الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}

{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ}
30 سبتمبر 2016 00:28
تعيش أمتنا الإسلامية في هذه الأيام أعظم الذكريات النبوية المجيدة، التي كان لها أبلغ الأثر في تغيير مجرى التاريخ، وهداية الإنسانية إلى الخير، واندحار قوى الشر والجاهلية، وانتصار كلمة الحق. إنها ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، هجرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهجرة أصحابه، رضي الله عنهم أجمعين، الذين لبّوا نداء الإيمان، فخرجوا من ديارهم وضحّوا بأموالهم، لا يحملون بين جوانحهم إلا الإيمان بالله ورسوله، وما قصة صهيب، رضي الله عنه، عنا ببعيد؟! وقد ذكر الشيخ الصابوني في كتابه (صفوة التفاسير) في تفسير الآية السابقة: [{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ} أي إن لا تنصروا رسوله فإن الله ناصره وحافظه، وجواب الشرط محذوف تقديره: فسينصره الله، دل عليه قوله {فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ} والمعنى: إن لم تنصروه أنتم فسينصره الله الذي نصره حين كان ثاني اثنين، حيث لم يكن معه أنصار ولا أعوان {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} أي حين خروجه من مكة مهاجراً إلى المدينة، وأسند إخراجه إلى الكفار لأنهم ألجؤوه إلى الخروج وتآمروا على قتله حتى اضطُر إلى الهجرة {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أي أحد اثنين لا ثالث لهما هو أبو بكر الصديق {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} أي حين كان هو والصديق مختبئين في النقب في جبل ثور {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} أي حين يقول لصاحبه وهو أبوبكر الصديق تطميناً وتطييباً: لا تخف فالله معنا بالمعونة والنصر، روى الطبري عن أنس أن أبا بكر، رضي الله عنه، قال «بينا أنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الغار، وأقدام المشركين فوق رؤوسنا، فقلت يا رسول الله: لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا، فقال يا أبا بكر: ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟»، وكان سبب حزن أبي بكر خوفه على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنهاه الرسول تسكيناً لقلبه {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي أنزل الله السكون والطمأنينة على رسوله {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} أي قوّاه بجنود من عنده من الملائكة يحرسونه في الغار. بناء المسجد لقد كان أول عمل قام به النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد أن استقر به المقام في المدينة المنورة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، أنه أمر ببناء مسجد حيث بركت ناقته، وفي مدة وجيزة والحمد لله تم بناء المسجد، المسجد الأول في المدينة المنورة، الذي كان من أهم المساجد في تاريخ الدنيا كلها، حيث أُسست فيه خير أمة أخرجت للناس، فكان هذا المسجد بيتاً للعبادة والصلاة، ومدرسة للتوجيه والإرشاد، ومكاناً لعقد المعاهدات واستقبال الوفود ومجلساً للشورى، ومحكمة للقضاء، ومنه انطلقت جحافل الإيمان، تنشر الحق والعدل والفضيلة في الآفاق، وتقيم أسس الحضارة والمدنية في كل مكان. وقد أمر الله، سبحانه وتعالى، ببنائها وعمارتها وتطهيرها، وجعل الخير الجزيل لمن يبنيها، ووعده على ذلك بجنة عرضها السماوات والأرض، لقوله، صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا قَدْرَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) أخرجه الطبراني وابن حبان، وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، أَوْ وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَكْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) أخرجه ابن ماجة. خيمة أم معبد ذكرت كتب السيرة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه قد خرجا من الغار، بعد أن مكثا فيه ثلاثة أيام، ثم استأنفا سيرهما إلى المدينة المنورة، وأدركهما عطش شديد، فمرّا بخيمة عندها امرأة يقال لها أُمّ معبد، فسألها صلى الله عليه وسلم: هل عندها شيءٌ من زاد أو ماء؟ فقالت: والله لو كان عندي شيءٌ ما أعوزناكم للسؤال، وإن الشاءَ في المرعى، فنظر إلى شاة في كِسْر البيت، فقال: ما هذه الشاة يا أمَّ معبد؟ قالت: شاة خلّفها الجَهْد عن المرعى، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أَجْهَد من ذلك، قال: أتأذنين لي بحلبها؟ قالت: فداك أبي وأمي إن رأيتَ بها حَلْباً فاحلُبها، فمسح صلى الله عليه وسلم بيده على ضَرْعها، وسمَّى الله ودعا، فامتلأ الضرع، ودرَّ اللبن، فدعا بإناء فحلب فيه حتى ملأه، ثم سقى أم معبد وسقى أصحابه، وشرب هو حتى ارتوى، ثم حلب فيه ثانياً، وقام وارتحل عنها هو وصاحبه. وبعد لحظات عاد أبو معبد إلى بيته، فرأى اللبن، ودار بينه وبين زوجته حوار عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال أبو معبد بعد أن استمع إلى صفات النبي، صلى الله عليه وسلم، كما وصفتها زوجه: والله هذا صاحب‏? ?قريش? ?الذي ?ذكروا ?من ?أمره ?ما ?ذكروا? ?، ?لقد ?هممتُ ?أن ?أصحبه، ?ولأفعلنَّ ?إن ?وجدتُ ?إلى ?ذلك ?سبيلاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©