السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة المالية···اختبار لرئيس الاحتياطي الفيدرالي

الأزمة المالية···اختبار لرئيس الاحتياطي الفيدرالي
17 نوفمبر 2008 03:25
خلال المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في يناير ،2000 كان الأستاذ القدير''بن بيرنانكي'' بجامعة برينستون منهمكاً في تفسير أسباب اهتمامه وإعجابه بـ''الاقتصاد الكلي''، وقال إن ما يجعل مجال اختصاصه مثيراً للاهتمام هي ''الأحداث الدرامية الشديدة''، التي يغطيها مثل التضخم الشديد وفترات الركود والأزمات الاقتصادية· وفي إحدى المقابلات، قال البروفيسور ''بن بيرنانكي'' لزميله الخبير الاقتصادي ''بريان سنودون'': ''كنت دائماً مهتما بهذا الجانب الدرامي''· وعليه، فإذا كانت الأزمات الاقتصادية تعجبه حقاً، فلا بد أن رئيس ''الاحتياطي الفيدرالي'' أمامه فرصة ذهبية اليوم· فالاقتصاد العالمي يوجد اليوم وسط أخطر أزمة مالية منذ ''الكساد الكبير'' حين انهارت الأسواق وهبطت الأسعار وأفلست البنوك واختفت الوظائف· وقد ترددت أصداء هذه الفترة في واشنطن نهاية الأسبوع الأخير حين اجتمع قادة الاقتصاديات الأولى في العالم في قمة اشتركت في أوجه شبه عديدة مع ''بريتون وودز''، المؤتمر الذي عقد في 1944 بهدف إصلاح اقتصاد عالمي خرج لتوه من فترة ركود وحرب· وعليه، فيبدو من المناسب وجود بيرنانكي - الخبير الكبير في اقتصاديات عقد الثلاثينيات- على رأس ''الاحتياطي الفيدرالي'' في عصر آخر يعرف الحرب والأخطار المالية· فقد كرس ''بيرنانكي''، الذي بدأت ولايته كرئيس للاحتياطي الفيدرالي في فبراير 2006 وتستمر حتى العام الأول من إدارة أوباما المقبلة، سنوات من البحث لتفسير كيف أن الأخطاء السياسية والخوف في الأسواق المالية حوَّل أزمة 1929 إلى كارثة عالمية كبرى· وبالتالي، فإذا كان ثمة شخص قادر على الإبحار بنا بعيداً عن هذا الخطر، فهو ''بيرنانكي''، أليس كذلك؟ فاليوم، وضع التاريخ هذا ''المهتم'' بالركود العظيم تحت الاختبار· قبل 14 عاماً تقريبا، جلستُ حين كنت طالباً في الثالثة والعشرين داخل قاعة روبرتسون بجامعة برينستون أكافح من أجل متابعة وفهم محاضرة بيرنانكي في الاقتصاد الكلي· لم يكن حينها قد أصبح رئيسا لكلية الاقتصاد ولكن الرجل الذي سيعقب لاحقا آلان جرينسبان درسني على مدى فصل دراسي كامل نظريات الدورات الاقتصادية، وأسباب ارتفاع الأسعار وهبوطها، وما إن كانت الحكومة تستطيع دعم النمو الاقتصادي أو تجنب الأزمات الاقتصادية· مؤخرا، بعد أن رأيت أستاذي السابق يمثل أمام الكونجرس للإدلاء بشهادته ويؤثر في الأسواق بعد كل خطاب يلقيه، قررت أن أفتح كتابه الدراسي وأتصفح كتاباته حول ''الركود العظيم'' - كتب وخطابات ومقالات ومقابلات - للبحث عن دروس جديدة تلقي الضوء على سعيه إلى الحيلولة دون تحول الأزمة الحالية إلى ركود عظيم آخر· وأنا أقرأ ''أوراق حول الكساد الكبير''، وهي سلسلة من الأوراق الأكاديمية التي كتبها، لاحظت تركيزه الشديد على الركود كظاهرة عالمية· فرغم إغراء الحديث عن الرئيس هيربرت هوفر وانهيار السوق الأميركية في ،1929 ركّز ''بيرنانكي'' على بحث الظروف المالية والاقتصادية في عشرات البلدان - مسلطا الضوء على البؤر حيث انفجرت الأزمات البنكية عبر العالم، ومدى هبوط الأنشطة الاقتصادية، وأي البنوك المركزية اتخذت التدابير الصحيحة· وفي كتاب سنودون لعام 2002 ''حوارات حول النمو والاستقرار والتجارة، '' قال بيرنانكي: ''إن الحجج التي تركز بشكل كامل تقريبا على الولايات المتحدة تغفل جزءا مهماً من الموضوع''· واليوم وبينما تمتد الأزمة الحالية إلى الاقتصاد العالمي - مع دخول أوروبا والولايات المتحدة فترات ركود، وإطلاق الصين لحزمة حوافز اقتصادية، ضخمة، وترنح البلدان النامية مع تقلص رؤوس الأموال - نسق بيرنانكي مع بلدان أخرى بشأن خفض معدلات الفائدة ورفع الإقراض إلى البنوك المركزية للبرازيل والمكسيك وسنغافورة وكوريا الجنوبية إلى 120 مليار دولار · كما شدد ''بيرنانكي'' أيضاً على أن قرارات البنوك المركزية كانت حاسمة خلال أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات- وبخاصة في الولايات المتحدة· ففي ورقة بعنوان ''الانكماش والتقلص النقدي في الكساد الكبير''، انتقد بيرنانكي بوضوح الاحتياطي الفيدرالي، وخلص إلى أن التدابير التي اتخذها''الاحتياطي''، ساهمت بفعالية في زعزعة الاستقرار'' خلال المراحل الأولى من الأزمة· وفي مقال بمجلة ''فورين بوليسي'' عام 2000 يشرح بيرنانكي قائلاً إن صناع السياسة ''برفعهم معدلات الفائدة'' بعد أزمة ،1929 ''ساهموا في ارتفاع معدلات البطالة وتسببوا في انكماش كبير في الأسعار'' - ما يمثل تبايناً كبيراً مع الخطوات التي اتخذها الاحتياطي'' تحت رئاسته هذا العام، حيث خفض معدل الفائدة إلى أدنى مستوياتها منذ بداية هذا العقد· وأخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن بيرنانكي يؤمن كثيراً بدروس التاريخ إذ يقول: ''بالنسبة للأشخاص الذين يشككون في وجود علاقة قوية بين اقتصاد الثلاثينيات واقتصاد القرن الحادي والعشرين، ما عليهم سوى النظر في العناوين الاقتصادية الحالية - حول ارتفاع البطالة وإفلاس البنوك وتقلبات الأسواق المالية وأزمات العملة وحتى الانكماش· إن المشكلات التي أثارتها أزمة 1929 ودروسها مازالت تنطبق على واقع الحال اليوم''· كتب بيرنانكي هذه الكلمات في ،2000 أي قبل أزمة اليوم بوقت طويل، غير أنه حتى أثناء أزمة الأسواق الحالية، حين وقف بيرنانكي إلى جانب وزير الخزينة هنري بولسون، ورئيسة شركة تأمين الودائع الفيدرالية ''شيلا بير'' في الرابع عشر من أكتوبر، لدى إعلان الإدارة عن ضخ مئات المليارات من الدولارات في النظام البنكي، فإن رئيس الاحتياطي الفيدرالي أبى إلا أن يشير مجدداً إلى التاريخ حين قال: ''إن الاميركيين يستطيعون أن يكونوا متأكدين من أن كل الجهود ستبذل وكل الموارد ستُستعمل: الفهم التاريخي، والخبرة التقنية، والتحليل الاقتصادي، والزعامة السياسية''· (لاحظوا معي الترتيب: ···التاريخ أولا)· من أجلنا جميعاً، آمل أن يكون أستاذي السابق قد استخلص الدروس الصحيحة والمناسبة من الكساد الكبير، ويستطيع تمييز أي منها يصلح لليوم وأي منها لا يصلح· وإذا اجتاز الاختبار بنجاح، فالأكيد أن التاريخ سيكافئه بسخاء· أما إذا لم يفعل، فأعتقد أنه سيكون من الصعب أن تتاح للبلاد فرصة جديدة للتعلم· كارلوس لوزادا محرر شؤون الأمن القومي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©