الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«سفينة» الاقتصاد المصري تبدأ في الإبحار نحو «مرسى» الانتعاش

«سفينة» الاقتصاد المصري تبدأ في الإبحار نحو «مرسى» الانتعاش
14 مايو 2012
محمود عبد العظيم (القاهرة) - دلت نتائج الشركات المصرية خلال الربع الأول على بدء موجة من التحسن النسبي والتعافي للمراكز المالية لهذه الشركات، حيث حققت أكثر من 40% من الشركات المدرجة في البورصة أرباحاً بعد العام الماضي الصعب. ورغم أن عام 2011 شكل منحدراً خطيراً لمعظم القطاعات الاقتصادية المصرية سواء الخدمية أو الإنتاجية، مما أثر سلباً على نتائج أعمال معظم الشركات المعلنة في نهاية العام وكان من المفترض أن تلقي هذه النتائج بآثارها على أداء الشركات خلال الربع الأول، فإن النتائج جاءت عكسية وتنطوي على أرباح جيدة مما يبرهن على إمكانية حدوث موجة تعاف تستفيد منها أطراف مختلفة في السوق. استعادة النمو وحسب نتائج الأعمال، حققت عدة قطاعات اقتصادية تحسناً واستفادت من نشاط متنام خلال الأشهر الأخيرة، ظهرت بوادره في بعض البنوك وقطاعي الأغذية والمشروبات والصناعات التحويلية، بينما جاء قطاع البناء والتشييد في مقدمة القطاعات التي لا تزال تعاني تراجعاً في الأداء وحجم الأعمال مما أثر سلباً على نتائج أعمالها. وتشير البيانات الخاصة بنتائج أعمال الشركات إلى أن أكثر من 40% من الشركات المسجلة في البورصة حققت أرباحاً، بينما لم يزد عدد الشركات الخاسرة على 15% وحافظت بقية الشركات على أداء متوازن بلا أرباح أو خسارة. وتستند هذه البيانات إلى واقع الشركات في نهاية العام الماضي، حيث حققت 50 شركة من قائمة أكبر 150 شركة مصرية، من حيث حجم الأعمال أو حجم رأس المال، أرباحاً بينما لم يزد عدد الشركات الخاسرة على 10. وجاءت النتائج على ضوء تراجع معدل النمو السلبي في قطاع الصناعات التحويلية إلى 2,4% وسجل قطاع التشييد معدل النمو السلبي 0,6%. ونجحت قطاعات الاتصالات والبنوك في تدعيم موقفها خصماً من رصيد سنوات الطفرة التي حققتها في السنوات السابقة، رغم تراجع أرباح الشركات القائدة في هذه القطاعات وفي مقدمتها “المصرية للاتصالات” التي خسرت 7% من أرباحها وخسرت شركة “موبينيل” 253 مليون جنيه مقابل أرباح قدرها 1,3 مليار جنيه في العام السابق، بسبب تراجع إيرادات خدمات التجوال نتيجة تراجع السياحة. وجاء قطاع الأغذية والمشروبات في مقدمة القطاعات التي لم تتأثر بشدة التراجع الاقتصادي العام، رغم تأثر مبيعات الأغذية بارتفاع أسعارها بينما جاءت الشركات العاملة في إنتاج الأجهزة الكهربائية في مقدمة الشركات الخاسرة، بسبب تراجع الطلب المحلي على منتجاتها وكذلك تراجع قدرة هذه الشركات على التصدير لاسيما لأسواق عربية مجاورة مثل سوقي ليبيا وسوريا، وهي الأسواق التي كانت تعتمد عليها الشركات المصرية في تصريف منتجاتها من الأجهزة الكهربائية والمنزلية وعلى سبيل المثال خسرت شركة “أوليمبيك” للأجهزة الكهربائية 138 مليون جنيه خلال عام 2011 مقابل أرباح قدرها 158 مليوناً خلال العام السابق. أما قطاع التشييد والبناء فلا يزال في دائرة مغلقة حيث يعاني تراجع الأعمال وشح السيولة والخسائر المتزايدة، وتوقف النشاط وعدم الحصول على مستحقات عن أعمال سابقة مما يدفع القطاع إلى حائط مسدود، ودعا الحكومة المصرية إلى البحث عن حلول لمساندة شركات البناء والتشييد خلال المرحلة القادمة ـ سواء كانت شركات عامة أو خاصة ـ حتى لاتخرج من السوق. عودة الاستهلاك المحلي لقوته اعتبرت دوائر الأعمال نتائج الشركات عن الربع الأول من العام الحالي دليل تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، وعودة الاستهلاك المحلي إلى قوته التدريجية تمهيداً لاستعادة معدلاته الطبيعية لاسيما أن القطاعات التي حققت نتائج جيدة قطاعات ذات طبيعة جماهيرية، سواء فيما تقدمه من منتجات وخدمات أو على صعيد تأثيرها العام على بقية الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها مثل النقل والتخزين والتعبئة والتغليف. واعتبرت هذه الدوائر نتائج الأعمال المعلنة بداية دورة صعود للنشاط الاقتصادي العام بالبلاد، استناداً إلى أن الشركات الرابحة وفقا لنتائج الأعمال تتوزع على أكثر من مجال إنتاجي وخدمي، وكذلك معدلات الأرباح المحققة تشير إلى إمكانية حدوث طفرة مستقبلية في أداء هذه الشركات حيث تجاوزت معدلات النمو في أرباح بعض الشركات 50%، مما يعني أن المبيعات زادت بمعدلات تقترب من هذه النسبة وسواء كانت المبيعات قد جرى تصريفها في السوق المحلية أو تصديرها إلى الخارج، فإن دورة النشاط في هذه الشركات تعكس قدرة مستقبلية على النمو. وتوقعت الدوائر أن تستمر موجة التعافي الحالية مدفوعة برغبة العديد من الشركات في تحسين نتائج أعمالها لما لذلك من تأثير ايجابي على حركة الأسهم الخاصة بها في بورصة الأوراق المالية، لاسيما أن أسهم معظم هذه الشركات تعرضت للنزيف السعري على مدى الأشهر الماضية، ووصلت الى مستويات متدنية للغاية لا تعبر عن متانة أوضاعها المالية أو نتائجها التشغيلية. وقال خبراء اقتصاديون إن ارتفاع الحصيلة الضريبية خلال موسم الإقرارات الحالي دليل آخر على تحسن في الاقتصاد المصري، لأن نمو الحصيلة يعني أما زيادة عدد الشركات المحققة أرباحا صافية أو زيادة أرباح هي ذات الشركات الرابحة في السنوات الماضية وكلاهما مؤشر إيجابي. وتوقع الخبراء أن تأتي نتائج أعمال الربع الثاني من العام الجاري وهو الربع الذي ينتهي في 30 يونيو المقبل، لتواصل تعزيز أوضاع الشركات مما يعني تحسن مؤشرات نمو الاقتصاد العام وتعويض التباطؤ الذي حدث خلال الربعين الثالث والرابع من العام الماضي. ورغم توقعات مؤسسات دولية بأن يتعرض الاقتصاد المصري خلال العام المالي المنتهي في يونيو القادم الى ما يعرف بالنمو السلبي، أو على أقصى تقدير تحقيق نمو إيجابي لايزيد على 1% فإن نتائج الأعمال الأخيرة التي أعلنت عنها الشركات عن الفترة من أول يناير وحتى نهاية مارس الماضيين، جاءت لتعيد مؤشر النمو إلى أعلى، وتفتح الطريق أمام إمكانية تحقيق نمو ايجابي يتراوح بين 2 و3% وتعويض فترة التراجع التي شهدها النصف الأول من العام الجاري. دور محوري للتصدير ويرى الدكتور مصطفى إبراهيم، رئيس مجلس الأعمال المصري الأسترالي، أن التصدير لعب دوراً محورياً في تحسن نتائج أعمال الشركات خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث إن معظم الشركات التي حققت أرباحا جيدة في هذه الفترة هي التي تصدر جانبا من منتجاتها الى الأسواق الخارجية، ونجحت هذه الشركات في تحسين مراكزها التنافسية في الأسواق الخارجية عبر التركيز على تحسين نوعية المنتجات، وخفض الأسعار التي ساهم فيها بطريقة غير مباشرة ارتفاع سعر صرف الدولار واليورو أمام الجنيه المصري بنسبة 15% منذ اندلاع ثورة 25 يناير. ونجحت الشركات المصدرة في فتح أسواق جديدة أمام منتجاتها وهو ما حدث مع السوق الأسترالية على سبيل المثال، حيث دخلت هذه السوق شركات مصرية لأول مرة وصدرت منتجات لم تكن تدخل ضمن القائمة التقليدية للمنتجات المصرية التي كان يجري تصديرها تاريخياً للسوق الأسترالية، وبالتالي كانت النتيجة ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر وأستراليا واقتراب الميزان التجاري للتعادل بين البلدين لأول مرة. وقال مصطفى إبراهيم إن الاستهلاك المحلي لعب دوراً موازياً في دعم أداء الشركات الرابحة في الفترة الأخيرة، وبالتالي لابد من الحفاظ على هذين العاملين وهما نمو الصادرات في الخارج وارتفاع الاستهلاك في الداخل، إذا كنا راغبين في استمرار تحسن نتائج أعمال الشركات في الفترة الماضية لأن هذين العاملين يمثلان معا القوة المحفزة لزيادة الإنتاج. وعلى الجانب الآخر، قال محمد كفافي، رئيس بنك القاهرة السابق، إن تضمن نتائج أعمال الربع الأول لبنوك حققت أرباحاً دليل جديد على عودة التعافي للاقتصاد المصري، لأن البنوك ونتائج أعمالها هي المؤشر الأول على تحسن الاقتصاد فلا يمكن للبنوك أن تحقق أرباحا بينما الأنشطة الاقتصادية سواء الإنتاجية أو الخدمية والتي تمولها هذه البنوك تكون خاسرة بل العكس هو الصحيح، فالبداية هي أن تكون الأنشطة الممولة من البنوك رابحة وبالتالي ينعكس ذلك على أرباح البنوك، لأن هذه الأنشطة المقترضة من البنوك عندما تحقق أرباحا تسدد التزاماتها تجاه البنوك بانتظام ومن ثم تربح البنوك أيضاً. ويضيف أن هناك فرصة سانحة في الوقت الحالي لإعطاء دفعة منشطة لمعظم القطاعات الاقتصادية، بما يساعدها على الانطلاق في مرحلة ما بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، وتمثل نتائج أعمال الشركات بداية هذه الفرصة الأمر الذي ينبغي البناء عليه، لأن ذلك من شأنه أن يعزز النمو العام ويتيح عودة التشغيل إلى معدلاته السابقة، لأن أرباح الشركات تعني توسعات إنتاجية وبالتالي مزيداً من العمالة خاصة أن مؤشر البطالة ارتفع بعد الثورة، وبالتالي جاءت نتائج أعمال الربع الأول لتمنحنا بصيصا من الأمل في إمكانية تحسن الأوضاع سريعاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©