الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حياكة الثوب التقليدي تشهد على إبداع أنامل الأمهات

حياكة الثوب التقليدي تشهد على إبداع أنامل الأمهات
29 مايو 2014 20:34
خولة علي (دبي) الثوب التقليدي سمه مهمة تتميز بها الشعوب عن بعضها، وتتجلى فيها الكثير من المفاهيم المستمدة من قيم وعادات وتقاليد المجتمع، وتتنوع هذه الملبوسات التي لم يزل المجتمع محافظاً عليها، على الرغم من تطور أنواع الأقمشة والحياكة، لكن يظل سحر القديم له عشاقه وأجواؤه التي يتجلى فيها قيمة الحرفة اليدوية التي أبدع فيه النسوة قديماً، حتى بدا طقسا من طقوسهن اليومية. تلك المشاهد توارت عن الأنظار، فيما ظلت حاضرة في بعض الفعاليات والأنشطة التراثية، لتكشف للأجيال عن مهارة الحرفين، الذين برعوا في إثراء المورث الشعبي، والانطلاق في ركابه سعياً إلى تنمية وتطوير مستوى المعيشة وتلبية احتياجات الأهالي قديماً، فقد برعت الأمهات قديماً في حياكة الأقمشة، التي كانت تجلب من الهند وقت ذاك، ليقدمن ملبوسات زاهية متنوعة لها مسمياتها ومناسباتها التي ترتدى فيها. وعلى الرغم من كون بعض التصاميم قد انحسرت نظرا لحياة التمدن، إلا أن العودة للماضي لا تزال تحتفي بها الأجيال في المناسبات الشعبية وهم يعبرون عن ابتهاجهم وفرحتهم في ارتداء بعض هذه الأثواب. اجتماع النسوة هذه ما أكدته اختصاصية التراث موزة بن سيفان بقولها: كانت النسوة يمارسن حرفتهن ضمن طقس معين، حيث يجتمعن في بيت إحداهن ممن برعن في حرفة الخياطة، ويمارسن هذه الحرفة بإشرافها ومتابعتها خطوة بخطوة، عقب صلاة العصر أو قرابة المغرب، حيث يفترشن باحة المنزل ويتجاذبن أطراف الحديث، ويتناولن التمر والقهوة ولا تكف أناملهن عن شغل التطريز والحياكة، فكانت جلساتهن مثمرة ومنتجة، فكل سيدة شغوفة في عملها وحرفتها، الأمر الذي يعكس حرصها الشديد على مشاركة الأخريات هذا العمل المثمر بمنتجات غاية في الدقة والإتقان والإبداع. وتتابع: احترفت النسوة قديما، أعمال التطريز نظراً لتصاميم ثوب النسوة الموشح والمزدان بخيوط التطريز، وعادة ما يضفي التطريز اليدوي على الأزياء الشعبية الإماراتية طابعاً مميزاً، ويعكس الحس الجمالي والذوق الفريد للمرأة، وهو بمثابة إرث فني وتقني جدير بالاهتمام والتمسك به. ولفتت إلى أنه عادة ما كانت تطعم ملابس النسوة والأطفال بالتطريز سواء على الأكمام وفتحة الرقبة وأيضا على سيقان السراويل، ويتفاوت توزيع التطريز على الثوب وفقا للمناسبة، بحيث تزيد عملية التطريز على أثواب المناسبات الزفاف بشكل خاص، ومن أهم فنون التطريز التي برعت فيها النسوة قديما، نجد الخوار وهي تسمية فصيحة تعني اللين حيث يتميز هذا الصنف من التطريز بالليونة مقارنة بالأنواع الأخرى، وتطرز باليد باعتماد غرزة بسيطة وهي السلسلة وعادة ما تستخدم فيه الخيوط الفضية والذهبية، وتطريز التلي الذي يتم تشكله بخيوط الخوص والقطن بطريقة تتطلب مهارة واتقان، حيث يتم تبادل الخيوط باطراف أصابع اليد على قاعد معدنية على شكل قمعين، متلصقين تحمل وسادة أسطوانية الشكل بحيث تثبت عليها خيوط التلي، أما الزري فهو النسج بخيوط الذهب، ولنفاسة هذا المعدن وندرته استبدلت به أسلاك النحاس المطلي بالذهب، واليوم نجدها متوفرة من أسلاك النايلون الملفوفة حول خيوط القطن أو الحرير الأصفر، وهذا العمل يتطلب أيضاً دقة ومهارة عدا عن الإتقان في العمل. رسم الأثواب وذكرت أن للأقمشة مسميات مختلفة، وفقا لتشكيلات ورسوم موشحة ومطبوعة على القماش، فمنها بوتيلة والمقلم أي بخطوط طولية، وبوطيرة وهي عبارة عن رسوم لزهور مستوحاة من شكل الطير، ونجد أيضا الميزعة، وهي عبارة عن ثوب لها أكثر من قطعة، وعادة ما تكون ذات قطعتين أو قطعة واحدة وهو الثوب، وعادة ما ترتديه الفتيات بكثرة، فلم تكن عملية التطريز مقتصرة فقط في الملابس وإنما نجدها قد تسللت لتزين به المفارش والأغطية والوسائد وغيرها، خصوصا عند تجهيز غرفة العروس، فهذا العمل لا تقوم به إلا النساء وهن مجتمعات. الأمر الذي يجسد مدى تكاتف وترابط الأسر قديما وتعاونها، في مختلف المناسبات الخاصة منها والعامة، مشيرة إلى أن قيمة العمل الحرفي الذي تشجع الأمهات قديماً الفتيات على اكتساب مهارته، وتكون منتجة في بيتها، قادرة على تصريف الكثير من الأمور الحياتية. واختتمت: نشاهد غيابا ملحوظا من قبل الفتيات عن الاهتمام بالحرف النسائية القديمة والتعرف على منظومة هذه الحرف وتقنياتها، التي بتنا نراها فقط من قبل كبار السن من الحرفيات على منصة الفعاليات والأنشطة التراثية، ونحن نسعى دائما تحت مظلة بيت الحرف، أن نربط الأجيال بماضيهم ونأخذهم للتعرف على الحرف النسائية القديمة التي ارتبطت وبشكل كبير في أعمال حياكة الملابس والتطريز، التي أصبحت علامة فارقة لها بصمتها في تراث المجتمع المحلي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©