الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موجة تأميم النفط في أميركا اللاتينية

15 مايو 2012
"التأميم قصة قديمة في أميركا اللاتينية... إنه قديم قدم النفط نفسه تقريباً"، يقول لاري بُرنز، مدير مجلس الشؤون الأميركية اللاتينية. وعندما تختار بلدان تأميم مواردها الطبيعية، فإنه عادة ما تكون ثمة توقعات رهيبة بأن المستثمرين سيهربون والاقتصادات ستنهار. وتوضح حالات تأميم النفط الثلاث التالية أن خوف المستثمرين يمكن أن يكون قصيراً وأن المقاربة التي يتبناها البلد مهمة جداً، ولكن التأميم بالمقابل يمكن أن يعيق الابتكار ويقيد إمكانيات بلد ما بخصوص الاستثمار. ففي المكسيك، قام الرئيس "لازارو كارديناس" بتأميم قطاع النفط المكسيكي في 1938، فطرد الشركات الأميركية والأوروبية وأنشأ شركة "بتروليوس ميكسيكانوس" (بيميكس) التابعة للدولة. واليوم، مازال يعتبر هذا القرار واحداً من أكثر القرارات شعبية في المكسيك. "بيميكس" لم تكن أول شركة نفط وطنية في الأميركيتين -بل "يو. بي. إف" الأرجنتينية- ولكن العملية المكسيكية تُعتبر أول نموذج في المنطقة لعملية استيلاء كلاسيكية من قبل الدولة. ومنذ ذلك الوقت، أُغلق باب "بيميكس" بإحكام في وجه الأجانب، وفق الدستور المكسيكي. ورغم أن الشركات الأجنبية قاطعت النفط المكسيكي انتقاماً، فإن التأميم اعتُبر مع مرور الوقت نعمة للمكسيك. ومع اكتشاف حقل "كانتاريل" النفطي الضخم في السبعينيات، نمت "بيميكس" وأضحت واحدة من أكبر شركات النفط في العالم، وأخذت عائداتها تغذي خزائن المكسيك ممولةً نحو ثلث الميزانية الفيدرالية. غير أنه بعد أوج فترات إنتاجه في 2004، تباطأ إنتاج "كانتاريل" فجأة، مما أثر على القطاع بكامله، فانتقلت المكسيك من إنتاج أكثر من 3 ملايين برميل يومياً إلى أكثر من مليوني برميل بقليل. وطفت على السطح مشاكل انعدام الكفاءة، وسوء الإدارة، ومعدلات الضرائب التي تعيق قدرة الشركة التي تديرها الدولة على إعادة الاستثمار في التكنولوجيا والتنقيب. وفجأة وجدت الشركة، التي كانت تعتبر ذات يوم ترياق اعتماد المكسيك على الولايات المتحدة، نفسها تكافح من أجل البقاء. ولكن أي حديث عن "خصخصة" بيميكس كان يعتبر حتى ذلك الوقت انتحاراً سياسياً. غير أنه في السنوات الأخيرة، تحركت المكسيك، التي وجدت نفسها أمام خطر موت "بيميكس"، لتجعل الشركة أكثر جذباً للمشاركة الأجنبية خلال السنوات الأخيرة. وفي البرازيل، تم احتكار قطاع النفط في 1953 عندما أنشأ الرئيس جيتوليو فارجاس شركة "بيتروبراس"، التي تعتبر نتيجة حملة دامت سبع سنوات ورفعت خلالها شعارات وطنية مثل "النفط نفطنا". وفي 1954 بدأت العمليات وأنتجت "بيتروبراس" نحو 2 في المئة فقط من الاستهلاك النفطي الداخلي للبلاد. وبعد قرابة 60 عاماً على ذلك، تعتبر "بيتروبراس" اليوم خامس أكبر شركة طاقة في العالم ورائدة في استخراج النفط في المياه العميقة. وقد استمر احتكارها في البرازيل حتى التسعينيات، وهي فترة اجتاحت فيها الخصخصة والتجارة الحرة والسياسات الليبرالية الجديدة الأميركيتين. وفي 1997، أنهى الرئيس فيرناندو هنريك كاردوسو احتكار الدولة، فازدادت الاستثمارات والمنافسة والفعالية في وقت أُرغمت فيه الشركة على التنافس مع شركات أجنبية على تطوير حقول النفط البرازيلية، كما يقول جواو أجوستو دي كاسترو نيفيس، محلل شؤون أميركا اللاتينية في منظمة أوارسيا. وهذا الانفتاح يمكن أن ينسب إليه الفضل في اكتشاف حقول النفط "ما قبل الملح" في المياه العميقة. وعندما انتُخب لولا دا سيلفا رئيساً في 2002، خشي البعض أن يعني برنامج حزبه (حزب العمال) نهاية عقود النفط المبرمة مع شركات دولية. ولكن دا سيلفا أنشأ بدلاً من ذلك نظاماً يقضي بأن تكون كل الاستثمارات الأجنبية المستقبلية في المجالات الاستراتيجية على شكل شراكات مع "بيتروبراس"، التي ستمتلك الحصة الأكبر. ولكنه لم يقم بتعديل عقود النفط الموجودة، مثلما أنه لم يصادر الشراكات الدولية القائمة. وفي فنزويلا زاد شافيز من سيطرة الدولة على قطاع النفط، ولكنه لم يكن الشخص الذي أمم نفط فنزويلا. فقد تم تأميم شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" النفطية المملوكة للدولة عام 1976 في وقت كانت فيه بلدان كثيرة في أميركا اللاتينية تعمل على تأكيد سيادتها على مواردها الطبيعية. وقد أشيد بذلك باعتباره نصراً وطنياً؛ ولكن بحلول التسعينيات، كانت أسعار النفط قد انخفضت وكانت فنزويلا تواجه مشكلة اقتصادية كبيرة. فرغم أن البلاد تجلس على ما يقدر بـ 900 مليار إلى 1300 مليار برميل نفط في حزام "أورينوكو" النفطي، فإن فنزويلا -وعلى غرار بلدان كثيرة تقوم بالتأميم- كانت تفتقر إلى التكنولوجيا والرأسمال والخبرة لاستغلال النفط الذي تزخر به أراضيها، كما يقول "خورخي بينيون"، زميل مركز سياسات الطاقة والبيئة الدولية بجامعة تكساس. ونتيجة لذلك، بدأت البلاد تفتح قطاعها النفطي في وجه المستثمرين الأجانب. وكانت الفكرة تتمثل في جذب شركات دولية خاصة لديها الوسائل للقيام بالتنقيب والاستخراج مقابل أرباح مشتركة، كما يقول دان هيلينجرمن جامعة ويبستر. وفي انتخابات 1998، فاز "شافيز" ببرنامج انتخابي شعبوي وعد فيه باستعمال ثروة البلاد النفطية الواسعة لفائدة الفقراء. ورغم أنه انتُقد لاستعماله أموال النفط من أجل تمويل برامجه، إلا أنه لم يكن أول زعيم فنزويلي يستعمل العائدات لأهداف سياسية. وقد عبدت رئاستُه الطريق لموجة جديدة من عمليات التأميم، في وقت حذت فيه بلدان مثل بوليفيا والإيكوادور حذوه. غير أن أياً من هذه البلدان لم يغلق الباب في وجه الاستثمارات الدولية، ولكنها عمدت بالمقابل إلى زيادة مقابل الاستغلال وتغيير الاتفاقات المالية على نحو يصب في مصلحتها. ويتني يوليك - مكسيكو سيتي سارة ميلر لانا - بوسطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©