع المالي الأكثر تضرراً لما يكتسيه من أهمية خاصة في توفير السيولة لمجمل الاقتصاد الأميركي، هذا الاختلاف بين المشرعين في الولايات المتحدة يعكس تبايناً آخر بين خبراء الاقتصاد حيال خطة الدعم المالي· فحتى في الأوقات التي يدعو فيها الخبراء إلى تمديد الدعم لقطاع السيارات، فإنهم يؤكدون على ضرورة إبقاء الخيوط في يد الحكومة وإخضاع القطاع لإصلاحات ضرورية تؤهله للمستقبل والمنافسة، هو الرأي الذي يعبر عنه براين بيتون، المحلل الاقتصادي قائلاً ''إذا لم تجرَ الإصلاحات، فإننا فقط نعمل على إدامة المشاكل الراهنة وليس حلها، وإذا لم يخضع القطاع لإعادة الهيكلة فإننا نتجه نحو الكارثة''· غير أن هذا الدعم للشركات المتضررة لا يخلو من مخاطر تتمثل في احتمال تعطيل بعض القرارات المهمة التي كانت ستتخذها الشركات بسبب اعتمادها على الدعم الحكومي، ويجادل البعض أيضاً أنه لو كان الحفاظ على الوظائف هو الغرض من التدخل الفيدرالي، لكان من الأفضل مساعدة الشركات الناجحة بدلاً من تلك التي يتهددها الإفلاس، إذ لماذا، يتساءل الخبير ''براين بيتون'': ''لا تستثمر الحكومة في شركات التكنولوجيا الجديدة مثل إنتـــاج الطاقـــة عن طريق الرياح والشمس وغيرها من الوسائل المبتكرة؟''· والحقيقة أنه حتى في حال ركزت الحكومة على القطاع المالي وحده يبرز نقاش آخر حول طبيعة المقاربة الحكومية نفسها وسبل التطبيق الصحيح لخطة الإنقاذ، التي كانت تقوم في البداية على شراء وزارة الخزينة الأميركية للأصول المتضررة مثل الأوراق المالية للرهون العقارية من البنوك والمؤسسات الأخرى، على أمل أن استئصال الأصول الهالكة سيرجع ثقة المستثمرين في النظام المالي ويسرع تعافيه· لكن في ظل الانتقادات التي وجهت للخطة انتقلت الحكومة الفيدرالية إلى مرحلة متقدمة، تقوم على استثمار مالي مباشر في البنوك، حيث خصصت 60 مليار دولار من المبلغ الأولي الذي رصده الكونجرس لخطة الإنقاذ والبالغ 350 مليار دولار· ويتوقع المحلل الاقتصادي ''بيتون'' نجاح المقاربة الحالية القائمة على ضخ أموال في البنوك الكبيرة ودفعها بعد ذلك إلى شراء البنوك الصغيرة المحتاجة إلى السيولة والمهددة بالانهيار· ومع ذلك فهناك من يعارض الاستثمار المباشر في البنوك، ويعتبر أن توفير السيولة لا يكفي وحده لحل مشكلة النظام المالي، بحيث ستظل الأصول الهالكة متوارية تحت السطح، في حين أن اعتماد الشفافية وتصفية الخسائر التي تكبدتها الشركات والبنوك هي الطريق الأمثل لإنهاء الأزمة المالية· مارك ترامبول- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©