الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

داسيلفا وشافيز··· يسار بألوان الطيف!

داسيلفا وشافيز··· يسار بألوان الطيف!
18 نوفمبر 2008 01:31
في الآونة الأخيرة التقى الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ونظيره البرازيلي لويس لولا داسيلفا بإحدى المدن الأمازونية بالبرازيل ووقعا على سبع اتفاقيات للتعاون تشمل مجالات عدة مثل الطاقة والإسكان وغيرها لتعقب ذلك مأدبة غداء جمعتهما مع الرئيس الإكوادوري، رافائيل كوريا، والرئيس البوليفي إيفو موراليس· وبالطبع لم يفوت اليساريون الأربعة فرصة اجتماعهم للتنديد كعادتهم بالولايات المتحدة بسبب دورها هذه المرة في الأزمة المالية التي تجتاح العالم وتضرب اقتصادات دوله· لكن في الوقت الذي يحافظ فيه داسيلفا على صداقته مع زعماء اليسار في أميركا اللاتينية، يحرص أيضاً على إبقاء مسافة معقولة بينه وبينهم باعتماده سياسة مختلفة مكنته من الاستمرار في تطبيق اقتصاد السوق بالبرازيل، وتحقيق نجاح استعصى على التصنيف ليصبح القائد الحقيقي لأميركا اللاتينية والمدافع الأمين عن طبقاتها الفقيرة، وإن كان لا يحب الاستعراض والترويج لنفسه· وفي هذا الإطار يقول ''توماس تريبات''، المدير التنفيذي لمعهد دراسات أميركا اللاتينية بجامعة كولومبيا الأميركية ''يبدو أن داسيلفا اختار مقاربة براجماتية التزم فيها بالمسؤولية المالية كوسيلة لمكافحة الفقر في البرازيل، والنتائج أكثر من مرضية''· ففي المناطق الشرقية الشمالية للبرازيل التي شهدت ولادة داسيلفا يحظى بشعبية طاغية تصل حد التقديس بسبب تشابه قصته مع العديد من القصص الأخرى في هذه المنطقة الفقيرة من البلاد· فقد اضطرت عائلتـــه إلى ترك المنطقة والهجرة إلى مدينة ساو باولو على غرار باقي الفقراء بحثاً عن العمل والفرص الجيدة، وما أن حطت أسرته الرحال في المدينة الكبيرة حتى انخرط داسيلفا وهو مازال طفلاً في العمل من خلال بيع المكسرات وتلميع الأحذية لينتقل بعدها للعمل في أحد المصانع وينضم إلى الاتحاد العمالي ليتدرج في مراتبه حتى أصبح فيما بعد أحد مؤسسي حزب العمال ليصعد أخيراً إلى مركز الرئاسة في عام ·2002 وعن الرئيس البرازيلي يقول لوشيانو فييرا، أحد نشطاء العمل الاجتماعي من بلدة ''مناري'' الواقعة غرب القرية التي ولد فيها الرئيس: ''إننا نفتقده هنا في هذه المنطقة ونحتاج إليه بشدة''· ويرى العديد من المراقبين أن الازدهار الذي تعيشه المناطق البرازيلية النائية ما كان له أن يتحقق لولا وضع الرئيس داسيلفا للفقراء في صدارة أولوياته· ومع أن الشعبية الواسعة التي يحظى بها داسيلفا لا تختلف عن تلك التي يتمتع بها نظيره الفنزويلي شافيز الذي ضخ مليارات الدولارات في البرامج الاجتماعية الموجهة للفقراء، إلا أن الاختلاف بين القائدين واضح للجميع· ففيما تعيش فنزويلا، بسبب سياسات شافيز، تجاذبات سياسية طاحنة، تمكن داسيلفا بفضل سياساته الاقتصادية من إرضــاء جميع شرائح المجتمع، وليس الفقراء وحدهم، لتصل شعبيته إلى أكثر من 80% في الفترة الأخيرة· والواقع أن الكثير من المحللين يجمعون على أن الطريقة التي اعتمدها داسيلفا لمعاجلة آفة الفقر، والقائمة ليس فقط على توزيع المال على المحرومين بل تدفعهم أيضاً إلى تحمل المسؤولية، هي المعادلة الصائبة في التعامل مع مشاكل البلاد· ويوضح هذا الأسلوب ''إدواردو مورون''، الخبير الاقتصادي في وزارة المالية ببيرو قائلاً: ''إن البرازيل وحدها حققت نجاحاً في الحد من الفقر في أميركا اللاتينية، والفضل في ذلك يرجع إلى سياسة داسيلفا الاجتماعية''· وفي الوقت الذي يتفق فيه شافيز وداسيلفا على مجموعة من القضايا، إلا أن كلاً منهما اختار طريقاً مغايراً، فبينما قام شافيز منذ اعتلائه السلطة في عام 1999 بتأميم الصناعات الأساسية في البلاد، فاجأ داسيلفا الجميع بحفاظه على نموذج الاقتصاد الحر الذي اعتمده سلفه· وفيما أغدق شافيز الأموال على حلفائه السياسيين في المنطقة لضمان التأييد وحشد الدعم لمواقفه المناوئة للنفوذ الأميركي اختار داسيلفا أسلوباً أكثر دبلوماسية على الصعيد الدولي وحافظ على علاقات طيبــــة مـــع القـــوى العالميـــة، بمــا في ذلــــك الولايات المتحـــدة· فقد أصبح الرئيس داسيلفا ذا صوت مؤثر في مباحثات منظمة التجارة العالمية، وأحد المدافعين عن حقوق الدول النامية والداعين إلى إلغاء الدعم الزراعي في البلدان الغنية، كما يحافظ الرئيس البرازيلي على علاقــــات ودية مع الرئيس بوش ويعتبره العديد من المسؤولين الأميركيين طرفاً أساسياً في الحوار، لاسيما بين الولايات المتحدة وفنزويلا· ويشير العديد من المراقبين إلى النفوذ الإقليمي الكبير للبرازيل بقيادة رئيسها اليساري، وإلى أنه الأوسع تأثيراً من نظيره الفنزويلي، حيث لعب دوراً أساسياً كوسيط في العديد من القضايا الإقليمية كان آخرها التدخل لإنهاء صراع أهلي كاد يندلع في بوليفيا· لكن اللافت حسب المراقبين أن اليسار المعتدل في أميركا اللاتينية هو تحديداً ما سمح لهوجو شافيز باحتكار الخطاب الصِّدامي، والنبرة العالية· سارة ميلر ليانا - البرازيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©