الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الشارقة للمسرح المدرسي» يفرج عن مكنونات الطلبة وإبداعاتهم

«الشارقة للمسرح المدرسي» يفرج عن مكنونات الطلبة وإبداعاتهم
14 مايو 2012
يعبر المسرح المدرسي عن آفاق متطلعة في الفن والثقافة، وكان أداة تعليمية، تربوية استثنائية تمنح الطالب مساحة من الحرية لإظهار مهاراته، وإمكاناته، ومواهبه الدفينة، كما تطوره على الصعيدين الاجتماعي والإنساني، ومن هذا المنطلق الهادف نظمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مهرجانا مهما للمسرح المدرسي بالتعاون مع منطقة الشارقة التعليمية، والمكتب التعليمي في المنطقة الشرقية، لتحتفي من خلاله بمستجدات الفنون المسرحية والحراك الثقافي الذي تشهده الإمارة في جميع المجالات. لأن المسرح هو عراب كل الفنون، فقد جاء مهرجان المسرح المدرسي البديع في موسمه الثاني بجملة من النشاطات والفعاليات المتنوعة، والتي تهدف في مضمونها إلى إثراء الحركة المسرحية المدرسية وتفعيل دورها الرائد كرافد مهم من روافد الثقافة والإبداع، فهو يسهم في غنى العملية التربوية ويثير الفضول المعرفي لدى التلاميذ، فيفتح أمامهم أبوابا جديدة من التعليم، التثقيف، والاطلاع، ويعرفهم على أوجه متعددة من فنون الأدب العربي والعالمي. أبواب جديدة إلى ذلك، يقول أحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة والمشرف على إدارة المهرجان «جاءت فعاليات هذا الاحتفالية الفنية والتربوية الواعدة تحقيق لتوجيهات سلطان الثقافة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة وتنفيذا لرؤاه المستنيرة في ضرورة تفعيل أنشطة المسرح المدرسي، وإعادة الاعتبار إليه كونه يسهم في غنى العملية التربوية ويثير الفضول المعرفي لدى التلاميذ، فيفتح أمامهم أبوابا جديدة من التعليم، التثقيف، والاطلاع، ويعرفهم على أوجه متعددة من فنون الأدب العربي والعالمي، كما يتعلموا من خلاله على تفاصيل الفنية والعملية لإنتاج هذا الإبداع الإنساني المتفرد». ويضيف «لا شك أن هذا المهرجان الراقي قد رمى حجرا بالمياه الراكدة، وغير مشهد المسرح المدرسي تماما على الصعيدين التربوي والفني، من خلال تنظيمه الممنهج لعدد من البرامج والفعاليات المهمة التي تعنى بهذا المجال، منها العروض المسرحية التي شاركت بها مختلف مدارس الإمارة، مع جملة من الورش التدريبية والندوات التعليمية التي تساعد في تأهيل أعضاء الهيئة التدريسية على الإلمام بأساسيات العملية الإنتاجية للفن المسرحي بكل حيثياتها التفصيلية، كما تعمل على نقل معارف وخبرات عامة استقيناها من خبراء ومسرحيون عرب من بلاد المغرب وسوريا ومصر، كلهم شاركوا بتجاربهم الهامة في حقول الإعداد المسرحي من نصوص وإخراج وإنتاج وتمثيل وخلافه، بالإضافة لتركيزنا على تدريب المدرسين والطلاب وتمكينهم من الحصول على المعلومات الكافية في مجال ما يعرف بالسينوغرافيا أو المؤثرات والملحقات الفنية المصاحبة للعمل المسرحي كالديكور، والملابس، والإضاءة، والأكسسوارات». إثراء العملية التعليمية حول دور المسرح المدرسي في التأثير على إثراء مجمل العملية التربوية في المدارس وفي كل المراحل الدراسية المختلفة، يقول بو رحيمة «يعتبر فن المسرح مؤثرا فعالا في عموم المنظومة التربوية والتعليمية، ولقد أثبت عمليا بأنه عاملا مهما وضروريا في زيادة التحصيل المعرفي وتطوير الجوانب الإبداعية للطلاب، حيث يغرس لديهم مجموعة من القيم والمبادئ السامية، ويكسبهم مهارات قيادية ونوعا من احترام الذات والثقة بالنفس، فيتعلموا من خلاله كيفية العمل بروح الفريق، وطاعة الأوامر واحترام المواعيد، كما يعزز لديهم القدرة على التعبير، وقوة الشخصية، وعدم التردد أو الخجل في تصحيح الذات، وللمسرح أيضا فضلا في تطوير المهارات المختلفة، منها فن الكتابة والتأليف والخطابة والتمثيل، وهو يساعد على الجنوح بالخيال والتنفيس عن المكنونات الذاتية والخوالج النفسية، بالإضافة إلى دوره في خلق حالة من المشاركة الوجدانية وتقوية العلاقات الاجتماعية، وتكوين الصداقات بين الأفراد والجماعات، وهو بلا شك يفتح آفاقا واسعة من الطموح المعرفي في مجالات الفنون والثقافة من شتى مصادرها العربية والعالمية، مما يمد جسورا من التواصل بين الأجيال ويخلق لغة مشتركة حوارا هادفا بين الحضارات». ويضيف «دور المسرح المدرسي كنشاط فني وثقافي وإنساني يجب ألا يختلف أو يتضارب مع فلسفة المنهاج التعليمي والتربوي في المدارس النظامية، بل أن يأتي منسجما معها وداعما لدورها، كونه رافدا معرفيا ومهاريا إضافيا له دلالاته وانعكاساته المختلفة على جوانب متعددة من شخصية الطالب، وهنا يأتي أيضا أهمية دور أولياء الأمور في تبني هذه الثقافة وتشجيع الأسر لأبنائها للانخراط في فنون المسرح المدرسي بكافة أنواعه، وعدم اعتباره نشاطا غير ضروري أو معوقا شاغلا عن التحصيل العلمي، لاسيما إن المسرح المدرسي يعد من الدعامات الأساسية التي بإمكانها تكوين شخصية المتعلم، وتثقيفها بحيث تكون منفتحة على اكتساح مختلف ميادين الحياة، وهو نافذة مهمة لاكتساب المعرفة والخبرة والتجربة». رعاية المواهب من الأمور اللافتة في مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي اهتمامه بالطلبة المشاركين في الأعمال المسرحية بمختلف مراحلهم العمرية، بحيث يتم رصد ملف كل طالب وطالبة على حدة، ممن أسهموا بعمل فني أو قام بدور ما في أي مسرحية من المسرحيات المدرسية التي عرضت خلال أيام المهرجان، ليتم التعرف على إمكانيات هذا الطالب ومعرفة تميزه الفني والابداعي، لتبني موهبته ورعايته مستقبلا كي يتطور ويتقدم أكثر في مجاله، وهذا الدراسة المتأنية لملفات الطلاب المشاركين من كل أنحاء الشارقة، لا شك إنها ستعمل على توظيف هذه الطاقات الشابة والمواهب المكتشفة بشكل ملائم وفعال، يبشر بإيجاد نواة فنية مسرحية في الدولة، ويخلق جيل صاعدا ومثقفا، قد يكون متلقيا ومؤثرا في عجلة الحراك المسرحي في السنوات المقبلة. في هذا السياق، يقول محمد النابلسي، المشرف على فعاليات المهرجان عن بعض الأعمال المسرحية المشاركة فيه «كان هناك 32 عرضا مسرحيا من مختلف مدارس الشارقة والمناطق الشرقية، جاءت معظمها بمستوى جيد ومقبول فنيا، وخاضت نصوصها بشتى القضايا والمواضيع المحلية والاجتماعية، منها على سبيل المثال مسرحية مدرسة عبدالله السالم للتعليم الأساسي، والتي ظهرت تحت عنوان» يدا بيد» للمخرج أحمد العطار، لتدور أحداثها حول مشكلة تشغيل العمال غير المصرح لهم رسميا وبشكل غير قانوني، وبعض السلبيات والعلل والسلوكيات غير السليمة في المجتمع، كما جاء عرض العمل المسرحي لمدرسة الخليج العربي للتعليم الثانوي بعنوان «الحكيم والفيل»، والتي تدين صفات الضعف والخوف والسلبية في مواجهة الظلم والخطأ، حيث قام الطلاب المشاركون من خلالها بأداء جماعي راق، ومن على منصة مسرح مركز كلباء الثقافي، قدمت مدرسة «أم الفضل بنت الحمزة» للتعليم الأساسي مسرحية «عقد الزمرد»، والتي دارت حول الصراع الأزلي بين قوى الشر والخير من خلال حكاية مستوحاة من التراث القديم، تأليف وإخراج ليلى حسن علي. استعراض التجارب من جهتها، تقول نجلاء العبدولي، مساعد المنسق العام لفعاليات المهرجان «زخر مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي في موسمه الثاني ببرامج وأنشطة كثيرة ومتنوعة، فإلى جانب تقديم العروض المسرحية اليومية، كانت هنالك عدد من الندوات والمحاضرات الفكرية والفنية التي جاءت على هامش المهرجان، ومنها مثلا تنظيمنا للطاولة المستديرة، والتي تحلق حولها عددا كبيرا من فناني الإمارات المؤثرين في القطاع الفني والذين لهم باع طويل في المجال المسرحي، مثل سميرة أحمد، وعبدالله صالح، وإبراهيم سالم وغيرهم، ليتحاوروا حول المسرح المدرسي من بداياته، ومراحل تطوره والمعوقات التي تواجهه، كما عرضوا تجاربهم الشخصية فيه، راصدين دور هذا المهرجان تحديدا في ترسيخ فنون المسرح المدرسي، مقدمين أفكارا ومقترحات ووصايا للسنوات القادمة، كما كان هنالك ندوات أخرى لمتخصصين ناقشت أدوات العمل المسرحي من تأليف وإخراج وتمثيل وإنتاج. وتشير سهير عبدالباسط، معلمة من مدرسة رابعة العدوية الابتدائية إلى إسهامها في أنشطة المهرجان، قائلة «شاركنا بعمل مسرحي بعنوان «الأمير والحكيم»، وتدور عن كيفية معالجة سمة العناد عند الأطفال، وكيفية التحكم في عملية التوجيه لرغباتهم ومطالباهم المبالغ بها أحيانا، كما تدعو المسرحية لمجموعة قيم تربوية سامية، منها الطاعة والصدق والاعتماد على النفس والتواضع مع الناس واحترام الآخرين، ولكن ضمن سياق درامي وقالب فني مدروس سلس ومبسط فيه مرح وفائدة، ولقد جاء أداء فريق العمل المكون من 22 طفلة من سن 8-10 بشكل جميل وممتع، صاحبه استعراضات غنائية راقصة بملابس ملونة، وديكورات جذابة لفتت اهتمام جميع الحضور». مسيرة المسرح الإماراتي يقول أحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة والمشرف على إدارة المهرجان «لو رجعنا إلى تاريخ المسرح في الإمارات بشكل عام لاكتشفنا إنه بدأ حركته الفنية من خلال المدارس النظامية في الدولة وبعد ظهورها في أواخر الخمسينيات من العصر الماضي، ليستمر بنشاطه مع مرور السنين ويصل لأوجه بعد منتصف السبعينيات وفي مطلع الثمانينيات، حيث كان يجري حراك ثقافي كبير في البلاد آنذاك أفرز كوكبة من الفنانين والنجوم المحليين العاملين في هذا المجال، والذين أثروا الفن المسرحي في الإمارات على مدار عقود، ثم حدث مع الأسف انقطاع في حقل المسرح المدرسي». ويوضح «كان هناك نوع من الجمود والتجاهل لهذا الفن السامي استمر لعقد ونصف من الزمن، ربما قد ترجع أسبابه لعدم وضوح في الرؤية من قبل وزارة التربية والتعليم في تلك الأيام، ليعود بعدها ويستأنف نشاطه من جديد ويستعيد بريقه الآفل في الفترة المتراوحة ما بين منتصف التسعينات وحتى العام 2005، ثم يتوقف مرة أخرى حتى هذا التاريخ».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©