الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القراءة.. الفريضة الغائبة

القراءة.. الفريضة الغائبة
28 مايو 2014 22:21
يمثل الشباب في كل أمة عمودها الفقري، وقلبها النابض، ويدها القوية التي تبني وتحمي، ومخزون طاقتها المتدفق الذي يملأها حيوية ونشاطاً، وهمزة الوصل التي تربط بين الحاضر والمستقبل، فالشباب هم النواة الأساسية والركيزة المهمة في تحريك عجلة الحياة في كل المجتمعات، وضمان استمرارية وجودها وازدهارها وتقدمها، فالمجتمعات التي لا تشارك شبابها في حيثيات بنائها واستمرارية عطائها، مصيرها النسيان والذوبان. عبير زيتون - جهاد هديب يعيش الشباب في العالم العربي اليوم مجموعة من التحولات في طرق العيش، وأساليب التفكير وأنماط السلوك، يمكن توصيفها بأنها مرحلة انتقالية تنطوي على تداخل التقليدي والحديث، سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية، أو الثقافة والقيم السائدة، بفعل التأثير المتعاظم لثورة الاتصالات والمعلومات التي انعكست على مختلف الشرائح الاجتماعية، إلا أن الشباب وبحكم خصائصهم وتطلعاتهم وتأهيلهم العلمي كانوا أكثر تأثراً بهذه التحولات، وما ينجم عنها من تأثيرات سلبية أو إيجابية على حد سواء. ونظراً للدور المهم الذي تلعبه الثقافة في بناء شخصية الإنسان وتصليبها، أو تعزيز وعيها بما يجري، كان لا بد من السؤال عن العلاقة بين الشباب والثقافة. وقد تنوعت اهتمامات الشباب، واختلفت قدرتهم على التعبير عن علاقتهم بمفهوم الثقافة، ومدى ارتباطهم بها، مع اختلاف الرؤى والمبررات قد يكون بعضها مبرراً، وقد لا يكون، وإن غلب على بعضها العزوف عن القراءة والمطالعة، والوعي بدور وأهمية الثقافة في حياته، تحت أسباب شتى.. وقد ارتأينا في هذا التحقيق البدء بالشريحة الشبابية الفاعلة والمبدعة إنتاجياً، أولاً: لدحض الرأي المفرد السلبي حول عنصر الشباب، فهناك منهم من استطاع تجاوز كل المعوقات والسلبيات وآمن بنفسه وقدراته، وانطلق متسلحاً بموهبته، وثانياً: لتقديم نماذج حية وفاعلة للشباب قد تكون له قدوة في مسيرته متى شاء أن يجتهد ويتعب على نفسه. الثقافة ملاذاً نالت الكاتبة الشابة لولوة المنصوري إعجاب الكثير من المبدعين برصانة خطواتها الإبداعية الغنية بوعي معرفي رصين بالسرد، تقنية وتخييلاً، وحازت عدة جوائز أدبية أحدثها جائزة الإمارات للرواية - فئة القصة القصيرة. وهي تحمل في داخلها شكراً وامتناناً للحاضنة الأولى التي تبنتها ورعتها حتى وصلت مراتب تستحقها بعد جهد ومثابرة، أما هذه الحاضنة فهي، حسب قولها، اتحاد كتاب رأس الخيمة الذي وصفته قائلة: «هو الحضن الطموح المتفاني لاحتضان المواهب الشابة، ودعمها بكل فرح وحب، لكن هذا الحضن أيضا بحاجة إلى أذرع سخية في عطائها، ودعمها المادي والمعنوي. الذي احتضن نبضي، وسعينا معا إلى دعوة الأصل (اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في الشارقة) لحضور أمسية في اتحاد كتاب رأس الخيمة، إذن بإمكان الأصل أن يتحرك من مكانه، ويحتضن فرعه. هكذا حدث فعلاً». وأضافت لولوة المنصوري بلغتها الشعرية: «نريد من مبدعي وموهوبي رأس الخيمة أن يتعاملوا مع الثقافة بحب وتفانٍ، الكتاب لا يقرؤكم، بل أنتم تقرؤونه، وتمتثلون به فيمتثل المستقبل بكم، هكذا وجدتُ نفسي يوماً، حينما خرجت بموهبتي على استحياء وتردد، كان التمرد والتحدي بابي الأول الذي دخلت، أقود سيارتي إلى الشارقة لأتعلم كيف أكون أنا في قلمي، ولأثبت أن الظروف نحن من نتحكم بها لا هي. ملاذي الأول هي الأمسيات الثقافية، وتعلم المرونة في تقبل الطرف الآخر مهما كان قاسي الرأي، والتحرر من الأيديولوجيات والمضايقات الفكرية بكل أشكالها، والتسامي في التسامح، وسعة الكلمة التي قد تنقلنا من واقع أناني منعزل إلى انفتاح فكري أكثر شمولية وتدفقاً نحو العطاء». أسباب العزوف من جهتها، قالت فاطمة علي المعمري (ماجستير أدب ونقد، شابة واعدة في الكتابة الشعرية والنثرية، حسب رأي اتحاد الكتاب، ولها إصداران: نثري وبحثي): «في انطلاقتي دعمت من مكانيين هما: اتحاد الكتاب فرع رأس الخيمة ووزارة الثقافة، وكان لهما الفضل في إبراز موهبتي الكتابية والشعرية، والتعرف عليها، والعمل على إبرازها عبر إيمانهم بي وبموهبتي؛ فأعطوني الثقة التي أحتاج إليها في بداية مسيرتي مع الدعم المعنوي الضروري والأساسي لأي شاب أو شابة في بداية طريقه، ووفرا لي المنصة الضرورية للتواصل مع الجمهور، ومع كبار المسؤولين وكان لهما الفضل في إصدار منشوراتي وتسويقها في الإمارات». وترى أن عزوف الشباب عن المشهد سببه قلة وعي بدور وأهمية الثقافة في بناء المجتمع وتطوره، ما يستدعي تكثيف الحملات التوعوية، ونشر الوعي ضمن فئة الشباب عبر تكريس المظاهر الثقافية، والاحتفاء بها بشكل يضمن لها الاستمرارية، (فالعلم يؤتى ولا يأتي) وعلى الشباب الإيمان بأنفسهم، والجد والابتعاد عن الكسل، والاتكال على الآخر؛ فمن يؤمن بنفسه لا بد وان يجدها مع التعب والصبر والاجتهاد والتواصل مع القراءة والكتاب بكافة أشكاله». أما الشاب أحمد محمد سالم (كاتب مسرحي)، فقال: «أتواصل مع المشهد الثقافي، خاصة المسرحي منه، بدعم وإرشاد من القائمين على اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات الذي وفر لي الرعاية والنصيحة العلمية والمراجع الفكرية الأساسية، وأرى أننا، كشباب، نفتقر إلى الملتقيات الثقافية المفتوحة، كمنصة للاختلاط والتعارف، وتبادل الآراء مع مثقفينا ومبدعينا، وأطمح أن تفتح المجلات والصحف أبوابها للكتابات الشبابية؛ فهي نافذة مهمة للتواصل مع القراء قبل مرحلة نشر الكتب والإصدارات، وأكد سالم أن القراءة والمطالعة من أهم العوامل اللازمة الضرورية لتغذية أي موهبة إبداعية». عتب وأكد الشاب حمد الحمادي (خريج إعلام وعضو مؤسس في فيلا سينما، اخرج عدة أفلام روائية ووثائقية) أنه قارئ جيد، وقال: «أتابع المشهد الثقافي في رأس الخيمة، ولي عتب عليه لغياب الفعاليات الثقافية والفكرية القادرة على إدخال الحيوية في عروقه». مضيفاً أنه استطاع تنمية موهبته بالاعتماد على ذاته مع فريق فيلا سينما التي يقول عنها بأنها «البيئة الحاضنة والراعية للمواهب الشباب السينمائية رغم ضعف مواردها المالية، ومنها وصل مع الفريق إلى المهرجانات السينمائية في دبي وأبوظبي». ويحمل الشاب خليفة الحبسي (سنة ثالثة إعلام وموظف حكومي، يحب الكتابة والتصوير) في داخله عتباً كبيراً على المشهد الثقافي في رأس الخيمة، انطلاقاً من شغفه ومتابعته لآخر الإبداعات والإصدارات لكونه قارئاً نهماً - كما قال - وتابع: «إن الثقافة في رأس الخيمة مركونة على الرفوف وداخل المؤسسات فقط»، ونوّه بأهمية خلق الدافع والمحفز لدى الشباب المهموم بظروف الحياة وصعوباتها، ولفت إلى دور التلفزيون بمحطاته المحلية في تنشيط الثقافة والوعي بدورها لو اهتمت بذلك الجانب. أما الشابة خديجة راشد زويد، فلها وجهة نظر مختلفة ومثقلة بالقراءة والمطالعة، إذ ترى أن المشهد الثقافي في رأس الخيمة مثل الطفل الرضيع الذي يحتاج لوقت كي يكبر وينضج رغم توافر كل الإمكانات، ولكن يحتاج لإرادة التفعيل، والإيمان بدوره الحقيقي والفاعل في بناء المجتمع وتطوره». وتشير خديجة إلى أن نظرة المجتمع المحافظة والتقليدية ناحية الفتاة التي كانت سائدة سابقاً وتطورت الآن حرمتها من فرصة تنمية مواهبها الأدبية على صعيد الكتابة، وأعاقت تطلعاتها الثقافية والفكرية واختيار الاختصاص المناسب لها، ولكن تواصلها مع الكتاب، وإن جاء متأخرا عوض عليها هذا النقص، وجعلها تعرف أكثر اهتماماتها وميولها». الشاب حمد الأحمدي (تخرج إدارة أعمال، عضو مؤسس في فريق صقور الإمارات للتصوير) قال: «أحب التصوير منذ طفولتي، واعتمدت على نفسي، وعلى دعم والدي في تطوير موهبتي. أستعين بالإنترنت في تطويرها وصقلها، التقيت مجموعة من الشباب والبنات المحبين للتصوير وشكلنا فريق صقور الإمارات للتصوير، وبدعم من الشيخ أحمد بن صقر القاسمي رئيس مجلس إدارة نادي الإمارات للرياضة والثقافة الذي وفر لنا المقر في النادي، والدعم المعنوي واللوجستي الضروري لنا للتنقل والتفاعل مع المحيط، تطور نشاطنا إلى أن استطعنا إقامة مسابقة سنوية للتصوير الضوئي على صعيد الخليج». ويتفق معه الشاب إبراهيم ناجم جمعة الراسبي (تخرج إعلام كلية التقنية العليا رأس الخيمة يهوى إنتاج الأفلام القصيرة) في أن البيئة الثقافية في رأس الخيمة غنية، وإن كان لا يتواصل ولا يتفاعل معها بسبب دراسته وانهماكه بالإنتاج السينمائي، لا يحب القراءة ولا التواصل مع الكتاب، منذ طفولته يعتمد على النت، ومشاهدة الأفلام لتطوير موهبته وصقلها. ويعبر الشاب عبدالله عوض مبارك الجعيدي (كلية إعلام، سنة تخرج، اكتشف موهبته بالتصوير بالمصادفة عن طريق فيلا سينما) عن الرأي نفسه. لا يتفاعل مع المشهد الثقافي وإن كان يراه دون الطموح بسبب غياب الملتقيات السينمائية السنوية أسوة ببقية الإمارات، لا يقرأ ويقضي أوقاته في متابعة كرة القدم والأفلام السينمائية. المجتمع يشجع الثقافة نورا الشامسي (طالبة في جامعة زايد، تكتب القصة القصيرة بالإنجليزية، ومثابرة على قراءة الآداب بهذه اللغة، وتكتب قراءات فيها في أحد المواقع الإلكترونية التي تشجع على المطالعة، ولفتت انتباه أساتذتها بموهبتها هذه، وتقول إنها تقرأ دائماً رغم ملاحظتها أن زملاءها من الطلبة الآخرين لا يكترثون بالقراءة، وتقول نورا الشامسي، إنها قرأت هذا العام مائة كتاب خارج المقرر الأكاديمي، وإنها قامت بتسجيل عناوينها في الموقع الإلكتروني المشار إليه، وإن قابلية هذا العدد للازدياد واردة بحكم أن لديها الاستجابة للتحفيز الذي يدفع بها إلى فعل ذلك، من خلال الوسط الاجتماعي الأكاديمي الذي تحتك فيه، وفي هذا السياق، فهي تتحدث باحترام شديد عن شخصيتين يبدو أنهما تتركان تأثيراً مستمراً فيها: الدكتورة هيفاء عبد الجابر الأستاذ المساعد في جامعة زايد والآنسة مريم القبيسي الباحثة في مجال البيئة)، تقول: أعتقد أن المجتمع الإماراتي يشجع بشكل عام الكتابة والشعر، حتى أن هناك مسابقات تحمل أسماء مؤسسي الدولة من الحكام في سائر أنحاء الإمارات، وتهدف جميعا لتحفيز الجامعيين والجامعيات من أبناء الإمارات على الإبداع والقراءة، واكتساب المزيد من العلوم والمعارف. هذه المسابقات كلها نسمع بها، أو نقرأ عنها، وفي بعض الأحيان تقتحم علينا الحرم الجامعي لتؤكد حضورها. غير أن المشكلة ليست هنا، إذ إننا نواجه بعض المشكلات، والتي تتمثل في أن المسابقة تخص فئة معينة، مثل طلبة المدارس في اغلب الأحيان، أو لا نعرف عن وجود مسابقات أخرى، لأنه ما من إشارة لموقع إلكتروني معين، أو ايميلات. وفي أغلب الأحيان، تكون المسابقات التي في الجامعة ذات موضوعات صعبة من مثل موضوعات علمية، أو اقتصادية، أو هي محددة في مجال ضيق ليس بوسع جميع الطلبة في الجامعة أن يبدعوا فيه، فينافسوا على الجائزة معاً. وأريد أن أقول أيضا، إن هناك مسابقة تكون قادمة من مؤسسة حكومية مثلا، أو غير حكومية مثل مسابقة القصة القصيرة التي ينظمها مهرجان طيران الإمارات للآداب في دبي، هذه المسابقات سنوية، وحين نعرف عنها يكون موعد التسجيل فيها، وخوضها قد فات، هناك تأخير ما في وصولهم إلى الطلبة الجامعيين، حيث هم. وتؤكد شيخة الشحي (طالبة جامعية في جامعة زايد، تخصص علوم مالية ومصرفية) على أهمية القراءة، وتشير إلى ذلك « يبدأ من الضرورة، حيث ينبغي العودة إلى العديد من المراجع والكتب المهمة في مجال اختصاصي الاقتصادي، ثم يتجاوز ذلك إلى أن أقرأ الرواية، إذ غالبا لدي ما أقرأه في هذا المجال، أشارك في أنشطة ثقافية، وأخرى طلابية على صعيد الجامعة والجامعات الأخرى، كلما أتيح لي ذلك، عندما أشعر أن هناك ما يهمني ويعبر عني بطريقة أو بأخرى، بل أندفع إلى ذلك. أمارس الكتابة بالعربية، وأكتب ما أرى أنه شعر، لكن لا أطلع أحدا عليه، فأنا خجولة بطبعي، ورغم أنه ليس لدي كاتبي المفضل، إلا أنني أقرأ الروايات، وقد أقرأ للكاتب نفسه رواية أو اثنتين. أيضا أقرأ جريدة الاتحاد، الملحق اليومي الاقتصادي، لأن ذلك يدخل في صلب اختصاصي وعندما أجد الوقت الكافي أقرأ ما يتصل بالثقافة، سواء اليومي، أو عندما يصدر الملحق في بعض الأحيان. وفي الوحدة مول التقينا مبارك أحمد (طالب جامعي) فقال: أنا أتابع باستمرار برنامج شاعر المليون، وأتمنى لو أن لدي المقدرة على كتابة الشعر بالفصحى لأشارك في البرنامج، وأنا سعيد لأن الشاعر الإماراتي سيف سالم المنصوري فاز ببيرق الشعر، ولقب بـ «شاعر المليون» للموسم السادس من مسابقة الشعر 2013 – 2014، وأشكر جريدة الاتحاد، إذ أمكن لي من خلالكم تهنئة المنصوري بهذه الجائزة. لا نقرأ.. يقول مالك آل مالك (طالب إدارة أعمال، الجامعة الأميركية) الذي يهوى الشعر والسينما، ويتابع الصحف خاصة الرياضية، إنه يستقي معلوماته الضرورية من وسائل التواصل الاجتماعية، ولفت إلى أن ثقافة القراءة والتواصل مع الكتاب تحتاج إلى حملات توعية أكثر ومظاهر ثقافية تكرس وجوده؛ فطلاب الجامعات أوقاتهم ضيقة لا تسمح لهم بالتواصل مع المراكز ومعرفة فعالياتها ونشاطاتها. أما نوف محمد الطنيجي (سنة أولى هندسة صناعية جامعة أميركية)، التي تحب المسرح، فتطالع حسب وقت الفراغ المتاح لها، فتتواصل مع الأخبار عبر وسائل الاتصال الحديثة، وعندما تحتاج كتاباً تلجأ إلى المركز الثقافي في رأس الخيمة أو دبي، وهي تتواصل مع النشاط الثقافي في الجامعة، ومن خلال المكتبة العامة الغنية في الجامعة على حد وصفها. آيات هادي المنصوري، آلاء محمد زينة، مريم رياض جيار، لطيفة عباس الخياط (طالبات سنة أولى طب بشري جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية) قلن في جلسة جماعية في إحدى المولات: «لا نتواصل مع الثقافة بسبب الدراسة، وفي الجامعة هناك الكثير من الفعاليات، ولكن لا وقت لدينا للتواصل، وربما هذا يعود إلى الطفولة في مدارسنا التي كانت تأخذ حصص الرياضة والفنون لمصلحة المواد العلمية، حتى المطالعة للغاية نفسها بصراحة نادرة ونفضل عليها التواصل مع وسائل التواصل الاجتماعية، ربما هذا خطأ، ولكن هي وسيلة التسلية المتاحة لنا في أوقات العطلات». وفي الوحدة مول حيث التقيناه بادر جمال عبيد (طالب جامعي) إلى سؤالي: ثقافة، عن أي شيء تتحدث، أنا متابع للرياضة فقط، ومن مشجعي نادي العين، ولا أكترث بذلك سواء قدّم نادي العين جانباً ثقافياً، أم لم يقدم. أما عبد العزيز جمعة (رفض إعطاء أي صفة)، فقال: أعتقد أن الثقافة موجودة بفضل الدولة في كل مكان. أنظر إلى الناس هنا، حيث نرى جميعا وجوهاً مختلفة قادمة من ثقافات مختلفة، وهذا يمنح الإمارات سمة ليست موجودة في دول أخرى ذلك أن الاختلاط بين هذه الثقافات سوف ينتج ثقافة جديدة بالتأكيد، لكن لا أنا لا أقرأ، ولا أتابع أي حدث، ولا شأن لي بذلك. وأضاف: لا أقرأ أي جريدة يومية، وأحيانا أتابع قناة أبوظبي، عندما يكون هناك مسلسل تلفزيوني محلي، أو خليجي، ما يهمني هو متابعة السباقات، سواء الدراجات، أم السيارات فقط. من جهته، قال طلال حمد (طالب جامعي): أرجوك أنا لا أتدخل في هذا الأمر. اسألني عن أي شيء آخر تريدني أن أتحدث به، إن اختصاصي في الكمبيوتر، ولست مضطرا لمتابعة الثقافة في الصحف اليومية، أو القنوات الفضائية، وإن كنت أحيانا وبفضل أصدقاء لي نتابع برنامجاً للشعر الشعبي في قناة الإمارات، لكني لا أقرأ الصحف اليومية، وقد أتطلع أحيانا إلى بعض العناوين بالإنجليزية فقط. فيما قال شاب آخر رفض ذكر اسمه: أعمل في مستشفى، وليس لدي الوقت للقراءة، لكنني بحكم عملي أتعامل مع الكثير من الجنسيات من العالم يوميا، وأتاح لي ذلك أن أقوي لغتي الانجليزية وأكتسب معرفة جديدة في حقل جديد بالنسبة لي هو المصطلحات الطبية، وكل ما يتصل بالطب أحيانا. وتابع: أحياناً أقرأ جريدة الاتحاد، أقرأ العناوين، وأتابع أخبار الفن والممثلين والممثلات في ملحق «دنيا» وأقرأ الأبراج، لكن إن كتبت ذلك فلا تذكر اسمي. أما (فهد) فأجاب: لا، لست طالباً جامعياً، وأعمل مع والدي في التجارة، تجارة العقارات، وبشكل أساسي أسعى إلى حلّ مشاكل الساكنين الجدد مع المؤسسات الحكومية، مثل البلدية والاتصالات. وتابع: لا أقرأ الصحف باستثناء تلك الإعلانات التي تضعها شركة والدي في نشرات العقارات الصحفية، وهي بالمناسبة مقروءة جدا من الجميع خاصة باللغة الانجليزية، وهذا ما أنا متأكد منه. لأن للمجتمع الإماراتي اليوم طبيعة تعددية كما نراها هنا، والآن ولا بد من وجود لغة يتفاهم من خلالها الناس، ولأن اللغة العربية صعبة على الجنسيات الأخرى، فهم يفضلون الحديث بالانجليزية، وأنا كذلك. لا، لا أقرأ كتباً، وسمعت عن معرض الكتاب، ورأيت إعلانات عنه في الشوارع، وربما في التلفزيون أيضا، لكن لم أذهب إلى هناك. في حين قال حمد أحمد (طالب جامعي): تخصصي ليس قريبا من الثقافة، أدرس الصيدلة، ولا علاقة لي بكلية الآداب، وليس لدينا ما ندرسه باللغة العربية، لكن لي أصدقاء في جامعة أخرى يدرسون فيها الأدب العربي باللغة العربية، ومن خلالهم تعرفت على العديد من الكتاب، فأنا أقرأ لناصر الظاهري، وعلي أبوالريش كلما وقعت جريدة الاتحاد بين يدي. وتابع: لا أعرف إذا كان علي أبو الريش هو من أهم الروائيين المحليين، وأن له قراء على مستوى الخليج والعالم العربي، هذا يسعدني، لكنني لم أقرأ أي كتاب له من قبل. أنا لا أقرأ الكتب، أحيانا أتابع القنوات الفضائية، وأستمتع بالأفلام الأجنبية ذات القصص المعقدة، ولا أحب أفلام الرعب. وكان ختام هذه الجولة مع (عمران ....) الذي قال: لا أعرف ما الذي تعنيه بذلك، لكن لا أشعر بشيء مما تقول، ربما لأنني لا أهتم بذلك، ولم أسأل نفسي من قبل عن ذلك، ولم يسألني أحد. أعتقد أنه لا يهمك إن كنت طالباً جامعياً أم لا، يكفي أنني من الإمارات، وأعمل في التجارة وبعيد كل البعد عن الانشغالات الثقافية، إنما يُتاح لي أحيانا مشاهدة برنامج في هذه القناة، أو تلك ويتعلق بالشأن الثقافي الإماراتي، وأتابعه. رأي تربوي في محاولة لفهم أسباب تراجع القراءة لدى الشباب، قصدنا عبد العزيز عبد الله الهاجري (موجه تربوي في منطقة رأس الخيمة التعليمية) الذي علق قائلاً: «إن تراجع مكانة القراءة والاهتمام بها باعتبارها المدخل الأساسي للثقافة يعود في جزء كبير منه إلى نمطية التعامل مع مفهوم الثقافة في المدارس والجامعات التي تركز على المناهج الدراسية بشكل منفصل ومقطوع عن تنمية هواية القراءة والمطالعة، حتى أن أغلب الحصص المخصصة للرياضة والمطالعة، أو الرسم يتم تحويلها لمصلحة الحصص العلمية، خاصة في أوقات الذروة والامتحانات، الأمر الذي يؤثر على المفهوم الأساسي لدور وأهمية الثقافة في حياتنا اليومية التي باتت من الأمور الترفيهية في حياتنا السريعة، ويعزز هذا التوجه غياب مظاهر الاحتفاء بالثقافة والمواهب في المجتمع من مسرح وسينما ومعارض للكتاب، رغم مقومات رأس الخيمة الثقافية، مما يفاقم هذا الغياب، ويجعله حاداً وقاسياً في حياة الناشئة والشباب، ولا شك في أن لهذا أثره الخطير على حياتهم، خاصة مع غزو الفضائيات ووسائل التكنولوجيا، مما يجعل الأسرة بحالة قلق على مصير أبنائها وأطفالها». وفيما يتعلق بالأثر النفسي لغياب الثقافة في حياة الناشئة والشباب لفتت الأخصائية النفسية أمل جكة إلى أن «القراءة مفتاح المعرفة وطريق الرقي، وهي وسيلة لتوسيع المدارك والقدرات وغيابها يعني ضعف المستوى التحصيلي والثراء الثقافي واللغوي للشباب، مع شعور بالنقص، وعجز عن مواجهة المشاكل، وبالتالي عجز عن مواجهة الحياة، مما يخلق العزلة والانطوائية لدى الشباب، ويجعلهم فريسة سهلة للظواهر السلبية في المجتمع، وهذه الصفات لابد ستؤثر على المجتمع، وعلى قدرته على النهوض بواقعه. لذلك لابد من تفعيل دور الأسر،ة باعتبارها القدوة مع تعزيز دور المدرسة عبر تنمية الوعي بأهمية الثقافة في حياتنا، بالإضافة لدور المجتمع بمثقفيه في تكريس المظاهر الثقافية في حياة الناشئة والشباب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©