ريم البريكي (دبي)
برزت العديد من الأسماء الإماراتية التي استطاعت تحقيق النجاح في عالم ريادة الأعمال من خلال تبنيها للأفكار المبتكرة، ومن بينها الدكتورة شيماء نواف الفواز، التي تعد إحدى رائدات الأعمال الإماراتيات اللواتي برزن في مجال القيادة وتطوير ريادة الأعمال والتخطيط.
ونجحت شيماء في إحداث بصمة متفردة عبر تأسيس «جوسب ذا براند»، التي تعتبر العلامة التجارية الإماراتية متعددة المفاهيم التي توفر مجموعة من التجارب المبتكرة بدءاً من مجال الأطعمة الراقية مروراً بالأزياء ووصولاً إلى إدارة الفعاليات، مدعومةً بخبرة مهمة في مجالات حيوية أبرزها التمويل والرعاية الصحية والفن.
وما يميز سيدة الأعمال شيماء ليس كونها امرأة تمكنت من التواجد القوي في سوق الأعمال، وليس في تنوع مشاريعها الاستثمارية وحسب، فمن يعرف شيماء عن قرب يعلم جيدا أن هذه المرأة لا تكل ولا تمل عن تحقيق التميز والتفرد في نشاطها الاستثماري والذي دائما ما يكلل بنيلها للعديد من الجوائز العالمية والتي كان أهمها جائزة رواد القصر، لذلك فقد استحقت هذه السيدة وبجداره لقب صائدة الجوائز.
وترى الفواز أن سوق ريادة الأعمال في دولة الإمارات يشهد تطوّراً لافتاً ومتسارعاً، وفي هذا المجال خطت الدولة خطوات متقدّمة على درب الريادة العالمية مع وصولها إلى المركز الـ 26 في مؤشر ريادة الأعمال 2018، الصادر عن المعهد العالمي للريادة والتنمية في واشنطن والشبكة العالمية لريادة الأعمال، متقدمةً على دول كبرى على مستوى العالم. وتعتبر الإمارات من الدول الرائدة في خلق بيئة مشجعة على خوض غمار ريادة الأعمال، مقدمةً التسهيلات اللازمة لاحتضان الإبداع والابتكار وتمكين رواد الأعمال من إطلاق مشاريع ناشئة تؤهلهم للمنافسة بقوة إقليمياً وعالمياً.
وأوردت الفواز أن رحلتها للوصول إلى النجاح والتميز لم تكن بالأمر السهل، حيث بذلت جهوداً كبيرة خلال تقلدها مناصب إدارية واستراتيجية وقيادية في مختلف القطاعات في الدولة، قبل قيامها بتأسيس «جوسب ذا براند».
إذ سبق لها وأن تولت منصب نائب رئيس «شركة مبادلة للاستثمار للرعاية الصحية» ومنصب مديرة «عيادة كليفلاند» في أبوظبي، إلى جانب منصب مدير العمليات في المدرسة الأميركية في الشارقة، إحدى المؤسسات التعليمية الرائدة في الإمارات.
كما تولت شيماء منصب مدير الاستثمارات الدولية لدى «مركز دبي المالي العالمي»، نظراً لخبرتها الطويلة في مجالات التمويل والاستثمارات.
وشغلت شيماء أيضاً منصب مدير الأصول في مؤسسة «فيلا مودا» و«آرت دبي»، إلى جانب عضويتها في «مجلس سيدات أعمال الإمارات» و«مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم» و«جمعية المفتاح الذهبي للشرف العالمي» في واشنطن.
وكانت لشيماء مساهمات مشرّفة خارج الإمارات، من خلالها عملها في «المركز الوطني الطبي للأطفال في واشنطن،» الذي يعد واحداً من أكبر 10 مستشفيات للأطفال في الولايات المتحدة.
ولم تأتِ الإنجازات المهنية المتلاحقة التي تحفل بها مسيرة شيماء من فراغ، وإنما جاءت حصيلة التميز الأكاديمي الذي توّج بحصولها على شهادة الدكتوراه في علم الوراثة من «جامعة جورج واشنطن» في واشنطن، وشهادة الماجستير التنفيذي في إدارة الأعمال من «كلية لندن للأعمال».
وقدمت شيماء مثالاً يُحتذى به كونها رائدة أعمال إماراتية ذات حضور قوي ومؤثر في المحافل الإقليمية والدولية، عبر مشاركاتها الناجحة في أهم المؤتمرات المحلية والدولية حول الممارسات الصحيحة والسياسات المتعلقة برائدات الأعمال، أبرزها «القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة»، التي تم تنظيمها من قبل «مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة»، و«مهرجان الشارقة لريادة الأعمال»، الذي تم تنظيمه من قبل مركز الشارقة لريادة الأعمال «شراع»، و«قمة القيادة العربية الشابة».
وعن بدايتها، أكدت شيماء، الحاصلة على «جائزة المرأة العربية لفئة ريادة الأعمال»، أن مسيرة تأسيس مشروعها «جوسب ذا براند» بدأ مع استلهامها لهذه الفكرة من الخارج، حيث أصرت على تطبيقها داخل الدولة واستحداث علامة تجارية تستطيع منافسة المؤسسات العالمية، وتحافظ في ذات الوقت على تقاليد المجتمع الإماراتي، حيث تتخصص «جوسب ذا براند» في مجال المشروبات والأغذية وتقديم الاستشارات لإدارة الفعاليات.
كما قامت شيماء بإنشاء «جوسب كافيه وحلويات»، الذي ينضوي تحت «جوسب ذا براند»، حيث يتميز المقهى بإدخال النكهات الإماراتية التقليدية في الأطعمة الراقية، بما فيها المطبخ الغربي لضمان توفير تجربة غير مسبوقة في هذا المجال.
ولكونها رائدة أعمال ذات طموحات غير محدودة، افتتحت شيماء العديد من الفروع للمقهى في أنحاء دولة الإمارات، بما في ذلك فرع في متاجر الجرينة بالشارقة ومركز التسوق «جاليريا» في أبوظبي وبوكس بارك في دبي.
وتستند «جوسب كافيه وحلويات» إلى رؤية تهدف إلى توفير تجربة فريدة عبر تقديم تشكيلة متنوعة من المأكولات المقدمة بأسلوب أنيق، وقائمة متميزة تحتوي على مكونات الطبيعية والعضوية.
كما تتميز المحلات بتصميمها الفريد في تقديم وجبات الفطور والغداء والعشاء والشاي الفاخر في أجواء مفعمة بالرقيّ.
وتمتلك الشركة ذراعاً استشارية لإدارة الفعاليات حسب متطلبات العملاء، بالإضافة إلى توفير اختيارات متعددة ما بين تصميم الدعوات والجرافيك والديكورات، حيث تمكنت بالفعل من إدارة فعاليات العديد من العلامات التجارية المرموقة مثل ديور.
ولم تخل رحلة شيماء في عالم ريادة الأعمال من التحديات، على الرغم من النجاح الذي حققته لاسيما فيما يتعلق بالمنافسة القوية ضمن قطاع المشروبات والأغذية المحلي والعدد الكبير للشركات المحلية والإقليمية والعالمية في السوق، الأمر الذي دفع بها كما قالت إلى تقديم منتجات مبتكرة وبأسعار في متناول أيدي كافة شرائح المجتمع حتى تستطيع خوض المنافسة بنجاح.
وتؤكد شيماء بأنّ البدء بتطبيق استراتيجيات واضحة وخطط فعالة لتنويع الاقتصاد الوطني يمثل دفعة قوية باتجاه تعزيز نمو قطاع المشروبات والأغذية، في الوقت الذي تتجه فيه الدولة نحو تبنّي التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي الداعمة لنمو القطاع، وسط التوقعات وصول قيمة سوق تكنولوجيا الأغذية إلى 250.43 مليار دولار بحلول العام 2022.
حلول مبتكرة
قامت شيماء الفواز بالبحث عن حلول مبتكرة وإطلاق خطط فعالة لمواكبة تغيرات السوق وتلبية احتياجات المستهلكين مع الحفاظ على جودة المنتجات.
وواجهت أيضاً تحدياً آخر تمثل في توظيف أصحاب الخبرات الإدارية التي تستطيع قيادة المؤسسة من خلال تبني أفضل الممارسات والأدوات في المشروع، لكنها اكتشفت أن أغلبية أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة هم من الخريجين الجدد الذين يفتقرون إلى الخبرة العملية، إضافةً إلى أن الكوادر الموجودة تتبع الأساليب الإدارية التقليدية، لذلك قامت بتنفيذ مبادرات وبرامج تدريب تعزز من الخبرات المحلية في هذا المجال، بالإضافة إلى تبني أفضل الممارسات العالمية مع العمالة المحلية.
كما واجهت شيماء صعوبة في إيجاد المواقع المناسبة للفروع نظراً لارتفاع الإيجارات والتكاليف المتعلقة بالمنتجات الغذائية مثل خدمات الكهرباء والمياه.
ويبرز تعدد التشريعات والقوانين واختلافها لكل إمارة من بين التحديات التي واجهتها، إلا أنها تمكنت من إدارة الشركة وفروعها بما يتماشى مع القوانين المعمول بها محلياً واتحادياً.
وترى شيماء بأنّ الدعم الحكومي لريادة الأعمال يمهد الطريق أمام إنجاح المشاريع الناشئة، مؤكدةً بأنّ مشاريع المشروبات والأغذية خير برهان، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع نمواً متسارعاً وسط التوقعات باستقبال دبي لأكثر من 25 مليون زائر خلال معرض «إكسبو 2020 دبي» على مدى ستة أشهر.
وتنظر شيماء بتفاؤل حيال مستقبل القطاع، بالنظر إلى ما تتمتع به الإمارات من مقومات تنافسية، أولها الموقع الجغرافي المميز يجعلها بوابة لإعادة التصدير، حيث تقوم بتصدير 50% من وارداتها من المنتجات الغذائية إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
عدد اليوم
