الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابانيون··· ماذا يتوقعون من أوباما؟

اليابانيون··· ماذا يتوقعون من أوباما؟
19 نوفمبر 2008 02:58
شأني شأن ملايين الأميركيين استمعت إلى خطاب النصر الذي ألقاه الرئيس المنتخب باراك أوباما في متنزه ''جرانت بارك'' بشيكاغو بعد إعلان النتيجة، والذي انتابني وأنا استمع إليه شعور حقيقي بأن هناك شيئاً جوهرياً في طور التغيير· وبعد استماعي للخطاب بساعات قلية، بدأت استلم دفقاً من الرسائل الإليكترونية من أصدقائي في أوروبا ممــــن قالـــوا لي إنهم في غاية الفرح بسبب الاختيار الذي أقدم عليه الناخبون الأميركيون· في اليوم التالي، كان انفعال العالم بالحدث يبدو واضحاً من خلال القصص الخبرية والصور التلفزيونية التي كانت المحطات الإعلامية المختلفة تتسابق على بثها من كل مكان في المعمورة باستثناء مكان واحد فقط· فعندما كنت أقوم بالإبحار عبر المواقع الصحفية اليابانية على شبكة الإنترنت بحثاً عن تعليقات لتلك الصحف على فوز أوباما، فإنني ذهلت من النبرة المتشككة، بل والسلبية، التي سادت تعليقات وتحليلات غالبية الصحف اليابانية· كان هناك مثلاً عنوان رئيسي في الصفحة الأولى من ''يوميوري شيمبين'' اليومية، واسعة الانتشار، يقول ''إن فوز أوباما سيؤدي إلى زيادة تركيز أميركا على أهمية الصين''· كما كتبت صحيفة ''نايهون كيزاي شيمبيرن'' الاقتصادية اليومية عن احتمال سعي الرئيس والكونجرس ''الديمقراطيين'' إلى صفقة ضخمة لإنقاذ صناعة السيارات الأميركية على حساب صناعة السيارات اليابانية· بالإضافة لذلك يتوقع اليابانيون من دون استثناء، أن باراك أوباما الذي دعا إلى سحب القوات الأميركية من العراق للتركيز على أفغانستان، سيمارس ضغطاً على اليابان لإرسال قوات الأخيرة وهو شيء لا يبدو أن قادة اليابان على استعداد للقيام به· أما المقال الأكثر دوياً على الإطلاق، فهو ذلك الذي نشرته مجلة ''سينتاكيو'' الشهرية المعروفة بالموضوعية والتحليلات الرصينة -قبل انتهاء الانتخابات الأميركية -ورددت فيه الاتهامات نفسها التي كان ''الجمهوريون'' قد دأبوا على توجيهها للمرشح ''الديمقراطي''، منها ارتباطاته مع القس ''جيرميا رايت''، و''ويليام آيرز''الرئيس السابق لمنظمة ''ويزر اندر جراوند'' وغيره ممن وصفتهم بـ''الأساتذة الشيوعيين والاشتراكيين''· ووصفها لأوباما بأنه ''أكثر الشخصيات التي ستحتل البيت الأبيض غموضاً في التاريخ الأميركي بأسره''، وأن تصريحاته بشأن السياسة الخارجية عبارة عن ''سلسلة من العبارات الجوفاء المفرغة من المضمون''، وأن الولايات المتحدة تحت حكمه سوف تفقد مركزها كقائدة للعالم وستجر العالم معها إلى ''فوضى هائلة''· ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الأسباب التي تجعل التوقعات اليابانية تجاه رئاسة أوباما أقل إيجابية بكثير من مثيلتها في مختلف أنحاء العالم؟ هناك أسباب عديدة منها أن وسائل الإعلام اليابانية تعتقد أن المسؤولين في اليابان ليس لديهم سوى اتصالات محدودة مع أوباما، ومساعديه، على الرغم من أن الاتصالات الشخصية في اعتقادها ذات تأثير كبير في الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع اليابان· ومنها أن اليابان لديها قلق من الحزب ''الديمقراطي'' الذي ينتمـــي إليه أوبامــــا· فعندمـــا كان كلينتون في البيت الابيض، كان الفائض التجاري الهائل لليابان مع الولايات المتحدة سبباً في جعلها هدفاً مفضلا للانتقـــادات من جانب الساسة ''الديمقراطيين'' في واشنطن، الذين طالبوا منها زيادة وارداتها من السوق الأميركيــــة، وهـــو ما اعتبرته اليابان مساساً بمبدأ حرية التجارة· وعلى الرغم من أن الصين تحولت في السنوات الأخيرة لتكون هدفاً لانتقادات الساسة الأميركيين، فإن الأزمة المالية الأخيرة التي يعتبرها اليابانيون من تدبير أميركا كانت سبباً في إحياء ذكريات إدارة كلينتون المؤلمة في أذهان اليابانيين· ومن ضمن تلك الأسباب أيضاً أن اليابانيين يقرنون دائماً بين ''الديمقراطيين'' وبين السياسات الحمائية، وأن اليابان تمتلك العديد من الاستثمارات في الصناعات الأميركية، وتخشى أن تتأثر تلك الصناعات بالسلب بسبب التزايد المتوقع لنفـــوذ النقابات والاتحـــادات العمالية تحت حكم أوبامـــا· يأتي بعد ذلك السبب الخاص بالمشاعر المناهضة لأميركا: ففي أثناء زيارتي الأخيرة لليابان ذهلت من كم الانتقادات والمشاعر المعادية للولايات المتحدة سواء في المناقشات العادية، أو في البرامج الحوارية بالتلفزيون، بل إن صديقاً يابانياً قال لي إن الشخصيات المعروفة بميولها الأميركية لا يتم دعوتها للمشاركة في تلك البرامج هذه الأيام· ولكن السبب الرئيسي -في رأيي- لحملة الهجوم والشجب الحالية ضد أميركا هو انفتاح إدارة بوش على كوريا الشمالية، الذي جعل اليابانيين يستشيطون غضباً· لأنهم يعتقدون أن تقارب واشنطن مع بيونج يانج، دون حسم موضوع المختطفين اليابانيين خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي (17 مواطناً يابانيًا على الأقل)، سيجعل الأخيرة غير مهتمة فيما بعد بتقديم بيان توضح فيه ما حدث لهؤلاء المختطفين، وما انتهى إليه مصيرهم· وكانت اليابان قد سوقت لشعبها فكرة مؤداها أن سبب إرسالها مساعدات لوجستية للقوات الأميركية في أفغانستان، وقوات غير مقاتلة للعراق هو إرضاء واشنطن حتى تستمر في حماية اليابان من الصواريخ الكورية الشمالية، وكان طبيعياً- والحال هكذا- أن يشعر اليابانيون بأن واشنطن قد خذلتهم بتقاربها الأخير مع بيونج يانج· قبل الانتخابات الأميركية أذاعت محطة ''إن· إتش· كيه'' فيلماً وثائقياً عن دبلوماسيين يابانيين كانوا يسعون لعقد لقاءات مع مستشاري أوباما وماكين كي يعرفوا مواقف كل منهما -إذا ما انتخب رئيساً- تجــــاه اليابان، ونوعية المطالب التي يتوقع أن يطلبها منها· وصورت تلك الأفلام الدبلوماسيين اليابانيين وهم يقترحون على الأميركيين -في محاولة لاستباق التهميش المتوقع لبلادهم لصالح الصين- نوعية المساعدات الاقتصادية التي يمكن أن تقدمها اليابان كشريك عالمي مع الولايات المتحدة، مثل المساعدة على تخفيف حدة الفقر في العالم، والمساعدة في الملف البيئي· كان رد المشاهدين على تلك المشاهد غاضباً، وتساءل الكثيرون منهم عما يدعو اليابان في الأصل إلى التودد المبالغ فيه لأميركا، وأنه من الأفضل لها أن تهتم بنفسها، وتتوقف عن الانشغال بالكيفية التي تنظر بها أميركا إليها· لذلك فإنه في الوقت الذي قد يكون فيه العالم متحمساً لفوز أوباما بالرئاسة، فإن هناك مشاعر متضاربة تنتاب اليابانيين حول التغير الذي وعد به أوباما، والتغيير الذي يتوقعونه في موقف واشنطن من بلادهم· وعلى رغم أن القادة اليابانيين سيحاولون -وهو أمر طبيعي-التماشي مع الرئيس الجديد والكونجرس ذي الأغلبية ''الديمقراطية''، فإنهم سيواجهون وهم يقومون بذلك جمهوراً يميل بشكـــل متزايد إلى الانطواء على نفسه، ولا تزيد نسبة تأييــــده لأميركا عن نسبة التأييد التي يحصل عليهـــا جورج بوش في استطلاعات الرأي داخل وطنــــه وخارجــــه· أياكو دوي صحفي غير متفرغ وكاتب مشارك في صحيفة آسيا سوسياتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©