الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
31 يناير 2006

هذه القصة وقعت في النصف الأخير من القرن الثاني عشر للهجرة، وقد رويت عن حمد الحمودي ــ رحمه الله ـ وعن عبدالله العلي القرزعي، يقولون أن ابن رشيد راعي الجناح له نخل في حي الجناح، وكانت أحواله حسنة، وفي رغد من العيش مع جماعته وأصحابه·· فأدبرت الدنيا عليه ونفد ما في يده، وضاق صدره وهجره أصحابه وأصبح مهموماً ذليلاً بعد العز والسرور، وذلك من أسباب الدين، وأصبح معسراً لا يستطيع إيفاء دينه·
فأنشأ قصيدة فيها همومه وآلامه وأرسلها إلى ابنه حسن في العراق يشكو إليه حاله وأنه أسير الدين ويذكر أن النخل لو بعناه يوفي عنه ولكنه لا يضحي في بيعه يبغيه ذخراً له ومتاعا له في حياته، ويطلب من ابن صلة من المال ليوفي دينه·
فلما تمت القصيدة·· فإذا برجل من البادية نازل بجواره·· فأعطاه القصيدة يوصلها إلى ابنه حسن في العراق، وأن يأتي بالجواب·
فسار المندوب متجهاً إلى العراق·· فلما وصل سأل عنه فدل عليه فأعطاه القصيدة·· فقرأها حسن وفهم ما فيها من حال والده بأسباب الدين الذي في ذمته فقام حسن وتنكر على الرجل وأوهمه أنه خادم عند صاحب هذا القصر وأنه غائب وأنه يرعى شؤونه في غيبته، وقال للمندوب إن والدي لم يعلم عني وعن حالي، ولكنك تخبره أني فقير وليس عندي ما أرسله له، وما عندنا إلا الخبز والطعام، والحمد لله متوفر وإذا رغب ان ياتي عندنا فالله يحييه·· ثم قال حسن للمندوب: (أبي اصنع لك خبزة مثل الذي عندنا ونأكل منه، وأبيك توصلها له ولا تلمسها أو تفكها من باطنها)·
قال المندوب: (أبشر·· إني إن شاء الله أوصلها الى والدك سالمة على حالتها)·
ثم إن حسن صنع الخبزة ثم فتح جانباً منها وحشاها جنيهات ذهب·· ثم أتى بها الى الرجل يحملها بين يديه ومعه قطع من القماش·· فنظر اليها الرجل وعرف أنها خبرة ولكن لم يعلم ما في داخلها (ولكن الخبايا من الزوايا)·
فقام حسن ولف الخبزة بهذه القطع·· ثم خاط عليها·· ثم أعطاها المندوب وأجزل له العطاء من زاد للسفر طحين وتمر ودهن، وكل ما يحتاجه في سفره·· فانطلق الرجل عائداً إلى عنيزة·· فلما وصل أعطى والد حسن الصلة، وقال: إنها خبزة·
قال له: فيها الخير إن شاء الله·
قال الراوي حمد الحمودي: ان والد حسن قام وأزال عنها اللفايف، وكانت قد يبست وأتى بالحجر وكسر جانبا منها فانهال الذهاب وذلك بحضرة المندوب ·· فاندهش مما رآه·
أما الراوي الثاني عبدالله العلي القرزعي فإنه يقول: إنه لم يفتحها المندوب إلا بعد ما غادر المكان ·· فبعد هذا قام والد حسن وأوفى دينه ونامت عينه وزال همه ورجعت أموره على ما كانت عليه إلا أنه أخذ درساً واختياراً من أصحابه الذين هجروه وجفوه·· فقد بر حسن بأبيه ووصله بصلة ثمينة نفعته، وهكذا الأولاد الأبرار يبرون بآبائهم وأمهاتهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©