الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتفاقية الأمنية··· خيار وحيد للعراقيين

الاتفاقية الأمنية··· خيار وحيد للعراقيين
18 نوفمبر 2008 01:30
أقر مجلس الوزراء العراقي يوم الأحد الماضي الاتفاقية الأمنية التي بموجبها سوف تنسحب كافة القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية عام ·2011 وبذلك القرار الذي اتخذه العراقيون، يكون قد دنا أجل انسحاب القوات الأميركية من بلاد الرافدين، بعد حرب دامية استمرت لما يزيد على الخمس سنوات· غير أن الاتفاقية لا تزال في انتظار مصادقة البرلمان العراقي عليها، عبر جلسة تصويت تقرر انعقادها خلال أسبوع· وعلى حسب اعتقاد قادة كبرى الكتل البرلمانية، فإن هناك من الدعم الشيعي والكردي ما يكفي لإقرار الاتفاقية برلمانياً· وفي مجلس الوزراء، صوت 27 من جملة 28 وزيراً من الوزراء الحاضرين في الاجتماع لصالح الاتفاقية الأمنية، بينما تغيب 9 وزراء عن الاجتماع· ويعد ذلك القرار الذي اتخذ بما يشبه الاجماع الوزاري على الاتفاقية، انتصاراَ كبيراً للحزب الشيعي المسيطر على الحكومة وشركائه الأكراد· غير أنه لا يزال في مقدور المعارضة السُنية الواسعة للاتفاقية أن تعصف بها حتى وإن توفرت لها من الأصوات والدعم الشيعي الكردي لتمريرها· وفي الوقت نفسه يثير إقرار الاتفاقية تساؤلات مشروعة حول مدى حقيقة وجود إجماع وطني عليها، وهو ما يعتبره المعسكر الشيعي أمراً أساسياً· ولم تكتف الاتفاقية المقترحة التي استغرق التفاوض عليها مع واشنطن ما يقارب العام، بتحديد جدول زمني لانسحاب كافة القوات الأميركية فحسب، إنما تفرض قيوداً جديدة على العمليات القتالية للقوات الأميركية في العراق اعتباراً من الأول من شهر يناير المقبل، إلى جانب نصها على انسحاب القوات الأميركية من المناطق الحضرية والمدن بحلول الثلاثين من شهر يونيو المقبل· وتشير هذه التواريخ الصارمة المقررة إلى تنازلات كبيرة اضطرت إدارة بوش إلى تقديمها، رغم العناد الذي أبدته لفترة طويلة من الوقت في رفضها لتحديد أي جدول زمني· وفوق ذلك يحتفظ العراق بسيادة وطنية كبيرة في ما يتصل بإصدار التشريعات، التي يراها في مواجهة الجرائم الخطيرة التي ربما يرتكبها الجنود الأميركيون المرابطون في أراضيه، أثناء وجودهم خارج نطاق الخدمة والقواعد العسكرية· وأثناء التفاوض على الاتفاقية، حرصت الأحزاب الشيعية ورئيس الوزراء نوري المالكي -تحت ضغوط داخلية وخارجية معاً- على التوصل إلى اتفاقية متوازنة مع الأميركيين بمــــا يحفظ للعراق أمنـــه، إلى جانب الوقوف بحزم في وجه قوات -يعتبرها الكثيرون بما فيهم إيران- قوات معادية واصلت احتلالها للعراق منذ غزوه في صيف عام ·2003 تعليقاً على الاتفاقية المبرمة بين واشنطن وبغداد، قال ''مايكل أوهانلون -زميل متخصص في الشؤون العراقية بمؤسسة بروكنجز- إن تصويت مجلس الوزراء العراقي عليها، يشير إلى الخيار الذي اتخـــذه العراقيون لصالح بلادهــم فـــي مـــوازاة كل من واشنطن وإيران· والمؤكد أنهم نظروا في جميع الخيارات المطروحة، فلم يجدوا ما هو أفضل لأمن بلادهم وسيادتها من الاتفاقية الأمنية، في ظل تعاون لا يزال مستمراً مع القوات الأميركية، مع تحديد فترة وجود هذه القوات بأجل معلوم وجدول زمني واضح لانسحابها· وفي قرار التصويت أيضاً ما يشير إلى تطلع العراقيين للإمساك بزمام أمرهم في أقرب مدة ممكنة· ومن ناحيتهم قال المسؤولون الأميركيون إن الاتفاقية جاءت ثمرة لتفاوض قاس خاضه العراقيون· وفي حديث له قبيل أيام فحسب من توقيع مجلس الوزراء العراقي على الاتفاقية، وصف رايان كروكر -السفير الأميركي في العراق- المطلب العراقي بإجراء 100 تعديل على مسودة الاتفاقية، بأنه تضمن مطالبة ببعض التعديلات الجوهرية في المسودة، بينما كان بعضها الآخر لغوياً وأسلوبياً لا أكثر· ثم استطرد في القول: وقد نظرنا فيها جميعاً وسعينا بقدر المستطاع لأن نستجيب لمطالبهم· وهناك من الساسة الشيعة في العراق من رد توقيع مجلس الوزراء على الاتفاقية إلى موافقة المرجع الشيعي على السيستاني عليها· وكان السيستاني قد حدد منذ البداية ثلاثة شروط أساسية للتوقيع على الاتفاقية هي: السيادة العراقية الكاملة، الشفافية، ودعم الأغلبية لها· وذكر الُمشرع ضياء الدين فياض، عضو ''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، وهو أكبر الأحزاب الشيعية العراقية، أن السيستاني لم يوافق على الاتفاقية إلا بعد أن زاره في منزله يوم السبت الماضي، وفد من كبار القيادات الشيعية ليطمئنه على تلبية مسودة الاتفاقية المعدلة للشروط الثلاثة التي حددها· وأوضح الوفـــــد الزائر أن التعديــــلات التي أجريت مكنت العراقيين من الحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه، رغم عدم تحقيقها لكــل مــا طالبوا بــــه· وعلى صعيد آخر أشار عدد من المحللين السياسيين إلى أن المعارضة الإيرانية للاتفاقية قد خفت حدتها إثر انتخاب السيناتور أوباما رئيساً لأميركا· فقـــد وعد أوباما باتخاذ منحى أكثر دبلوماسية في التعامل مع طهران، إلى جانــــب تعهــــده بانسحـــاب عسكري كامل من العراق، وفق جدول زمني اقترحه خلال حملته الانتخابية، وهو جدول يعد بانسحاب أسرع مما أقرته الاتفاقية الأمنية نفسها· وعلى حد رأي كريم سادجادبور -محلل متخصص في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجي الوقفية العالمية للســـلام- ففيمــا لو كانت إدارة بوش ستستمر في سدة الحكم حتى عام ،2012 فإن المتوقع أن يكون الناس أكثر قلقاً· غير أن ذهاب الإدارة ساعد كثيراً في تخفيف الوطأة على إيران· ومن رأي بعض المسؤولين العراقيين أن ورود نص في الاتفاقية يمنع الولايات المتحدة من استخدام أراضي العراق لشن عدوان عسكري على أي من الدول المجاورة له، ساعد هو الآخر في تخفيف حدة المعارضة الإيرانية· وذكر المشرع القانوني الشيعي ''فياض'' أنهم بعثوا برسائل إلى الدولة المجاورة للعراق ليبلغوها أن الاتفاقية الأمنيـــــة التي أقروهـــا هي من صميم مصلحـــة العراقيين والعراق· هــذا ويظــــل مجهولاً مدى قوة رد فعل المعارضين المتشددين للاتفاقية، لا سيما التيار الشيعي الشديد العداء لأميركا، الذي يقوده مقتدى الصدر· واستباقاً للتصويت البرلماني المرتقب على الاتفاقية، قال بعض المتحدثين باسم هذا التيار، إن إقرار الاتفاقية برلمانياً يتطلب الحصول على دعم ثلثي الأعضاء، بينما يرى مؤيدو الاتفاقية أن أغلبية عادية تكفي لإقرارها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©