الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المقدم» يرفع الدرجات ويقدر الأمور بحكمته

«المقدم» يرفع الدرجات ويقدر الأمور بحكمته
29 مايو 2014 20:36
أحمد محمد (القاهرة) «المقدم» اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الذي يقدم الأشياء بترجيح إرادته ويضعها في مواضعها، يقدم المقادير كلها وكتبها في اللوح المحفوظ، يقدم في أشياء، ويؤخر عن أشياء لحكم عظيمة تخفى عنا، والتقديم والتأخير يحملان في طياتهما الحكم العظيمة. الكمال الحقيقي «المقدم» هو المنزل للأشياء منازلها، يقدم ما يشاء منها ويؤخر ما يشاء بحكمته، وقد ورد هذا الاسم في الأحاديث الثابتة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ومنها أنه كان يدعو: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت اعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير». يقول العلماء: إن من أسمائه سبحانه الحسنى ما يؤتى به مفرداً ويؤتى به مقروناً مع غيره وهو أكثر الأسماء الحسنى، فيدل ذلك على أن لله كمالاً من إفراد كل من الاسمين فأكثر، وكمالاً من اجتماعهما، ومن أسمائه ما لا يؤتى به إلا مع مقابلة الاسم الآخر لأن الكمال الحقيقي تمامه لا يؤتى به إلا مع مقابلة، وهي متعلقة بأفعاله الصادرة عن إرادته النافذة وقدرته الكاملة وحكمته الشاملة، فهو تعالى المقدم في الزمان والمكان والأوصاف الحسية، والمقدم في الفضائل والأوصاف المعنوية، والمؤخر لمن شاء في ذلك. صفات ثلاث وصفات الأفعال التي منها هذه الأسماء صادرة عن هذه الصفات الثلاث، القدرة الكاملة، والمشيئة النافذة، والحكمة الشاملة التامة، وهي كلها قائمة بالله ومتصف بها، وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم والتأخير والنفع والضر والعطاء والحرمان والخفض والرفع، لا فرق بين محسوسها ومعقولها. ومن تلك المقدم والمؤخر، فهي من الأسماء المتقابلة التي لا يذكر أحدهما إلاّ مع الآخر، والله تعالى هو المقدم الذي قدم الأحباء وعصمهم من معصيته، وقدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بدءاً وختماً، وقدم أنبياءه وأولياءه بتقريبهم وهدايتهم، أما المؤخر فهو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها، والمؤخر في حق الله تعالى الذي يؤخر المشركين والعصاة ويضرب الحجاب بينه وبينهم، ويؤخر العقوبة لهم لأنه الرؤوف الرحيم، والنبي- صلى الله عليه وسلم- غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، واسما المقدم والمؤخر لم يردا في القرآن الكريم ولكنهما من المجمع عليهما. قال الإمام السعدي، المقدم والمؤخر من أسمائه الحسنى المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد بمفرده على الله إلا مقروناً بالآخر، فإن الكمال من اجتماعهما فهو تعالى المقدم لمن شاء والمؤخر لمن شاء بحكمته، وهذا التقديم يكون كونيا كتقديم بعض المخلوقات على بعض وتأخير بعضها على بعض، وكتقديم الأسباب على مسبباتها والشروط على مشروطاتها. العمل والأخلاق وأنواع التقديم والتأخير في الخلق، والتقدير بحر لا ساحل له، ويكون شرعيا كما فضل الأنبياء على الخلق، وفضل بعضهم على بعض، وفضل بعض عباده على بعض، وقدمهم في العلم والإيمان، والعمل والأخلاق، وسائر الأوصاف، وهذان الوصفان وما أشبههما من الصفات الذاتية لكونهما قائمين بالله، التقديم والتأخير متعلق بالمخلوقات ذواتها، وأفعالها ومعانيها وأوصافها، وهي ناشئة عن إرادة الله وقدرته. قال الإمام الحليمي في «المنهاج» والمقدم هو المعطي لعوالي الرتب، والمؤخر هو الدافع عن عوالي الرتب، وقال ابن الأثير في «النهاية» المقدم هو الذي يقدم الأشياء ويضعها موضعها، فمن استحق التقديم قدمه، أما المؤخر فهو الذي يؤخر الأشياء فيضعها مواضعها، قال الخطابي كما نقله عنه البيهقي في «الأسماء والصفات»، المقدم هو المنزل الأشياء منازلها، يقدم ما شاء منها ويؤخر ما شاء، فقدم المقادير قبل أن يخلق الخلق، وقدم من أراد من أوليائه على غيرهم من عبيده، ورفع الخلق فوق بعض درجات، وقدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين وأخر من شاء، لا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم. وأكثر العلماء قالوا لا يفرق بين الاسمين وجوبا، لأن المقدم وحده، والمؤخر وحده ليس من صفات الكمال، وقال القرطبي في كتابه «الأسني في شرح أسماء الله الحسنى» لا يجوز الدعاء بأحدهما دون الآخر، وقال الحليمي، والجمع بين هذين الاسمين أحسن من التفرقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©