الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: السلام أصل العلاقة بين البشر .. والحرب أمر عارض

علماء: السلام أصل العلاقة بين البشر .. والحرب أمر عارض
16 يناير 2014 22:11
أحمد مراد (القاهرة) - جاء الإسلام الحنيف بمنهج متكامل للتعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين، حيث يعلي الدين الحنيف من قيم السلام، ويحث عليها لتنعم البشرية بالأمن والأمان، وقد جاء لفظ «السلام» ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من 140 مرة، بينما لم يرد لفظ الحرب ومشتقاتها في القرآن الكريم إلا في ست آيات فقط. وأكد علماء الأزهر أن السلام هو اسم من أسماء الله تعالى والإسلام يجعل السلام منهج حياة، مؤكدين أن أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي علاقة سلم وأمان، وأن الحرب والقتال أمر طارئ عارض لا يلجأ إليه إلا للدفاع عن المسلمين حينما يكون هناك اعتداء عليهم. ويقول الدكتور عبد الباسط هيكل الأستاذ بجامعة الأزهر إن الإسلام الحنيف يعلي قيمة السلام إلى أقصى درجة. كما أن تحيته هي «السلام عليكم»، والدين الحنيف يدعو إلى السلام بين المسلمين، وبين المسلمين وغيرهم من أتباع الأديان الأخرى، وفي نفس الوقت يتخاصم الإسلام مع كل رسالة عنف أو رسالة قتل أو اضطهاد أو كراهية. التسامح والمحبة ويوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أساء إليه أهل مكة، وعذبوا أصحابه وأتباعه قابل كل ذلك بالتسامح والمحبة، وظل يدعو إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وعندما أصبح في موضع القوة عند فتح مكة تسامح مع من عذبوا أصحابه وأتباعه، واختار طريق السلام معهم، مشيرا إلى أن السلام لا يتحقق إلا بالقانون، والقانون وحده يحمي السلام، ولهذا وضع النبي صلى الله عليه وسلم عند هجرته إلى المدينة المنورة وثيقة للتعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين من أهل المدينة، وحكمت هذه الوثيقة العلاقة بين جميع الأطراف، وأكدت أنه لا يمكن التعايش في سلام إلا بشرط قبول الآخر مع الاختلاف معه، فقد نختلف مع الآخر ولكن هذا لا يمنع من قبول هذا الآخر والتعايش معه بشكل سلمي، في ظل منظومة متكاملة وضعها الإسلام الحنيف للحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمعات الإسلامية. ويضيف: وفي سبيل نشر قيم السلام والأمان في شتى أنحاء العالم، جعل الإسلام الحرب استثناء لا قاعدة، هدفها الدفاع عن الدولة الإسلامية وصون سلامها وأمنها، وعبر تاريخ الدعوة الإسلامية لم يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم أي معركة من المعارك أو الغزوات التي خاضها، وإنما كانت مجرد رد لاعتداءات المشركين على المسلمين. الأخذ بالأسباب ويرى أن السلام في الإسلام لا يعني الاستسلام، حيث دعا الإسلام إلى أن يكون المسلم قويا، وأن يأخذ بالأسباب ليكون للمسلمين مجتمع قوي قادر على الدفاع عن نفسه ورد العدوان عليه، فإذا كتبت الحرب على المسلمين فلا بأس، وهم أهل لها ما داموا يدافعون عن أوطانهم ودينهم وأموالهم وأعراضهم، أما إن طلب الأعداء السلام، فالإسلام يأمرنا بأن نمد أيدينا بالسلام تصديقاً لقول الله تعالى: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم». وتقول د. إلهام شاهين ـ أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات العربية والإسلامية بالأزهر ـ: إذا تتبعنا آيات القرآن الكريم، فسنجد أن الآيات التي ورد فيها لفظ السلم ومشتقاته جاءت فيما يزيد على مئة وأربعين آية، في حين لم يرد لفظ الحرب ومشتقاته في القرآن الكريم إلا في ست آيات فقط. وتقول: ويضاف إلى ذلك كله أن السلام هو اسم من أسماء الله تعالى، وأركان الإسلام الخمسة كلها تجعل من السلام منهج حياة، فالصلاة عبادة يسلم فيها كل المخلوقات من المسلم، فلا يؤذي خلالها أحداً، ويختمها بلفظ السلام عليكم، والزكاة هي من الأعمال الداعمة لنشر السلام في المجتمع من دعم للحب والمودة، وتعزيز روابط الألفة، ونفس الشيء ينسحب على الصيام الذي يعمل على كبح جماح الشهوات والنوازع التي تهدد سلامة الأمة من خلال الإحساس بالمحتاجين ووجوب مساعدتهم، وفي الحج كل شيء يسلم من المسلم، الشجر والحجر والإنسان والحيوان والنبات والجماد، فالحاج مأمور بأن يحسن ويتحمل الأذى والإساءة ولا يرد عليها حتى يكون حجه مقبولا. أمر طارئ وتؤكد أن أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم علاقة سلم وأمان، وأن الحرب والقتال أمر طارئ لا يلجأ إليه إلا للدفاع عن المسلمين حينما يكون هناك اعتداء عليهم، أوإيذاء أوظلم لهم أوفتنة عن دينهم بل إن المسلمين مأمورون بأن يعاملوا مخالفيهم بالحسنى وأن يقوموا بالعدل، والدليل على ذلك أن المسلمين لا يحاربون إلا من حاربهم، فهم لم يحاربوا الحبشة لأن الحبشة لم تعلن عليهم الحرب، ولم تعتد عليهم أوتبدأ عليهم بعدوان. بل بالعكس كان للحبشة وملكها موقف إنساني عظيم من المسلمين عندما هاجروا إليها، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الحبشة وسماها بلاد صدق، ومدح ملكها، وقال صلى الله عليه وسلم عن ملك الحبشة: «إن بأرض الحبشة ملكا لايظلم عنده أحد»، وحافظ الرسول صلى الله عليه وسلم على علاقة حسن الجوار معهم، وأوصى المسلمين بذلك، وقال «اتركوا الأحباش ما تركوكم». وتؤكد د. إلهام أن الحرب في الإسلام مشروعة في حالات خاصة منها الدفاع عن النفس، وعن المظلومين، وعن حرية نشر العقيدة. معانٍ كثيرة أشار الدكتور محمد السعدي الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أن السلام لفظ يدل على معانٍ كثيرة منها التحية، فالتحية سلام، والجنة دار السلام، وتحية الملائكة لأهل الجنة السلام، قال تعالى: «وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ» «الرعد 23، 24»، ويأتي السلام بمعنى الأمن ضد الحرب، كما يأتي السلام بمعنى السلامة والأمان. ويؤكد أن الإسلام حرص على إرساء دعائم السلام في المجتمع الإنساني، وأن أقوى دعائم التعايش السلمي التراحم بين الناس، فالله هو الرحمن الرحيم، والسلام اسم من أسماء الله الحسنى، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين والرحمة تقتضي إشاعة الطمأنينة والسلام في المجتمع، وفي سبيل تحقيق ذلك حثَّ الإسلام على مكارم الأخلاق التي تصلح المجتمع، وحرَّم وأغلق كل الذرائع التي من شأنها زعزعة السلام المجتمعي، مثل التشاحن والتخاصم والتقاطع، وعمل على نبذ أسباب الفراق والخصام، ومن مكارم الأخلاق التي أرشد إليها الإسلام الحث على تحقيق الأخوة في المجتمع، لقوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» «الحجرات 10»، وحرص الإسلام على بذر الألفة والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©