الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البارجيل» لوحة تراثية تعانق النجوم

«البارجيل» لوحة تراثية تعانق النجوم
29 سبتمبر 2016 21:26
خولة علي (دبي) يقف الماضي شامخاً بملامحه وتفاصيله المعمارية، في حي الفهيدي، حيث تنبثق من تلك الوحدات السكنية القديمة أحد ملامح البناء المعماري التراثي المتمثل في عنصر البارجيل، هذه الأيقونة التراثية التي تتجلى على أسطح المنازل القديمة، معانقة السماء، في رائعة معمارية فنية ووظيفية، تعبر عن مدى ما حققه الإنسان قديماً من خطوة ابتكارية للتغلب على ظروف البيئة المحلية القاسية، وعدم توافر وسائل تخفف من شدتها إلى تحقيق أجواء أكثر لطفاً. فسرعان ما يخطف منظر البارجيل الأبصار، نظراً لطريقة تصميمه واعتلائه المنازل، ما أكسبه ميزة خاصة وملامح تنفرد بها مباني البيئة المحلية عن سواها من المباني الحديثة. فالزائر لحي الفهيدي، لا يمكن إلا أن يسأل عن سر هذه التحفة المعمارية، وما تقدمه من وظيفة لسكان المنزل وقت ذاك. لا شك أن هذا المعمار التراثي البسيط الذي يعلوه تاج من الزخارف والنقوش، يقوم بمهمة تلطيف الأجواء وتبريدها، كما تقوم بها وسائل التبريد الحديثة، الأمر الذي يجعلنا نقف مشدودين إلى عبقرية البنائين الأوائل الذين استطاعوا أن يبتكروا مفهوماً جديداً من وسائل الراحة قديماً، ووسيلة مهمة أصبحت قطعة أساسية في البناء المعماري التقليدي، هذا على اختلاف خامات البنيان وطبيعتها، إلا أن هذه القطعة التراثية تبرز في صدر وواجهة البنيان، لتعطي ملمحاً مهماً لسمات البناء المعماري التقليدي الذي يعتبر البارجيل أحد أهم ملامحه. تهوية جيدة يقول المهندس خالد يوسف رئيس قسم تصميم المشاريع التراثية في إدارة التراث العمراني ببلدية دبي، إن البارجيل لعب دوراً مهماً في تشكيل الطابع المعماري العام، واستخدم بكفاءة لتوجيه الرياح اللطيفة إلى داخل الفراغات الانتفاعية للمبنى، واستخدم ملاقف الهواء في الواجهات الخارجية لتجنب عمل فتحات كبيرة فيها مع ضمان توفير تهوية جيدة داخل الفراغات. ويضيف: «عادة ما يأخذ البارجيل الشكل المنتظم «المربع» كبرج متعامد القطرين مفتوح من الجهات الأربع، وموقعه عادة أعلى الغرف الرئيسة والمجالس، وتعد مكوناته المعمارية والجمالية استكمالاً لشكل واجهات المبنى، بل أصبح يشكل رمزاً للطابع وعلامة مميزة لخط السماء التقليدي في العمارة التقليدية، وهو نوعان حسب طبيعة المبنى، النوع الثابت المبني «المسكن التقليدي»، والمؤقت الخفيف «العريش». مراحل التشييد وحول وصف مراحل تشييد البارجيل، يوضح المهندس خالد يوسف، قائلاً: «عادة ما يتم بناء البارجيل كمرحلة أخيرة من عملية بناء مكونات المنزل، ويتم بناؤه فوق فتحة في الغرفة بوضع قطع من الخشب على شكل (X)، والتي تعتبر التقسيمات الأساسية للبارجيل، ومن ثم توضع الأحجار التي تسمى السلافة، وميزتها أنها مرجانية عازلة للحرارة، وبسمك ثلاث بوصات فوق بعضها بعضاً، مع دعم هذه الحوائط، كل متر ونصف متر بأخشاب أفقية. وبعد ارتفاع مترين من قاعدة البارجيل يوضع سيخ لمنع دخول الطيور من الفتحات، وفي النهاية يتم تشطيب البارجيل بالجبس أو الكلس، ثم يوضع السقف الذي يعمل على تماسك البارجيل، بالإضافة إلى منع نزول المطر بشكل مباشر إلى الغرفة. وعادة ما يشيد البارجيل في ركن المنزل، حيث يسهل عمله، ثم تأتي مرحلة النقوش والزخارف التي كانت دائماً تعبر عن غنى وثراء أهل البيت. ومن حيث الارتفاع، عادة ما يصل إلى 15 متراً إذا كان المنزل من طابقين، ويصل ارتفاعه إلى 8 أمتار إذا كان من طابق واحد». تغيير مسار الرياح وحول مفهوم عمله، يقول خالد يوسف: «نظراً لطبيعة الوحدات المنزلية القديمة التي عادة ما تقع بطريقة متزاحمة بجانب بعضها بعضاً وكثيفة، فإن الهواء البارد يظل في مستويات عالية فوق المباني، فمهمة البارجيل هنا العمل على تغيير مسار الرياح وجلبها لداخل الوحدات المنزلية، كما أن وضع قماش رطب يساعد على تلطيف درجة الحرارة عندما تتخلله نسمات الهواء، كذلك البياض الكلسي المغطى به الحوائط القطرية وإمكاناته في تنقية الهواء من الرطوبة. واللافت في الأمر أيضاً أن وجود البراجيل من ضمن عناصر البناء المعماري، ويعبر عن الخلفية الاجتماعية لأصحاب المساكن، وما تتوافر فيه من أكثر من بارجيل، وبزخارف وتشكيلات مختلفة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©