الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روجر فنتون رائد التصوير الصُحفي

روجر فنتون رائد التصوير الصُحفي
17 نوفمبر 2008 01:12
''روجر فنتون'' محام انجليزي اشتهر كأحد أوائل المصورين الفوتوغرافيين الصحفيين الذين التقطوا صورا للجنود خلال الحروب في العالم، حيث قام بمرافقة الألمان خلال حرب القرم بين عامي (1853- 1856م)، بادئا مهمته الصعبة باصطحاب مساعد وخادم، مع عربة يقطرها حصان لحمل معداته الفوتوغرافية البدائية الثقيلة آنذاك، وكانت بمثابة غرفة تحميض الصور المتنقلة، لكن ''فنتون'' لم يلتقط صورا مباشرة من ساحة المعركة لصعوبة ذلك الأمر، حيث لم تستطع كاميرات ذلك الزمان تجميد المناظر المتحركة والخاطفة، التي تدور بسرعة البرق في ساحات القتال، خاصة وأن زمن تعريض الصورة كان يستمر حينها لفترة طويلة جدا وليس مجرد ثانية كما تطورت الأمور فيما بعد، ولهذا السبب خلت صور ''فنتون'' البالغة 350 صورة بالأبيض والأسود، من مشاهد المعارك المباشرة العنيفة وأجساد القتلى (عرضت 312 صورة في معرض بلندن، لكنها لم تحقق مبيعات جيدة نظرا لانتهاء الحرب، حسبما تذكر موسوعة ويكيبيديا الحرة)، كما تضمن كتاب ''التاريخ المصور لحرب القرم/2001م'' للكاتب ''أولريك كيلير'' العديد من صور ''فنتون'' التي كانت في أفضل حالاتها محاولة طموحة لنقل ما يجري خلف خط المعركة أو في أوقات الاستعداد لها، وأبرز صوره في هذا الشأن، لقطة تبرز حشو المدافع استعدادا للمعركة، وصورة أخرى لجندي تم احضاره من الميدان لتلقي الاسعاف والعلاج، وصور للجنود خلال أوقات الاستراحة، إلا أن الطريف في تجربة ''فنتون'' هو محاولاته العديدة لتصوير البورتريه، اضافة لتصوير بيته وتصوير المتنزهات الخضراء، إلا أن أغرب صورة له، كانت عبارة عن ''طبيعة صامتة''، أبرز فيها باقة من الفاكهة، ووضع في وسطها شالا أبيض، ليؤكد التباين اللوني في صورته/اللوحة، ومجرد النظر لتلك الصورة يثير مشاعر غريبة في النفس، حيث ينظر المرء لفاكهة تم تجميدها في لقطة تعود للعام 1860م، أي قبل قرن ونصف!· أبناء الزمن الصعب ككل مصوري عصره القلائل، تؤكد ''شيرلي جلوبوك'' في كتابها ''فن التصوير الفوتوغرافي أميركا 1977م''، أن ''فنتون'' (1819-1869) سافر مع مساعده ''ماركوس سبيرلينج'' وخادمهما، في مهمة رسمية للناشر ''توماس أجنيو''، مع كمية كبيرة من المعدات ضمت خمس كاميرات (خشبية كبيرة الحجم)، والعديد من العدسات ومواد التحميض وألواح الطباعة، وجهازا لتنقية المياه من أجل استخدامه لغسيل الأفلام، بالإضافة إلى 700 من صفائح الألواح الزجاجية، وقد استخدم تقنية الألواح الرطبة لتظهير سلبياته (النيجاتيف)، ففي غرفة تحميضه المتنقلة، كان ''فنتون'' يطلي ألواحه الزجاجية بمادة لزجة تدعى محلول ''الكولوديون''، التي تقوم بتثبيت أملاح نترات الفضة الحساسة للضوء على اللوح الزجاجي، وكان يجب أن يتم حمل الألواح الحساسة بسرعة إلى الكاميرا، وهي ما تزال رطبة بعد، ليتم التقاط الصورة قبل جفاف المحلول، وكان يعاد اللوح الحساس بعد ذلك بسرعة، من الكاميرا إلى (الغرفة المظلمة/ غرفة التحميض) لتظيهر الصور على الفور· أول مصور صحفي في العالم في مثل تلك الظروف الصعبة والشاقة، سجل التاريخ ولادة أول مصور صحفي في العالم، والذي لولاه لم ينطلق شيء اسمه التصوير الصحفي الذي شغل العالم منذ ذلك الوقت حتى اليوم، ولو قدر ''لجورج فنتون'' أن يعرف مدى التطور، والسرعة والسهولة التي وصلت إليها كاميرات هذه الأيام، لكان فقد عقله أو توقف قلبه على الفور لفرط الصدمة والدهشة، ولكن يكفي ''فنتون فخرا'' أن صوره اختيرت من قبل كبار نقاد التصوير العالميين، ضمن مجموعة ''المئة صورة التي غيرت العالم''· نزهة رجالية مجيدة في كتابها ''النظر الى آلام الآخرين'' الصادر في بريطانيا عن دار ''هاميش هلتون''، تتحدث المؤلفة ''سوزان سونتاغ'' عن انتهاك الصور لخصوصية الآخرين، وإزاحتها الحقيقة، وعن جماليتها التي تأتي في غير موضعها: ''وسائل الإعلام الجديدة تلتذ بالكوارث والرعب'' ويقودها مبدأ ''إذا كان الخبر ينزف له الصدارة''، عندما شاهدنا الطائرتين تخترقان مركز التجارة العالمي وجد كثيرون منا الحدث ''غير حقيقي''، وشبّهوه بفيلم سينمائي· وفي حرب القرم قام روجر فنتون'' برسم ''نزهة رجالية مجيدة'' ،وتجنب تصوير المذابح· وفي نهاية الحرب العالمية الثانية تبع الجنود الروس توجيهات مصور من بلادهم عندما رفعوا العلم الأحمر على برلمان المانيا النازية، نعيش ثقافة التفرج، لكن هل افقدتنا هذه القدرة على أن نُصدم''؟· التصوير في الزمن الصعب عام 1861م قام المصوران الفرنسيان الأخوان ''أوجست'' و''لويس بسن''، رغم البرد وخطورة الكتل الجليدية، بتسجيل صور من قمة ''مون بلان'' في فرنسا، واحتاجا لكمية كبيرة من المعدات، حتى إنهما اصطحبا معهما 25 حمالا، أما صور الأمريكي ''ماثيو برادي'' ومساعديه للحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865م)، فإنها تسمو فوق أفضل ماسُجِّل من صور الحرب في أي وقت· وفي أواخر القرن التاسع عشر استخدم بعض المصورين، صورهم لإثارة القضايا عوضا عن تسجيل الحوادث ببساطة، أو خلق مؤثرات فنية، وأحد هؤلاء الأمريكي ''وليم إتش جاكسون'' الذي تخصص في تصوير الجانب الغربي البعيد من الولايات المتحدة، حيث ساعدت صوره عن منطقة ''يلو ستون'' في متابعة الكونجرس، لإنشاء أول حديقة وطنية عالمية· وقام مصوران أمريكيان آخران هما ''جاكوب أوجست ريس'' و''لويس و·هاين''، بالتقاط صور تعرض جوانب اجتماعية بغيضة، فقد صُدم العامة عام 1888م، عندما شاهدوا صور ''ريس'' عن الأحياء الفقيرة في مدينة نيويورك، وساعدت تلك الصور في القضاء على واحد من أسوأ أحياء المدينة· ولادة التصوير الصحفي تبلور التصوير الصحفي في منتصف القرن التاسع عشر مع أعمال ''ماثيو برادي'' ومصورين آخرين من الولايات المتحدة، فقد جذبت صور ''برادي'' عن الحرب الأهلية الأمريكية الانتباه إلى أهوال ميدان المعركة وآدمية الجنود، وكان ''برادي'' يلجأ لتظهير صوره بطريقة'' الكولوديون'' التي تحتاج كمية ضخمة من المعدات· ''اضغط الزر ونحن نقوم بالباقي''! في العام 1888م قدّم الأمريكي ''جورج إيستمان''، (صانع اللوح الجاف) آلة التصوير الصندوقية الجديدة ''كوداك''، فكانت أول آلة تصوير تُصمَّم خصيصًا للإنتاج الكمي واستخدام الهواة، حيث كانت خفيفة الوزن ورخيصة الثمن وسهلة التشغيل، وقد ألغى نظامها السهل نسبيا، حاجة المصورين للقيام بتظهير صورهم بأنفسهم، لأن ''إيستمان'' استخدم ملفًا من فيلم مغطى بالجيلاتين، يمكن أن يُسجَّل عليه مئة صورة ملفوفة، وبعد استخدام الملف بكامله، ترسل آلة التصوير وبداخلها الفيلم إلى أحد محال تظهير الأفلام وعمل الصور، ثم تعاد مزودة ببكرة فيلم جديد، لقد كان شعار كوداك: ''أنت تضغط على الزر ونحن نقوم بالباقي''! سمات التصوير الصحفي تتلخص سمات التصوير الصحفي في فئتين: مواضيع خارج سيطرة المصور الصحفي، كالأحداث المفاجئة والمباريات الرياضية والحرائق والكوارث الطبيعية، ومواضيع تحت سيطرة المصور الصحفي، ويمكنه التحكم (نسبياً) في مجرياتها بالتدخل كمخرج، مثل التحقيقات المصورة لبعض المهن للتعريف بها وبالعاملين فيها، شريطة أن لا يؤدى ذلك إلى تغيير طبيعة وحقيقة الأمر وفقدان المصداقية· والمصور الصحافي حسب توصيف د·علي محمد عثمان محجوب الأستاذ بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، في دراسة نشرها على موقع ''فوتو ماستر''، ''هو محرر صحافي يعتمد على الكاميرا في تحرير المواضيع الصحفية المختلفة وبمعزل عن توجيهات محرر النص المكتوب حرفياً ولكن وفق دراسة واضحة ومحددة· وقد يعمل المصور الصحافي لحسابه الخاص أو مصورا صحافيا موظفا لدى مؤسسة صحافية أو إعلامية، ويوفر معداته وأدواته ومواده ومواضيعه الصحافية لنفسه، ويبيع إنتاجه للجهات المعنية بصوره، كوكالات الأنباء والصحف والمجلات·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©