الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرازيل.. أوجه التقدم ونقاط التوتر

29 مايو 2014 00:19
ماك مارجوليس برازيليا هذه الأيام يتم تسليط أضواء العالم على البرازيل، ذلك لأن قرابة 600 ألف زائر على وشك زيارة الدولة الشهر القادم لحضور مباريات كأس العالم، وعليه يزداد كرم الملاك مع مفتشي الشرطة. ويقول صاحب المطعم إن دمه يتجمد في عروقه عند رؤية هؤلاء الرجال الذين يصرون على التربح من ورائه على الرغم من اتباعه القواعد، الأمر الذي يجعل عنده الرغبة في الانضمام للمظاهرات. وقد فعل العديد من البرازيليين ذلك، فالعمالة المنظمة تغلي من السخط، وعليه ينظم الكثير من المعلمين، وسائقو الحافلات وموظفو البنوك والشرطة اضرابات عديدة. فواضعو الأيدي يستولون على المباني الخاوية بينما يتجاهل قاطنو العشوائيات الأوامر بإخلاء الأحياء المخصصة لإقامة المباريات. وبين الحين والآخر يمتلئ الهواء بدخان كثيف نتيجة لقيام المحتجين الغاضبين بإشعال النار في الحافلات. فماذا حدث لهذه الدولة المشمسة التي كانت حديث الأسواق الناشئة التي تتطلع، لكي تتبوأ مكانتها على الساحة العالمية. ومن ناحية أخرى، فإن البرازيليين يشعرون بالألم لأن بلادهم قد تغيرت. فالأصول التي جعلت البرازيل محل إعجاب أميركا اللاتينية وقوة محركة آخذة في الارتفاع هي أصول حقيقية. فالدولة تنعم بديمقراطية مستقرة ومعيبة ولكنها فعالة. كما أن لديها صحافة مشاكسة في القارة وقضاتها لديهم رأي مستقل. والعام الماضي، تحدت المحكمة العليا العاملين على جذب الاستثمارات من خلال إدانة 25 شخصية من السياسيين والمصرفيين ورجال الأعمال في إطار قضية رشوة سياسية ضخمة. وقد جعلت 40 عاما من طحن سيقان قصب السكر وتحويلها إلى إيثانول من البرازيل مثالا على حرق الوقود النظيف. كما أن برنامج «بولسا فاميليا» البسيط للتحويلات النقدية، والذي يتكلف نسبة تافهة لا تتعدى نصف بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، يُعد نموذجاً للتغلب على الفقر في العالم النامي. وتمكنت البرازيل حتى من المزج بين النمو الاقتصادي وتراجع معدلات عدم المساواة، وهو أمر نادر في الأسواق الناشئة، حيث يساعد الازدهار على توسيع الفجوة في الثروة والدخل. بيد أن البرازيليين يسارعون بالإشارة إلى أن هذه المكاسب جزئية وأنها توقفت. وفي استطلاع للرأي، ذكر 68 بالمائة من البرازيليين أنهم يريدون «تغييرات جذرية» في الطريقة التي تُدار بها بلادهم. هذا النوع من عدم الرضا دفع بعشرات الآلاف إلى الشوارع العام الماضي لانتقاد كل شيء بقسوة بدءاً من الخدمات العامة غير المطابقة للمواصفات إلى البيروقراطيين الفاسدين. وبينما تثار مشاعر السخط، يكمن الخطر في أنه عادة ما يتم الخلط بين السياسات الناجحة وغيرها من السياسات المعطلة. وعلى سبيل المثال، فإن إحدى ركائز التقدم في المدن البرازيلية يتمثل في التهدئة. فمنذ عام 2008، قامت قوات الأمن في مدينة «ريو» بـ «تهدئة» 38 بالمائة من أكثر المجتمعات الحضرية الفقيرة وسيئة السمعة في «ريو دي جانيرو»، حيث قامت العصابات بوضع القواعد في هذه المناطق وأخضعت نصف مليون من سكان «ريو» تحت سطوتها. ومثلما هو الحال في «ريو» كذلك هو في سائر أنحاء البرازيل. ولذلك كانت الدولة تراقب عن كثب كيف كافحت «ريو» لاستعادة السلام. وقد ساعدت هذه «التهدئة» على خفض معدلات جرائم القتل عبر مدينة «ريو»، حيث انخفضت هذه المعدلات بداخل المدينة بنسبة 38 بالمائة في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بذات الفترة من 2008، على الرغم من ارتفاعها في الضواحي. وفي المناطق التي سادها الهدوء، هبطت جرائم القتل بنحو 26.5 بالمائة عام 2013 مقارنة بالعام الذي سبقه. وبالرغم من انتشار «التهدئة»، إلا أن رجال الشرطة أصبحوا هم أنفسهم هدفاً، حيث قتل منهم 16 فرداً رمياً بالرصاص أثناء أداء الخدمة هذا العام، ثلاثة منهم في المناطق «التي سادها الهدوء». ولكن في كثير من الأحيان يكون رجال الشرطة هم سبب المشكلة، حيث قتلت الشرطة 85 شخصاً في الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام، أكثر من ضعف عدد القتلى في الربع الأول من 2013. ويوحي الغضب الناتج عن حالات القتل هذه إلى أن جهود حماية المجتمع لن تتمكن من تحقيق المزيد من التقدم، بيد أن الحال في «ريو» كان سيصبح أكثر سوءاً لولا جهود «التهدئة»، ولا أحد يريد العودة إلى زمن العصابات التي كانت تقوم بدور البلطجي والشرطي والقاضي. وفي هذا الإطار، فإن «خوسيه ماريانو بيلترامي»، وهو أحد أفراد الشرطة الفيدرالية الذي تحول إلى مفوض السلامة العامة في ولاية «ريو»، علما منه أن ضبط الشرطة يمثل أحد التحديات التي تواجه جهود التهدئة في المدينة، قام بتثبيت معدات تتبع عبر الأقمار الصناعية في سيارات الدورية، وتثبيت كاميرات للمراقبة في مراكز الشرطة إلى جانب تطبيق برامج إدارة الأعمال لتنظيم عمل الشرطة. وقد ذكر في لقاء تلفزيوني الشهر الماضي أن هذه هي مجرد البداية، حيث إن «الشرطة هي الخطوة الأولى». وأضاف أنه لا فائدة من إرسال نخبة نموذجية من رجال الشرطة إذا كانت الخدمات العامة كالمدارس والعيادات الصحية لا تتبعها. وأشار إلى أن الأمر سيستغرق وقتا لتغيير نموذج العنف في المناطق التي ترتفع بها معدلات الجريمة في «ريو». هذه أجندة لمجتمع في سبيله للنهوض. وبينما يتقدم البرازيليون يمكنهم رؤية ما ينقصهم بوضوح. فالأرض التي تصدرت العالم في لعبة كرة القدم تريد وطنا يضاهي هذه المكانة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©