فرضت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي غرامة قياسية على الشركات المسيطرة على سوق زجاج السيارات الأوروبي بقيمة اجمالية 1,4 مليار يورو بعد إدانتها بتهمة تثبيت الأسعار طوال فترة خمس سنوات·
ويذكر أن اثنتين من الشركات التي وردت أسماؤها في القائمة كانت قد تورطت في ممارسات احتكارية في السابق، وتأتي هذه الخطوة بعد أسبوع من مداهمة المحققين وقوات الشرطة لمقار العديد من كبريات الشركات المنتجة للاسمنت في أوروبا على خلفية تهم بممارسة أنشطة احتكارية غير مشروعة مما زاد من حدة الضغوط التي يرزح تحتها قطاع يناضل أصلاً في مواجهة التباطؤ في أعمال البناء والتشييد·
وذكر الخبراء في مجال مكافحة الاحتكارات أن مثل هذه الطفرة في ممارسات تثبيت الأسعار ظلت تثير التساؤلات بشأن مدى إمكانية أن تصبح القوانين الأوروبية أكثر فعالية بدون فرض أحكام بالسجن على خلاف ما يحدث بشكل روتيني في الولايات المتحدة·
وكان المشرعون الأميركيون قد قرروا قبل عقد من الزمان فرض أحكام بالسجن على الأشخاص المنتهكين لقوانين الاحتكار كأفضل وسيلة لمنع إنشاء الاحتكارات إلا أن المفوضية الأوروبية ليس لديها سلطة محاكمة القضايا الجنائية ولكن باستطاعتها فرض الغرامات مباشرة من دون حاجة مسبقة إلى موافقة القضاة·
ولكن نيلي كرويس مفوض التنافسية في الاتحاد الأوروبي أصرت من جانبها على أن الغرامات الباهظة تعتبر كافية لردع التنفيذيين في الشركات من تثبيت الأسعار، وفرضت أكبر هذه الغرامات بقيمة 896 مليون يورو (أو 1,1 مليار دولار) على شركة سانت جوبين الفرنسية المصنعة للزجاج لأن لديها سابقة في ممارسات تثبيت الأسعار بينما أوقعت غرامة بشركة بيلكينجتون التي لديها سابقة أيضاً وهي الفرع البريطاني لمجموعة نيبون شيت جلاس اليابانية بلغت قيمتها 370 مليون يورو·
وكانت كل من الشركتين قد فرضت عليها غرامة في العام الماضي بتهمة تثبيت أسعار الزجاج المسطح الخاص بالمباني والمنازل، علماً بأن شركة سانت جوبيان قد فرضت عليها غرامتان في حقبة الثمانينات بدعوة انشاء احتكارات للزجاج في إيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورج وعلى الرغم من أن الغرامة الموقعة على سانت جوبين تعتبر باهظة إلا أنها ليس من المرجح أن تؤدي إلى تعثر الشركة التي حققت دخلاً صافياً بلغ 2,1 مليار يورو في عام 2007 ومبيعات بقيمة 43,4 مليار يورو·
وذكرت صوفي شيفالون المتحدثة الرسمية باسم شركة سانت جوبين: إن الموظفين الذين تورطوا في عملية الاحتكار قد تم عزلهم عن مناصبهم، ولكنها لم تشر إلى إمكانية أن يواجهوا المزيد من العقوبات الإدارية أو القانونية·
واصدرت الشركة بياناً وصفت الغرامة بأنها: ''مفرطة وجائرة ولا تتناسب مع الجرم'' ومضت الشركة تشير إلى أنها تخطط لاستئناف القرار في محاكم الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج·
أما الشركات الأخرى المتورطة في الاحتكار فهي شركة اساهي اليابانية التي فرضت عليها غرامة بقيمة 113,5 مليون يورو وشركة سوليفر البلجيكية التي أوقعت بها غرامة بلغت 4,4 مليون يورو·
وكانت الأضواء قد تسلطت على احتكار زجاج السيارات بناءً على معلومات من مصدر مجهول بعد أن درج التنفيذيون على الاجتماع في بعض المطارات والفنادق في مدن فرانكفورت وباريس وبروكسل لمناقشة العقود التجارية مع مصنعي السيارات وإمكانية تخصيص إمدادات اضافية من الزجاج لموديلات السيارات الجديدة كما تقول نيلي كرويس مفوضة التنافسية·
ويعتبر اجمالي العقوبة الغرامة الأكبر من نوعها ضد احتكار لوحده في تاريخ الاتحاد الأوروبي متجاوزاً تلك الغرامة التي أوقعت بالشركات المصنعة للمصاعد في العام الماضي بقيمة 992 مليون يورو·
وعلى الرغم من ذلك أشار الخبراء إلى أن الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي عبر زيادة قيمة الغرامات على كبار التنفيذيين فقط إنما تكشف محدودية قدرات إنفاذ القوانين الأوروبية في هذا المجال·
عن ''وول ستريت جورنال''
عدد اليوم
