سارة السناني: لست معاقة.. أنا «فارسة إرادة»

شمسة سيف (أبوظبي) كثيرة هي القصص التي تلهمنا، وتقف عالقة في الذاكرة فترات طويلة، لأشخاص جعلوا من الكفاح عنواناً للنجاح، ولم تزدهم عثرات الحياة إلا إصراراً وقوة في المضي قدماً لتحقيق أهدافهم، متجاوزين كل العقبات التي من شأنها أن تقف عائقاً أمام أحلامهم التي طالما رسمتها مخيلتهم، لتصبح اليوم حقيقة على أرض الواقع. على بعد 25 كيلومتراً من أبوظبي وعند المخرج 47 في اتجاه طريق أبوظبي العين، كنت على موعد مع بطلة أولمبية، وفي منطقة النهضة وقفت أمام المنزل رقم 195، لتحية فارسة نجحت في تحدي الإعاقة ورسمت لوحة زاهية عنوانها الصعود إلى منصة التتويج ورفع علم الإمارات.. هنا بطلة.. هنا فارسة.. هنا إرادة وهنا دعم قيادة ورعاية أسرة ساهمت في تحقيق الحلم الأولمبي. سارة السناني لاعبة المنتخب الوطني للمعاقين تجاوزت الصعاب وظفرت ببرونزية دفع الجلة فئة اف 33 في دورة الألعاب البارالمبية وكانت أول لاعبة في تاريخ الأولمبياد تحرز ميدالية للإمارات في تاريخ الأولمبياد. «أنا لا أعتبر نفسي معاقة، كلمة «معاق» يجب وصفها لأصحاب التفكير المحدود الذين لا يمتلكون أهدافاً حقيقية في حياتهم.. للفئة العاجزة عن تحريك عقولهم في كيفية استثمار أوقاتهم بكل ما هو مفيد، ومن يقول عنا إننا من ذوي الاحتياجات الخاصة، أود أن أقول له، نحن «فرسان الإرادة»، قهرنا المستحيل حتى تكون لنا الكلمة في إعلاء علم الإمارات عالياً في البطولات والمحافل المحلية والعالمية». بهذه الكلمات المؤثرة تحدثت بطلتنا الأولمبية سارة السناني في حوارها مع «الاتحاد» وسط أجواء عائلية مليئة بالفرح والفخر، لتحقيق ابنتهم ميدالية بالألعاب البارالمبية التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية مؤخراً، محققة إنجازاً جديداً في تاريخ مشاركات الفتاة الإماراتية. تمارس سارة السناني لعبة دفع الجلة منذ العام 2011 وقوفاً، ونظراً إلى خلل في التوازن عند الوقوف، قررت مع بداية 2016، أن تغير تصنيف اللعبة بالجلوس على الكرسي عوضاً عن الوقوف، وهو الأمر الذي مكنها من تحسين رقمها التأهيلي في فترة قصيرة جداً، قبل سبعة أشهر فقط من انطلاق المنافسات، والمشاركة في أولمبياد ريو للمعاقين. وقالت: «الحمد لله قرار تغيير التصنيف كان في محله، فبعد تغيير المسار وممارسة اللعبة جلوساً ارتفعت حظوظي في أن أصبح اليوم بطلة أولمبية، ويرجع الفضل من بعد الله عز وجل، إلى عائلتي التي تحدت إعاقتي، وحرصت على أن أتواجد في مراكز التأهيل والاندماج مع المجتمع وإكمال دراستي مع الأسوياء في المدارس الحكومية، وانخرطت في الأندية لممارسة هذه اللعبة ثم شاركت في البطولات التي تقام في الدولة وخارجها، لرد الجميل إلى عائلتي والوطن الداعمين مسيرتي منذ انطلاقها». وأضافت: «برونزية دفع الجلة فئة «إف 33»، كانت ثمرة الاستعداد المسبق للبطولة، والتمارين المكثفة على فترتين صباحاً ومساءً، في المعسكرات التي تم تنسيقها من قبل النادي واتحاد المعاقين، في كل من بولندا والتشيك، خصوصاً أنني حققت أرقاماً قياسية في التدريبات، وهو الأمر الذي سهل مهمتي الوطنية في الأراضي البرازيلية». وتابعت: «فرحتي عند تقليدي بالميدالية لا أستطيع وصفها في كلمات قليلة، بكيت بكاءً شديداً حينئذ، واقشعر بدني نتيجة الإنجاز الذي حققته خصوصاً عند رؤيتي علم الإمارات وهو يحلق عالياً». وقالت: «سعيدة أيضاً بالفضية التي حققتها نورة الكتبي، فما زلت أتذكر الكلمات التي وجهتها إليها قبل خوضها المنافسة، كنت على ثقة بأنها ستحقق ميدالية في منافسات ريو، وقبل البدء في اللعب، قلت لها «لا أريد أن أرى ملامح الخوف على وجهك، أنت قادرة على تحقيق الإنجاز وأنا موقنة أنك ستحرزين الفضية»، وبفضل من الله عادت إلى أرض الوطن بالمركز الثاني». من جهتها، أعربت والدة سارة السناني عن فخرها واعتزازها بما حققته ابنتها في الألعاب البارالمبية، وقالت: «جميل أن ترى أبناءك وبناتك يمارسون الرياضة بمختلف أنشطتها، وسبق أن أهدت إبنتي أروى ذهبية للإمارات، عندما شاركت في العام 2005، بالنسخة الأولى لبطولة مجلس التعاون لأم الألعاب للمعاقات، وحصولها على المركز الأول في سباق 100 متر إعاقة سمعية، أما بالنسبة إلى أشقاء أروى الأربعة، فكانوا حريصين على ممارسة كرة القدم لفترة من الزمن، نظراً إلى الالتزامات العائلية». وأضافت: «سأواصل دعم ابنتي سارة، في أن تكمل المسيرة التي بدأتها، إلى أن تحقق الذهبية بعد أربع سنوات من الآن في الدورة شبه الأولمبية المقبلة في طوكيو 2020». كلمات فخر واعتزاز أبوظبي (الاتحاد) عبرت سارة السناني عن فرحتها البالغة بعد الاستقبال الذي حظي به المنتخب الوطني لرياضة المعاقين من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وقالت:« الكلمات التشجيعية لصاحب السمو ولي عهد أبوظبي ستظل راسخة في ذهني، ومصدر اعتزاز وفخر، عندما أثنى على الإنجاز الذي حققته بحصد البرونزية». فيلم الشقيقة يلهب الحماس أبوظبي (الاتحاد) حرصت فاطمة شقيقة سارة السناني أن تقدم لشقيقتها دعماً معنوياً قبل خوضها المنافسة، فقامت بعمل مونتاج لفيلم في أول ملعب أولمبي في اليونان، مدة ست دقائق، يجسد إحساس شقيقتها، ابتداءً من الخروج من نفق المدرج ونزولاً للملعب، ووصولاً إلى منصة التتويج. وقالت فاطمة: المونتاج هو أقل ما أقدمه لشقيقتي سارة لدعمها وإزالة حاجز التوتر لديها، حتى تخوض المنافسة على خطى ثابتة، متيقنة بأن هناك من يقف خلفها ويدعمها، وعند رؤية سارة للمونتاج صباح يوم المنافسة، قامت بمراسلتي فوراً، موضحة بأنها بكت فور مشاهدتها للفيلم القصير، الذي زاد من حماسها وإصرارها في أن تجتهد وتقدم ما لديها لتحقيق الإنجاز المنتظر. البرونزية خطفت النجومية أبوظبي (الاتحاد) أهدى خالد السناني أحد نجوم مواقع التواصل الاجتماعي الإنجاز الذي حققته شقيقته سارة إلى القيادة الرشيدة وجميع المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، مفتخراً بالميدالية البرونزية التي حققتها في أولمبياد المعاقين في البرازيل. وقال: «سارة اجتهدت للوصول إلى ما كانت تطمح إليه، ولكل مجتهد نصيب، وأتمنى لها أن تواصل دائماً بهذا التألق والتميز لحصد المزيد من الإنجازات». وأضاف مازحاً: «كنت أظن أنني أحد نجوم التواصل الاجتماعي، ولكن بعد تحقيق سارة للبرونزية خطفت النجومية والأضواء وهي تستحق ذلك بكل تأكيد». من الأب إلى الابنة: شكراً أختي وأمي وصديقتي أكد محمد السناني والد سارة، أن ابنته رفعت رأسهم عالياً في المحفل الدولي الذي أُقيم في البرازيل، مشيداً بالجهود التي تبذلها القيادة الرشيدة للنهوض بالرياضة. وقال: أهدي هذه الميدالية إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأضاف: سارة فضلاً عن كونها ابنتي فهي بالنسبة إليّ أخت وأمّ وصديقة، تربطنا أكثر من علاقة الأب بابنته، لطالما كنت المرافق الأول لها في جميع رحلات العلاج، ورسالتي لها أن تواصل ممارسة الرياضة».